الدول العربية, التقارير

"بغداد الأناضول".. جمال طبيعي وإرث تاريخي يجذب الزوار (تقرير)

ـ ولاية "أماسيا" أو مدينة الأمراء، برزت في تاريخ تركيا باعتبارها المدينة التي خرج منها الملوك والأمراء

12.10.2019 - محدث : 12.10.2019
"بغداد الأناضول".. جمال طبيعي وإرث تاريخي يجذب الزوار (تقرير)

Istanbul

أماسيا /سمرا أورقان، خليل دمير / الأناضول

ـ ولاية "أماسيا" أو مدينة الأمراء، برزت في تاريخ تركيا باعتبارها المدينة التي خرج منها الملوك والأمراء
ـ تضم متحفا يعرض أعمالا تنتمي إلى 13 حضارة، مثل العصر البرونزي، والحثيين، والفرس، والرومان، والبيزنطيين، والسلاجقة، والعثمانيين
ـ تتمتع بإمكانات اقتصادية وتعليمة جذبت العلماء قديما، وكانت سببا في إطلاق اسم "بغداد الأناضول" عليها

مدينة أماسيا التركية، أو كما تعرف بـ "بغداد الأناضول"، و"مدينة الأمراء"، احتضنت على أرضها العديد من الحضارات، بداية من الحثيين مرورا بالفرس، ومن الرومان إلى العثمانيين، وهي تتحرق شوقا في كل وقت وحين لاستقبال زوارها للاستمتاع بجمالها الطبيعي والتاريخي.

وتقع المدينة بين الجبال فوق ساحل البحر الأسود، عند واد ضيق يسمى "هرشينا"، يقع على ضفاف نهر "يشيل إيرمق"، وهي عاصمة ولاية أماسيا.

المدينة يتوسطها نهر "يشيل إيرمق" الذي يتدفق متعرجا بين صخرتين عملاقتين، ولقد برزت في تاريخ تركيا باعتبارها المدينة التي خرج منها الملوك والأمراء، حيث كانت مركزا لتدريبهم قديما وإعدادهم للدولة العثمانية، كما كانت أول مدينة تنطلق منها شرارة الكفاح الوطني أو حرب الاستقلال (1919 ـ 1922).

ولا شك أن كل ركن من أركان المدينة يفوح بعبق التاريخ، إذ أنها تشبه المتحف المفتوح في الهواء الطلق، وبجمالها الطبيعي والثقافي وتاريخها تصيب زوارها بالحيرة والدهشة والانبهار.

وأول مكان يتبادر إلى الذهن عند ذكر مدينة أماسيا، هو المقابر الصخرية الملكية التي ترجع إلى فترة البونتوس، وانضمت هذه المقابر إلى القائمة المؤقتة لمواقع التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، في 2015.

وتعد المقابر المحفورة في الصخور التي يبلغ ارتفاعها 100 متر عن النهر الذي يمر أسفله، من أبرز المعالم السياحية في أماسيا، من خلال شكلها المعماري.

ويبلغ عدد القبور المبنية على الصخور الكلسية المحيطة بوادي "يشيل إيرمق" 21، تم بناؤها على السفوح الجنوبية لجبل "هرشينا" من أجل ملوك مملكة "بونتوس" أو البنطس، التي استمرت من 333 قبل الميلاد إلى 23 قبل الميلاد. ويتوسط تلك المقابر سلالم وطرقات.

وثمة جمال آخر في المدينة تعكسه البيوت التقليدية التي تعود لعهد العثمانيين، المتراصة على ضفتي نهر "يشيل إيرمق" ، التي بنيت على جدران أسوار تاريخية بالطوب الطفلي بين جدران خشبية.

وتحوي تلك المنازل جميع ميزات البيوت العثمانية التقليدية، لتتناغم مع الهوية التاريخية لأماسيا.

أما متحف الآثار بأماسيا فيعرض أعمالا تنتمي إلى 13 حضارة، مثل العصر البرونزي، والحثيين، والفرس، والرومان، والبيزنطيين، والسلاجقة، والعثمانيين.

وثمة جزء في هذا المتحف يعرض المومياوات الخاصة بثمانية أشخاص، بينهم 4 أطفال يقال إنهم عاشوا في عهد الدولة الإلخانية (دولة مغول فارس 1256 ـ 1335)، ويلقى هذا الجزء إقبالا كبيرا من زوار المدينة.

أما متحف "صابونجو أوغلو شرف الدين" لتاريخ الطب والجراحة، فيلفت الانتباه بكونه الأثر الوحيد الذي استطاع الصمود حتى يومنا هذا، رغم أنه من بقايا عهد الدولة الإلخانية.

وكان هذا المكان بمثابة مستشفى تم إنشاؤه من قبل شخص يدعى عنبر بن عبد الله، بين عامي 1308 ـ 1309، باسم السلطان محمد أولجايطو، حاكم الإلخانيين، وزوجته أودوز خاتون.

ومن بين الأماكن الجديرة بالمشاهدة والزيارة في أماسيا أيضا، متحف الأمراء الذي تم افتتاحه عام 2007، ويضم تماثيل للسلاطين العثمانيين الذين قضوا فترة تدريبهم على حكم الدولة وهم أمراء في تلك المدينة، ويمتاز البناء بالعمارة العثمانية المعروفة.

"كلية بايزيد الثاني" تعتبر هي الأخرى من الأماكن التي تلقى إقبالا في أماسيا، وقد أمر والي المدينة الأمير أحمد، بين عامي 1481 ـ 1486، بإنشائها باسم أبيه بايزيد الثاني، وتتكون الكلية من جامع، ومدرسة، وميضأة.

كما أن بالمدينة ثكنة عسكرية تسمى "ثكنة سراي دوزو" التي تحمل أهمية تاريخية كبيرة، حيث استخدمها مصطفى كمال أتاتورك، حين جاء إلى أماسيا عام 1919، وكتب في هذا المقر "تعميم أماسيا" الذي أرسله أتاتورك إلى المناطق المجاورة، وذلك إبان حرب الاستقلال، ويستخدم حاليا مركزا ثقافيا.

ومن المعالم الأخرى التي تشتهر بها أماسيا، ويحرص الزوار على الذهاب إليها لمشاهدتها، ما يعرف بين الناس باسم "قناة فرهاد المائية"، التي تم حفرها لتلبية احتياجات المدينة القديمة من المياه.

وتأتي التسمية نسبة إلى "فرهاد" بطل الأسطورة الفارسية التي تقول إنه قام بهدم جبال من أجل شق قناة مائية، حتى يتسنى له الزواج بحبيبته "شيرين"، شقيقة مهمانة بانو، سلطان أماسيا الذي طلب منه شق قناة وسط الجبال لجلب المياه إلى المدينة كي يزوجه شقيقته.

وبالفعل بدأ "فرهاد" يحفر في الصخور والجبال لشق القناة من أجل جلب المياه، ولما أحس شقيق "شيرين" أن أخته ستذهب منه، ذهب إليه ذات يوم وهو يحفر، وقال له ما الفائدة من ذلك فقد ماتت "شيرين"، فصرخ "فرهاد" صرخة مدوية وقال جملته الشهيرة: "الحياة حرام في عالم لا توجد فيه شيرين"، وألقى بنفسه من مكان مرتفع وسط الصخور ليلقى حتفه في الحال.

ولما سمعت "شيرين" بموته، هرولت إلى المنطقة الجبلية ووجدت جسده ملقى على الأرض بلا روح، فألقت بنفسها هي الأخرى لترحل عن عالم لم ترغب العيش فيه دون "فرهاد"، وتم دفنهما بجوار بعضهما.

ومن الأماكن الأخرى الجميلة في أماسيا، بحيرة "بوراباي" المحاطة من كافة جوانبها بأشجار الزان والصنوبر والأرز والكستناء، التي تكسو البحيرة اللون الأخضر بشكل يأسر القلوب والألباب.

وإلى جانب كل هذا، تعد المأكولات التقليدية الشعبية التي تشتهر بها أماسيا، من الأمور التي تجذب الزوار، مثل البامية، وحلوى البقلاوة المنزلية، وكلها مأكولات لها لذة لا يمكن أن ينساها من تذوقها.

وفي تصريحات للأناضول، قال والي أماسيا عثمان فارول، إن المدينة استضافت على أراضيها الكثير من الحضارات المهمة، مشيرا أنها تعتلي القمة بما تمتلكه من مميزات ومعالم تضفي عليها روعة وجمالا.

وأضاف "تمكنت أماسيا من الحفاظ على جزء كبير من قيمها التاريخية، وهي تتمتع بقيمة مهمة جدا، لأنها كانت مدينة للأمراء في الفترة العثمانية".

وأوضح فارول أن أماسيا "لديها إمكانات كبيرة من حيث الاقتصاد وأجواء التعليم التي جذبت العلماء في تلك الفترة، لذلك تكونت في المدينة العديد من الكيانات الثقافية المهمة، الميزة التي كانت سببا في إطلاق اسم بغداد الأناضول على المدينة".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın