تدمر.. حين يترك المتطرفون والطغاة ندوبا على جبين التاريخ (تقرير)
بآثارها العريقة تروي مدينة تدمر الأثرية شرق محافظة حمص، حكاية حضارة سطعت في الصحراء السورية إلا أنها تحمل ندوبا خلفها تنظيم "داعش" الإرهابي ونظام الأسد المخلوع.

Hims
حمص / الأناضول
- المديرة السابقة ليونسكو وصفت الدمار بمدينة تدمر التاريخية بأنه "جريمة حرب، وخسارة كبيرة للشعب السوري وللإنسانية- بعد سقوط النظام في 8 ديسمبر الماضي وتشكيل حكومة جديدة في سوريا، بدأ السوريون بزيارة تدمر المدمّرة
**زهير سليم، عضو اللجنة المدنية في منطقة تدمر، أحد روّاد عملية إعادة الترميم:
- اجتياح تنظيم "داعش" للمنطقة وقصف النظام المخلوع أجبرا سكان المنطقة على النزوح
- إلى جانب تدمير الآثار، تعرض المنازل والمتاجر والأسواق والقطع الأثرية بالمتحف للسرقة، والمقابر الأرضية للنهب
- أُجريت عمليات تنقيب عن الآثار بطريقة عشوائية وغير قانونية
- خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي غير كافية في تدمر فمن بين 84 محولاً كهربائياً لا يعمل سوى 4 فقط
بآثارها العريقة تروي مدينة تدمر الأثرية شرق محافظة حمص، حكاية حضارة سطعت في الصحراء السورية إلا أنها تحمل ندوبا خلفها تنظيم "داعش" الإرهابي ونظام الأسد المخلوع.
وأُدرجت تَدمر - عروس الصحراء السورية - ضمن قائمة التراث العالمي في العام 1980 من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو".
إلا أن آثارها تعرضت للتدمير في 2015 على يد تنظيم "داعش"، الذي دمّر كل من معبد "بعل" الشهير وبعلشمين، وقوس النصر، وبعض المقابر الملكية بشكل كامل.
ولم تقتصر جريمة "داعش" على الآثار فحسب، بل قام التنظيم بإعدام حارسها وأمينها عالم الآثار خالد الأسعد (1934 - 2015).
كما تعرضت تدمر للقصف برا وجوا من قبل نظام بشار الأسد المخلوع، من أجل السيطرة على المدينة التاريخية، ما أدى لاقتراب هذا الإرث الثقافي الإنساني من حافة الزوال.
تدمر، التي تضم معابد تعود إلى القرنين الأول والثاني الميلادي، كانت تُعد قبل اندلاع الثورة في سوريا في 2011، من أهم المقاصد السياحية في البلاد.
وبعد سقوط النظام في 8 ديسمبر/كانون الأول وتشكيل حكومة جديدة في سوريا، بدأ المواطنون اليوم وبعد 14 عاماً من الانقطاع، بزيارة تدمر المدمّرة، يعتريهم الحزن لما حل بها ويحدوهم الأملٌ من أجل أن تستعيد المدينة مجدها القديم.
المديرة السابقة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" إيرينا بوكوفا وصفت في بيان سابق الدمار الذي طال المدينة بأنه "جريمة حرب، وخسارة كبيرة للشعب السوري وللإنسانية جمعاء".
زهير سليم، عضو اللجنة المدنية في منطقة تدمر، أحد روّاد عملية إعادة الترميم، أشار في حديث للأناضول إلى أن اجتياح "داعش" للمنطقة وقصف النظام المخلوع أجبرا السكان على النزوح.
وأوضح سليم أن المدينة الأثرية، التي تُعد إرثاً تاريخياً، تعرضت لأضرار كبيرة خلال سيطرة تنظيم "داعش" الذي استمر نحو 9 أشهر.
وبين أن هجمات قوات النظام وروسيا جاءت لتعمق حجم الدمار أكثر، قائلاً: "بعد انسحاب داعش، تعرّضت المدينة الأثرية للنهب من قبل قوات النظام".
وإلى جانب تدمير الآثار التاريخية، تعرضت المنازل والمتاجر والأسواق والقطع الأثرية الموجودة بالمتحف للسرقة، والمقابر الأرضية للنهب، كما أُجريت عمليات تنقيب عن الآثار بطريقة عشوائية وغير قانونية، وفق سليم.
وخلال السيطرة الثانية لـ"داعش" على تدمر، أوضح سليم أن التنظيم فجّر معالم المدينة التاريخية مثل قوس النصر والمسرح الروماني ومعابد بل وبعلشمين بالمتفجرات.
وأشار سليم إلى أن أبرز ما يحُول دون عودة السكان هو الدمار الكبير في المنطقة وفي مقدمتها البنية التحتية التي خلّفها النظام وراءه.
وقال إن "خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي غير كافية، فمن بين 84 محولاً كهربائياً، لا يعمل سوى 4 فقط".
وتحدث عن وجود بعض التقدم المحدود في قطاع التعليم، إلا أن مشاكل الخدمات الطبية ما زالت قائمة، فنقص المعدات الطبية وقلة الأطباء يحول دون توفير الخدمات الصحية الأساسية.
وتدمر الأثرية (بالميرا باللاتينية) الواقعة وسط مدينة تدمر الحديثة، هي إحدى أهم المدن الأثرية عالمياً، وورد اسمها في ألواح طينية تعود إلى القرن الثامن عشر ق.م، سكنها الكنعانيون والعموريون والآراميون، وتتميز بأن معالم الحاضرة القديمة شبه متكاملة.
وتتوزع الأطلال فيها على مساحة تتجاوز 10 كيلو مترات مربعة ويحيط بها سور دفاعي من الحجر المنحوت، وآخر للجمارك من الحجر واللبن، وتتوزع بيوتها حسب المخطط الشطرنجي.
وكان "داعش" سيطر على تدمر أواخر أيار/ مايو 2015، بعد انسحاب قوات النظام السوري منها، قبل أن يستعيد النظام بدعم روسي السيطرة عليها في مارس/ آذار 2016.
وأعاد تنظيم "داعش" في ديسمبر/كانون الأول 2016، سيطرته على مدينة تدمر التاريخية، بعد معارك مع قوات النظام السوري.
وفي 8 ديسمبر 2024 بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاما من حكم حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.