الشيخ الفلاحي: مظاهرات العراق السلمية "كفلها القانون والدستور"
قال الشيخ محمود الفلاحي إن المظاهرات التي تشهدها كثير من المدن العراقية منذ ما يقرب من 3 شهور تندرج ضمن "المظاهرات السلمية التي كفلها القانون والدستور العراقي".
بغداد – سوسن القياسي
قال الشيخ محمود الفلاحي مدير الإرشاد الإسلامي في ديوان الوقف السني العراقي إن المظاهرات التي تشهدها كثير من المدن العراقية منذ ما يقرب من 3 شهور تندرج ضمن "المظاهرات السلمية التي كفلها القانون والدستور العراقي".
جاء ذلك في حوار خاص أجراه الفلاحي مع مراسلة وكالة الأناضول للأنباء، وشدد خلاله على "سلمية" هذه التظاهرات وعلى "ضمان حرية التعبير وحق التظاهر".
وحول سبل الخروج من الأزمة الحالية في العراق، قال المسئول في ديوان الوقف السني: "هناك حلقة مفقودة بين المتظاهرين وبين الدولة العراقية، وإذا استطعنا أن نقف عند هذه الحلقة المفقودة، واستطعنا ان نشخص الحاجة التي يريدها المتظاهر، وموقف الدولة ومسؤوليتها تجاه الشعب العراقي، استطعنا أن نصل إلى استقرار البلد وإلى وحدة الكلمة والصف".
وتمنى في هذا الصدد أن يستخدم كل علماء الدين وكل رجال السياسة "الخطاب المتزن، والخطاب الهادف في سبيل أن نصل إلى وحدة هذا البلد وإلى تحقيق الحرية والمساواة والعدالة لكل أبناء الشعب الكريم".
ومنذ 23 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، يشهد العراق تظاهرات واسعة في المحافظات الشمالية والغربية، للمطالبة بإسقاط حكومة المالكي، وإجراء تعديلات قانونية، والتوقف عن ملاحقة سياسيين سنة والإقصاء السياسي لأغراض طائفية، وإطلاق سراح معتقلين في السجون دون محاكمات، وإجراء إصلاحات في الجيش والأمن وتوفير الخدمات.
وفي إطار وحدة الصف العراقي، تطرق الفلاحي إلى مسألة الحوار بين الأديان في العراق، وأشار إلى أنه هو المسئول عن هذه المهمة في ديوان الوقف السني.
وقال: "قمنا (في ديوان الوقف السني) بعقد مؤتمرات عديدة حول هذه المسألة في جامع أم القرى في بغداد برعاية فضيلة الدكتور أحمد عبدالغفور السامرائي رئيس الديوان وعدد من الأخوة المسؤولين في الديوان وحضروه رجال الدين المسيحيين".
وأضاف: "عندنا اليوم السبت لقاء هام جدا مع الأخوة المسيحيين في كنيسة مار يوسف في (منطقة) المنصور (ببغداد)، كما قمنا بزيارات لسفير بابا الفاتيكان في العراق".
وشدد على أن الحوار بين الأديان في العراق "هو الطريق الذي نسعى إليه، وسنبقى إن شاء الله نسعى إليه"، لافتا إلى أن "ديوان الوقف السني كون روابط قوية جدا مع ديوان الوقف المسيحي؛ وذلك من أجل نشر مفاهيم الاخوة الانسانية التي جاء بها الإسلام؛ فكل إنسان أخ لي مهما كان دينه، ومهما كانت صورتة، ومهما كان مذهبه، هو أخ لي في الانسانية، وأخ لي في المواطنة، واخ لي في التعايش السلمي".
وردا على سؤال بشأن عدم صدور فتوى موحدة لرجال الدين من مختلف المذاهب العراقية حول حرمة سفك الدم العراقي، أكد الفلاحي أن جميع الفتاوى التي صدرت في العراق منذ الاحتلال الأمريكي في مارس/ أذار 2003 وحتى يومنا "تحرم الدم العراقي".
وقال: "أنا شخصيا حضرت عشرات المؤتمرات في العراق في بغداد والنجف والأنبار وغيرها من المناطق العراقية، وكلها أجمعت على حرمة الدم العراقي سواء صدرت من المرجعيات السنية أو الشيعية، ولا يوجد عندنا رأي مخالف للقول بأن الدم العراقي والدم الإنساني ودم المسلم كلها حرام ولا يجوز الاعتداء على أي انسان سواء كان مسلما أو غير مسلم".
وبخصوص الموقف المسيحي من هذه القضية، قال: "نحن في ديوان الوقف السني لدينا علاقات رائعة مع ديوان الوقف المسيحي والمرجعيات المسيحية، ونحن في تواصل مستمر معهم، وآراءنا كلها متفقة على حرمة الدم العراقي".
واعتبر أن الإجماع على حرمة سفك الدم العراقي والإنساني بصفة عامة "كان له الفضل - بعد فضل الله تعالى - في القضاء على الإرهاب وعلى الخارجين عن القانون بكل أنواعهم وأشكالهم".
وفي هذا الصدد، وجه المسئول في ديوان الوقف السني بالعراق نداء إلى "أبناء الشعب العراقي الذين يدينون بالدين الاسلامي والدولة العراقية التي تدين بالدين الاسلامي وكل الدول العربية التي تدين بالدين الاسلامي إلى أن نتحاكم بالدين ونصون حريات الناس ونحقق العدالة وأن نقضي على كل مصادر الإرهاب ومصادر الفتن التي اذا دخلت في أي بلد من بلدان العالم فانها تهلك الحرث والنسل".
وشدد على أن "الإرهاب ليس في صالح أي بلد من البلدان العربية والاسلامية؛ لذلك أتمنى أن يكون الخطاب الديني في العراق أو الدول المجاورة خطابا متزنا، ويهدف إلى توحيد الكلمة وجمع الصف وتحقيق مصالح هذا الشعب (العراقي) الكريم وكل الشعوب العربية والاسلامية".
في سياق آخر، أبدى الفلاحي تحفظات على فتوى تحريم التعامل مع البضائع الإيرانية التي أصدرها مفتي الديار العراقية رافع الرفاعي مؤخراً.
وفي تعليقه على هذه الفتوى، قال: "حقيقة لا أعرف مدى شرعية مثل هذا الكلام في العراق أو في أي بلد من بلاد العالم الاسلامي أو حتى غير الاسلامي".
وأضاف: "ايران كغيرها من الدول الأخرى بلد مسلم ودولة اسلامية مجاورة للعراق لها حق الجوار، ولدينا معها مصالح مشتركة في مجالات عدة مثل: السياسة، والاقتصاد، والدين، والثقافة".
وتابع: "العراق يمر بظروف صعبة جداً؛ لذا فأنه بحاجة ماسة إلى خطاب متزن من السياسيين ورجال الدين بالشكل الذي يخدم مصلحة البلد في تحقيق الأمن والأمان وليس التصعيد من شدة الأوضاع".
وشدد الفلاحي على ضرورة عدم الخلط بين السياسة والظروف الحياتية التي يمر بها شعب العراق، وقال في هذا الصدد: "ربما هناك ظروف سياسية تملي على رجال السياسة في خطاباتهم وفي كلامهم وفي فتواهم ، لكننا كأهل فتوى لا نخلط بين السياسة وبين أرزاق البشر والظروف الصعبة التي يمر بها شعب العراق".
وأوضح: "البضائع الايرانية وغير الإيرانية تملأ الأسواق العراقية وتشكل حاليا جانبا هاما من أرزاق الشعب العراقي، واذا تم سحب هذه البضائع من أسواقنا، فلن يبق عندنا شي خاصة نحن اننا نواجه تعثرا في النشاط الزراعي والصناعي".
ولفت إلى أن الرسول محمد خاتم المرسلين "كان قدوة في هذا الموضوع؛ فعندما حاصرته قريش مع من أسلموا اقتصادياً واجتماعياً ودينياً في مكة المكرمة، لم ينتقم منهم في يوم من الايام، ولم يصدر بحقهم أي أمر بالمقاطعة الاقتصادية والاجتماعية، وإنما ترك هذا الأمر إلى الناس وإلى واقعهم".
وخلص إلى أنه "لا يميل" لفتوى تحريم التعامل مع البضائع الإيرانية "كثيرا"؛ حيث "لا يخلط بين السياسة وبين أرزاق البشر".
وقال مشددا: "نحن في مرحلة مهمة جدا في هذا البلد، نحتاج من السياسين خطاب متزن يخدم مصلحة البلد، ونحن كذلك بأمس الحاجة لأن يقوم علماء الدين بترشيد الخطاب الديني، واستخدام خطاب هادف نصل به الى شاطئ السلامة، لا نحتاج إلى خطاب طائفي وخطاب تحريضي، ولا نحتاج إلى أي نوع من الخطابات التي تفسد حياة الانسان".
وكان مفتي الديار العراقية رافع الرفاعي قد أصدر الشهر الماضي فتوى شرعية تدعو وزارة التجارة والتجار العراقيين الى تحريم استيراد البضاعة الايرانية او تداولها على خلفية تدخل الحكومة الايرانية بالشأن الداخلي للعراق.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.