"عمود السواري" بالإسكندرية يخشى "الانحناء" أمام الإهمال
بنظرة يشع منها الحسرة والأسى، ينظر السائح البرازيلي "تروجيليو" إلى "عمود السواري" والمنطقة المحيطة به في مدينة الإسكندرية الساحلية.

الإسكندرية (مصر)/الأناضول/ أحمد الشيمي ـ بنظرة يشع منها الحسرة والأسى، ينظر السائح البرازيلي "تروجيليو" إلى "عمود السواري" والمنطقة المحيطة به في مدينة الإسكندرية الساحلية، شمال مصر، وقد تراجع بريقه الأثري، وبات يخشى "الانحناء" أمام زحام الباعة الجائلين والبنايات السكنية العشوائية التي يسارع أصحابها في بنائها، مستغلين حالة الفراغ الأمني بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني.
و"عمود السواري" يعد من أعلى النصب التذكارية في العالم، إذ يبلغ ارتفاعه نحو 27 مترًا، ويزن 500 طن، ويعود إلى حقبة حكم الرومان الذين نقلوه من محاجر مدينة أسوان، جنوب مصر، إلى الإسكندرية؛ تخليدًا للإمبراطور دقلديانوس.
و"عمود السواري" هو أحد بقايا معبد "السيرابيوم" التي أقيم خلال الحقبة الرومانية في مصر (30 ق.م - 641 م).
وإضافة إلى "عمود السواري" تبقى من معبد "السيرابيوم" مكتبة ذات أرفف محفورة في الصخور ويمكن الوصول إليها عبر أحد الأنفاق التي تؤدي أيضا إلى تمثال للعجل المقدس لدى المصريين إيبو (أبيس).
كما يوجد بجوار "عمود السواري" وضمن بقايا معبد "السيرابيوم" تمثالان مشابهان لتمثال أبي الهول المجاور للأهرامات الثلاثة في محافظة الجيزة (جنوب القاهرة) مصنوعان من الجرانيت الوردي يرجع تاريخهما إلى عصر بطليموس السادس في حقبة الحكم اليوناني، على أحدهما نقش للملك المصري حور محب من الأسرة 18.
لكن الآن، استغل تجار العقارات حالة الفراغ الأمني التي تعاني منها محافظات مصر، وقاموا بتشييد عمارات سكنية حديثة في محيط "عمود السواري" والتي يفتقر الغالب منها إلى أناقة الطراز المعماري الذي يليق بصورة المعلم الأثري.
وهذه الأبنية شاهقة الارتفاعات والأخرى قيد الإنشاء طغت على متعة الرحلة التي حرص على القيام بها أحد السائحين الشغوفين بحضارة الرومان بعدما قرأ أن الأوروبيين أطلقوا عليه بالخطأ خلال الحروب الصليبية اسم عمود "القائد بومبي" الذي فرّ هاربًا إلى مصر؛ خوفًا من القائد الروماني يوليوس قيصر، اعتقادًا منهم بأن المصريين قتلوه في هذا المكان.
بيدرو تروجيليو، سائح برازيلي، حضر إلى الإسكندرية بهدف الاستمتاع بمعالم الحضارة الرومانية، ومن بينها "عمود السواري"، لكن عشوائية منطقة كرموز جعلته يأسف لحال الأثر الذي وصفه بـ"المهمل".
ويقول تروجيليو: "كما نشاهد هنا أثرًا شديد العجب، حيث هذا العمود الضخم المصنوع من قطعة حجرية واحدة، ولكن أشعر بالشفقة؛ لأن هذا المكان محاط تماماً بالبنايات التي تجعل الأمر محزنًا؛ لأنها ليست بنايات أثرية، ولكنها بنايات حديثة تجعل منظر المكان ليس على ما يرام".
ووجّه رسالة إلى الرئيس المصري، محمد مرسي، بضرورة اتخاذ قرارات سريعة للحفاظ على نظافة الأماكن الأثرية؛ لما تمثله من أهميه تاريخية، ليس فقط للمصريين، ولكن لكل العالم.
ولم يقتصر التعدي على "عمود السواري" من جانب تجار العقارات فحسب، لكن الباعة الجائلين افترشوا مدخل هذا المزار السياحي ليعرضوا بضاعاتهم من ملابس وأدوات كهربائية وغيرهما، متسببين في اختناقات مرورية طيلة أيام الأسبوع؛ وهو ما جعل العديد من السياح يعزفون عن زيارة المكان؛ لما يتعرضون له من مضايقات.
كما كان لسائقي سيارات الأجرة المعروفة في مصر باسم "الميكروباص" دور كبير في تشويه صورة منطقة "عمود السواري" الأثرية؛ حيث اصطفت سياراتهم على بعد مترين فقط من مدخله الرئيسي في صورة تهين حق هذا الأثر.
ويقول ميمي الريان، أحد سكان منطقة عمود السواري، إن الرقابة على هذا المعلم الأثري قلت بشدة بعد الإطاحة بنظام حسني مبارك قبل عامين، وهو ما جعل الفرصة سانحة أمام الباحثين عن المال من تجار العقارات الذين استولوا على حرم "عمود السوارى" ليقيموا عليه أبراجًا سكنية بمواصفات إنشائية متواضعة؛ ما يشكل تهديدًا لمستقبل هذا المعلم الأثري إذا ما انهارات عليه إحدى هذه الأبراج.
وأضاف الريان: "الحالة دلوقتي (الآن) اختلفت بعد الثورة، لا أحد يأتي لزيارة المكان.. الكل قلق بسبب عدم الاستتباب الأمني.. الحياة بايظة (فاسدة) هنا".
وتعد السياحة أحد أهم مصادر الدخل القومي المصري، حيث تمثّل 40% من إجمالى قيمة صادرات الخدمات، لكنها تعاني من ركود شديد بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، حيث الانفلات الأمني وعدم الاستقرار السياسي.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.