عرب موريتانيا وأزواد .. "ظهير" قبلي لمتمردي مالي (تحليل)
المسلحون الذي يخوضون معارك ضارية ضد الجيش المالي المدعوم بقوات فرنسية، شمال ووسط مالي، نجحوا في التغلغل داخل بعض تلك القبائل لتصبح ظهيرا لهم في المواجهة

سيدي ولد عبد المالك، إزيد بيه ولد محمدن
باسكنو(موريتانيا) - الأناضول
ينتمي عدد كبير من المسلحين في شمال مالي لقبائل عربية لها امتداد جغرافي بين إقليم أزواد بمالي وموريتانيا ما يمثل ظهيرا قبليا للمسلحين، بحسب متابعين للشأن المالي.
ويخوض هؤلاء المسلحون حاليا معارك ضارية ضد الجيش المالي، المدعوم بقوات فرنسية، شمال ووسط البلاد.
ويجسد سنده ولد بوعمامه المتحدث الرسمي باسم حركة "أنصار الدين"، أبرز الحركات المسلحة شمال مالي، خير مثال على ذلك، فبوعمامة يعتبر قياديا له وزنه القبلي داخل قبيلة "لبرابيش" وهي قبيلة عربية ممتدة بين مالي وموريتانيا.
كما أن امتداده في موريتانيا حاضر وبقوة، فهو خريج جامعة "نواكشوط"، ومارس التجارة لفترة طويلة في مدينة "باسكنو" الموريتانية على الحدود مع مالي، ومثله الكثيرون من قيادات الجماعات المسلحة القريبة من تنظيم القاعدة.
وبحسب خبراء في شؤون غرب إفريقيا، يشكل التداخل القبلي بين موريتانيا وإقليم أزواد أحد أبرز الملامح الاجتماعية لخريطة المنطقة، وتعتبر قبائل (لبرابيش، كنته، أولاد داود، تجكانت) أكبر القبائل العربية بإقليم أزواد التي تتمتع بامتدادات في موريتانيا.
وتمتد خريطة التداخل القبلي الموريتاني - الأزوادي بمناطق واسعة من الحدود الموريتانية المالية والمناطق المحاذية لها.
ويرى الخبراء أن فهم تلك التركيبة الاجتماعية المعقدة ساهم في اختراق التنظيمات المسلحة قوميات الإقليم من العرب والطوارق بسهولة ويُسر.
وبنظرة معمقة للخريطة القبلية لعرب أزواد يلاحظ أن الجماعات المسلحة المسيطرة على الإقليم نجحت إلى حد ما في التغلغل داخل بعض قبائل عرب أزواد وأخفقت في اختراق بعضها الآخر.
فعلى سبيل المثال تعتبر قبيلتي (لبرابيش ، أولاد داود) من القبائل العربية في الإقليم التي تشكل ظهيرا للجماعات الإسلامية المسلحة، فحركة "أنصار الدين" ورغم أن غالبية المنخرطين فيها من الطوارق إلا أن قبيلة"لبرابيش" هي الأخرى لا تقل عنها في الحضور القوي داخل هذه الحركة.
ويشكل هذا التداخل القبلي عمقا أساسيا لقبائل عرب أزواد في ظل التوترات الحالية التي تعيشها المنطقة.
فحدود التقسيم الجغرافي التي رسمها الاستعمار الفرنسي بين موريتانيا ومالي لم تنجح في فك أواصر القرابة والنسب بين عرب أزواد وعرب موريتانيا، بحسب المتابعين للشأن المالي.
ويظهر التداخل القبلي في ما يعرف بازدواجية الجنسية، فلا غرابة أن يوجد داخل الأسرة الواحدة من يحمل الجنسية الموريتانية وآخر يحمل الجنسية المالية أو من يحمل الجنسيتين معا. ولازدواجية الجنسية أسبابها المتعددة، فمنها المصالح والتجارة بين البلدين، كما أن منها البعد الاجتماعي المتداخل.
وجاء ارتفاع معدلات نزوح بعض سكان أزواد في مالي إلي موريتانيا خلال العقدين الماضيين لتزيد من التداخل الحاصل.
ويعتبر هذا التداخل القبلي والترابط الاجتماعي سر محورية الدولة الموريتانية في قضية الإقليم المضطرب منذ استقلال الدولة المالية حتى الآن.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.