archive, الدول العربية

مدينة "شالة".. ذاكرة حضارات المغرب

تعاقبت عليها حضارات الرومان والفينقيين والعرب.

13.02.2013 - محدث : 13.02.2013
مدينة "شالة".. ذاكرة حضارات المغرب

سارة آيت خرصة

تصوير: جلال المرشيدي

الرباط– الأناضول

فيما مضى كانت مدينة عامرة تعاقبت عليها حضارات الرومان والفينيقيين والوندال (إحدى القبائل التي حكمت المغرب قديمًا) والمورسكيين، واليوم صارت مقبرة تأوي أضرحة ملوك تعاقبوا على حكم المغرب.

إنها مدينة "شالة" الأثرية (جنوب العاصمة المغربية الرباط) وإن هجرها أهلها الذين أقاموا فيها في حقب تاريخية مختلفة، لكن أسوارها وحدائقها وما تبقى من بناياتها التاريخية ما زالت تحفظ ذاكرتهم وذكراهم.

ويعود بناء "شالة" إلى القرن السادس قبل الميلاد، وتعد من بين أقدم المواقع الأثرية في المغرب، وشاهدًا تاريخيًّا على تعاقب حضارات مختلفة على بلاد المغرب الأقصى، حيث أقامها الفينيقيون بداية كمركز تجاري على شواطئ المحيط الأطلسي، وفي القرن الثالث الميلادي استوطنها التجار الرومان وكانت مرفأ ترسو على ضفافه مراكبهم التجارية.

على جدران قلعتها وعلى أسوارها، يتبدى تعاقب الثقافات على هذه الحاضرة الغابرة "شالة".. أقواس رومانية ونقوش تعود لزمن المرابطين.. ومسجد "يمنارة" بفسيفساء أندلسية وبباحة فسيحة وحديقة سامقة الأشجار بناه الملوك المرينيون (نسبة إلى بني مرين الذين حكموا بلاد المغرب العربي في المدة من 1244 – 1465م)، والذين اختاروا لهذه المدينة التاريخية أن تكون مستقرهم الأخير.. وفيها دفنوا وأقاموا "مقبرة الشرفاء".

"شالة"، المشرفة على نهر "أبي رقراق" والمطلة على مصبه إلى المحيط الأطلسي، تتزين بمنارة مسجدها وبجواره مدرسة عتيقة كان يتلقى فيها أهل العلم الدروس، ففيها كان يختلي الشعراء والأدباء لتدوين إبداعاتهم، فرباها المجاورة لنهر "أبي رقراق" وخضرة أرضها كانت مصدر إلهامهم وعنها نظموا قصائد وأشعارًا.

وعلى أطلال الرومان والفينيق، وآثار خلفها من عبروا هذه المدينة الأثرية من مماليك حكمت المغرب الأقصى لفترات مختلفة، أعاد ملوك الدولة المرينية لـ"شالة" تألقها، وفيها أقاموا حديقة على الطراز الإسلامي الأندلسي فالمدينة سجلت تاريخ كل من مروا على أرضها بداية بالفينيق وحتى المورسكيين (المسلمون الذين ظلوا بإسبانيا بعد سقوط الأندلس) التي قدموا إليها وإلى جارتها "الرباط" لاجئين بعد سقوط دولتهم.

والجائل في مآثر "شالة" ستبسط له هذه المدينة ما تكتنزه من تحف آثرية دون أن تنسب لنفسها الانتماء إلى أي ثقافة غير الثقافة الإنسانية.

فهناك مسجد "أبو يوسف يعقوب" الذي أقامه هذا الأمير المغربي على أنقاض بناية رومانية قديمة، وهناك من يقصد حوض الحوريات" المليء بأسماك "النون".

وحوض الحوريات ملىء بالأساطير التاريخية والحكايات التي تضفي عليه طابعًا مقدسًا، ففي صدر كل زائر أمنية يتمنى أن تتحقق، ويكفيه على ما تقول الخرافة أن إلقاء قطعة معدنية والهمس صادقًا قد يحقق مراده.

وقبل أن يقيم المرابطون حصن "رباط الفتح" (الموقع الاستراتيجي للدفاع عن واجهة المغرب على المحيط الأطلسي ضد غزوات المعتدين والذي اتخذت منه العاصمة المغربية لقبها) بنيت مدينة شالة.

ولم تطغ الشهرة التي اكتسبتها الرباط في حقب تاريخية لاحقة من شهرة وتأثير "شالة" التي لا تزال تحتفظ بشواهد تاريخية تؤكد أنها كانت موطأ القدم الأولى لمن قدموا بحرًا إلى المغرب وعمروا أرضه وتركوا عليها بعضًا من آثارهم.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın