مساجد طرابلس شاهدة على التاريخ العثماني بلبنان (فيديو)
لا تزال مدينة طرابلس، شمال لبنان، تحتفظ بطرازها الأثري من حيث العمارة والتصميم الذي يعتبر وثيقة على مزج الحاضر بالتاريخ لما فيها من معالم أثرية لعل أبرزها مساجدها العريقة.
آية الزعيم
بيروت-الأناضول
لا تزال مدينة طرابلس، شمال لبنان، تحتفظ بطرازها الأثري من حيث العمارة والتصميم الذي يعتبر وثيقة على مزج الحاضر بالتاريخ لما فيها من معالم أثرية لعل أبرزها مساجدها العريقة.
طرابلس أو عاصمة محافظة الشمال كما يطلق عليها البعض تعتبر ثاني أكبر مدن لبنان بعد بيروت تقع على بعد 85 كم إلى الشمال من العاصمة كما تبعد عن الحدود السورية نحو 40 كم.
مساجد السوق القديم في المدينة التي يقبل سكانها على الصلاة بها بعد سماع أصوات الأذان التي تصدح من مآذنها الكثيرة في المنطقة تعتبر مرآة لتاريخ عريق مر عليها.
ففي وسط السوق، يعد المسجد المنصوري الكبير أحد أهم المساجد في طرابلس وأكبرها على الإطلاق تم تأسيسه على يد السلطان الأشرف خليل قلاوون في العام 1294م في عهد المماليك.
وشيّد قلاوون المسجد المنصوري الكبير في وسط مدينة طرابلس القديمة بين الأزقة التاريخية ليصبح اليوم أحد أهم المعالم الأثرية والمعمارية في المنطقة العربية.
وعن تاريخ المسجد، يقول علي خواجة، مرشد سياحي، لمراسلة الأناضول، إن "ابن السلطان المنصور قلاوون، الأشرف خليل من أمر بإنشاء المسجد الكبير، وتم إنجاز حينها بيت الصلاة والباب الرئيسي والمئذنة".
وتابع "الناصر محمد بن قلاوون، الابن الآخر للسلطان المنصور بعد 22 عاما من بناء المسجد، أضاف له الأروقة، أما المنبر الخشبي المليء بالزخارف الهندسية الإسلامية فأمر ببنائه الأمير شهاب الدين قرطاي بن عبدالله الناصري نائب السلطنة في طرابلس، بحسب خواجة.
ويمضي خواجة قائلا إن "للمسجد الكبير الأثري باحة واسعة تتوسطها بركة مياه صغيرة كانت تستخدم للوضوء كما أن لديه 4 أبواب رئيسية".
ويذكر خواجة أن للعثمانيين أثرًا بالمسجد الكبير حيث إن لمستهم لاتزال واضحة الملامح لعل أبرزها غرفة "الأثر الشريف" لاحتوائها على شعرتين من أثر النبي محمد (عليه الصلاة والسلام) أهداهم السلطان عبد الحميد الثاني إلى الطرابلسيين تقديرًا لولائهم للسلطنة العثمانية في تلك الحقبة.
ودخلت مدينة طرابلس تحت السيادة العثمانية حين انتصر الأتراك على المماليك في معركة "مرج دابق" سنة 922 هـ/ 1516م.
وكان للعثمانيين دور كبير في إعادة إعمار مدينة طرابلس ومضاعفة عدد مساجدها ومدارسها لتتسم جميعها بالطابع العثماني العريق.
ويحيط بالمسجد الكبير عدد من المدارس كانت مهمتها تعليم القرآن الكريم في ذلك الوقت، لكن اليوم أغلق بعضها وتغيرت مهام البعض الآخر.
ويستقطب هذا الجامع يوميًّا سياحًا من كافة أنحاء العالم للتمتع بأهم ما تركته العصور السابقة.
كما يحتفظ المسجد، حتى اليوم، بالساعة الشمسية والتي كانت تستخدم بالسابق لمعرفة مواعيد الصلاة عبر ملاحقة الظل المنعكس جراء شروق الشمس.
هناك أيضا جامع التوبة حيث بني في عصر المماليك على يد السلطان الناصر محمد بن قلاوون في العام 1315 م وجُدد في عهد بني سيفا في العصر العثماني عام 1612.
ويشبه مسجد التوبة الجامع المنصوري الكبير ولكنه أصغر منه، له بابان كما يتضمن لوحة مملوكية، وأخرى عثمانية.
أما جامع طينال فيعد من أجمل وأفخم جوامع طرابلس ولبنان، بناه الأمير سيف الدين طينال الأشرفي الحاجب عام 1336م.
يتميز هذا المسجد بحسب المرشد خواجة بمئذنته ذات السلمين اللولبين والتي تحجب الرؤية بين الصاعد والنازل.
ويتألف مسجد طينال من بيتين للصلاة بينهما بوابة من الرخام والتي تعتبر تحفة فنية بذاتها من خلال زخرفتها وهندستها العريقة.
وهناك مسجد "المعلق"، الذي يعود للعصر العثماني، بناه محمود لطفي الزعيم في العام 1556م، تعود تسميته هذه لوجوده فوق صف من الدكاكين المحيطة في السوق القديم حيث يصعد إليه بالدرج.
إضافة إلى ما ذكر من مساجد، هناك عشرات أخرى تزخر بها مدينة طرابلس لتضفي على أزقتها الضيقة نكهة خاصة، مدموجة بمختلف العصور منها "جامع شرف الدين" و"جامع الحميدي".