archive, الدول العربية

"حـســان".. حلم مسجد عظيم لم يكتمل

الأمير الموحدي يعقوب المنصور سعى لبنائه كأكبر مسجد في العالم الإسلامي ولكنه رحل دون أن يكتمل البناء فظل معلمًا أثريًّا لا تستقيم زيارة المغرب دون رؤيته.

06.11.2012 - محدث : 06.11.2012
"حـســان".. حلم مسجد عظيم لم يكتمل

سارة آيت خرصة

الرباط - الأناضول

أعمدة مرصوصة أو ما تبقى منها من حجارة صلدة.. صومعة ترتفع شامخة بعلو 44 مترًا دون منارة.. زينت بنقوش أندلسية ومغربية متقنة.. وحراس على أطلال أبواب المسجد بلباس تقليدي مغربي..

هكذا استقر مسجد "حسان" أبرز معلم أثري بمدينة الرباط، وأول ما يقصده الزائر للمدينة، ليشاهد حلم بناء مسجد عظيم لم يكتمل.

فبعد أن استطاع الموحدون (1121م- 1269م) تحقيق نصر مهم على ملوك قشتالة الإسبانية في معركة الأرك، وتوسيع ملك دولتهم لتمتد إلى الأندلس، أراد يعقوب المنصور- الأمير الموحدي القوي - أن يجعل من مدينة الرباط التي كانت خط دفاع وصد هجمات الإسبان، مدينة تخلد ذكرى ملكه، كما جعل يوسف ابن تاشفين مراكش عاصمة وأثرًا خالدًا لحكمه، وأن يبني مسجدًا يبلغ علو صومعته ثمانين مترًا ليكون بذلك أكبر مسجد في العالم الإسلامي.

لكن أيام حياته لم تطل ليرى مسجده يشيّد ويستقر على ربوة بالرباط، وحال الموت دونه واستكمال بناء مسجد "حسان"، الذي أقيمت منه بضعة جدران ومائتي عمود، ونسب اسم صومعته إلى المعماري الأندلسي الذي صممه والمدعو "حسان" حسب رواية التاريخ.

 أما الآثار الباقية من المسجد فتتحدث عن بناء أراد بانيه أن يكون شاسع المساحة، يصل طوله إلى 180 مترًا وعرضه إلى 140 مترًا ويقام على 400 عمود، تهاوت نصفها بعد الزلزال القوي الذي هزّ مدينة الرباط منتصف القرن الثامن عشر، وكانت لتجعل من المسجد آثارًا دارسة، لولا صمود صومعته.

وبالنمط المعماري الأندلسي بمختلف إبداعاته وفسيفسائه ونقوشه، يزين صومعة المسجد المشكلة من ست طبقات، التي استطاعت الصمود في وجه الزلزال.

مسجد حسان الأثري الذي شيّد بالقرب منه مسجد حديث يحاكي مبادئ العمارة الأندلسية والبناء المغربي، يضم أيضًا الضريح الملكي حيث يرقد جثمان الملك المغربي محمد الخامس (قائد معركة الاستقلال المغربي) وابنه الملك الحسن الثاني الذي أمر ببناء الضريح سنة 1962، ويرقد أيضا قبر الأمير "مولاي عبد الله" (ابن الملك محمد الخامس).

وداخل الضريح يجلس قارئ قرآن بجلبابه وطربوشه المغربي يتلو آيات من القرآن دون انقطاع طوال اليوم، فيما تتصاعد أدخنة البخور طيب الرائحة.

ولا يخلو الضريح من الزوار الذين يتوافدون عليه، يتحلق بعضهم حول شرفته يتلو آيات قرآنية ترحمًا، بينما يستسلم البعض الآخر للتحديق في روعة البناء الرخامي الذي يعلو سقفه قبة مهيبة زينت بالقراميد الخضراء من الخارج، فيما تفنن أكثر من 400 حرفي مغربي في تزيينها بنقوش وفسيفساء مغربية بالغة الدقة من الداخل.

وأمام مداخل الضريح الأربعة، كما أمام أبواب مسجد حسان الأثري يقف حراس بلباس "مخزني" تقليدي (لباس حراس القصر) يعتلون صهوات أحصنتهم حاملين بنادق، ليؤثثوا المكان بطابع تقليدي، تعكس روحانيته وعمقه التاريخي.

ولمسجد حسان مسجدان آخران شقيقان بنيا في نفس الفترة الزمنية (القرن الثاني عشر ميلادي)، وشيد الثلاثة الملك الموحدي يعقوب المنصور.

والمسجدان هما مسجد الكتبية بمراكش والمسجد الأعظم بصومعته الشامخة "الخيرالدا" وقد استكمل بناءهما قبل أن يرحل المنصور دون أن يشاهد صومعة حسان تبلغ أمتارها الثمانين، لكنها استطاعت أن تخلد كأحد أهم المعالم الأثرية في المغرب، لا تستقيم زيارته دون رؤيتها.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın