بين "الدبلوماسية" و"المقاومة".. خيارات لبنانية محدودة لمواجهة إسرائيل (محللون)
اتفق محللون لبنانيون على أن خيارات بلادهم محدودة من أجل وقف انتهاكات إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار، وأن بيروت تلجأ إلى خيار الدبلوماسية الكاملة، رغم أن نجاح هذا الخيار في لجم التمادي الإسرائيلي، لم يثبت بعد.

Lebanon
بيروت/وسيم سيف الدين/الاناضول
المحلل السياسي غسان ريفي:- لبنان يلجأ إلى الدبلوماسية الكاملة، لكن هذه الدبلوماسية قاصرة عن حماية لبنان
- المقاومة ورقة القوة الوحيدة التي يمتلكها لبنان وهناك من يسعى إلى نزعها
الكاتب والباحث وائل نجم:
- بيد لبنان أوراق عدة لمواجهة انتهاكات إسرائيل، منها اللجوء إلى الجنائية الدولية أو المقاومة
المحلل السياسي والصحفي يوسف دياب:
- ليس أمام لبنان اليوم سوى الخيار الدبلوماسي
- نتيجة الحرب الأخيرة خسر لبنان الكثير من أوراقه ولم يعد قادرا على التهديد بعمل عسكري
اتفق محللون لبنانيون على أن خيارات بلادهم محدودة من أجل وقف انتهاكات إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار، وأن بيروت تلجأ إلى خيار الدبلوماسية الكاملة، رغم أن نجاح هذا الخيار في لجم التمادي الإسرائيلي، لم يثبت بعد.
مع ذلك، يرى محللان أن الدبلوماسية- كما أثبتت الوقائع- قاصرة عن حماية لبنان، وأن تفعيل "المقاومة" هو أحد خياراته لمواجهة "الغطرسة" الإسرائيلية.
فيما يعتقد آخر أنه ليس أمام لبنان سوى خيار الدبلوماسية بعد أن خسر الكثير من أوراقه نتيجة الحرب الأخيرة ولم يعد قادرا على التهديد بعمل عسكري ضد إسرائيل.
ولم يهدأ التوتر بين لبنان وإسرائيل على خلفية عدم التزام الأخيرة باتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ تنفيذه في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إذ لم ينسحب الجيش الإسرائيلي من جميع النقاط اللبنانية التي احتلها كما هو متفق عليه، ولا يزال يشن ضربات على الأراضي اللبنانية في خرق سافر للاتفاق.
وتصاعد التوتر مؤخرا، إثر إطلاق قذيفتين صاروخيتين من لبنان نحو الأراضي الإسرائيلية، واستهدفت غارتان إسرائيليتان الضاحية الجنوبية لبيروت، وذلك للمرة الأولى منذ دخول وقف إطلاق النار بين بيروت وتل أبيب حيز التنفيذ.
ولا تزال مناطق عدة في جنوب لبنان وشرقه تتعرض لغارات إسرائيلية بشكل شبه يومي. كما لا تزال القوات الإسرائيلية موجودة في عدد من النقاط بجنوب لبنان، وتقوم بإطلاق النار على المواطنين.
ودعا وزير الدفاع الوطني اللبناني اللواء ميشال منسى، الأربعاء، الدول الراعية لاتفاق وقف النار لردع اعتداءات إسرائيل على السيادة اللبنانية، لافتا إلى انتهاكاتها للقرار 1701، الذي يؤكد سيادة لبنان وسلامته.
في وقت تطالب فيه دول غربية الدولة اللبنانية بالوفاء بتعهداتها ووضع حدٍّ لإطلاق الصواريخ من الجنوب باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلّة، والبدء بنزع سلاح (حزب الله) الذي تتذرّع به إسرائيل للمضيّ بسياسة الاغتيالات لقادة الحزب وكوادره.
** الدبلوماسية قاصرة
في هذا الإطار، رأى المحلل السياسي ورئيس تحرير سفير الشمال غسان ريفي، أن "لبنان يلجأ إلى الدبلوماسية الكاملة، ولكن للأسف الشديد ما تزال هذه الدبلوماسية قاصرة عن حماية لبنان".
وقال، في حديث مع الأناضول إن "لبنان ينفذ اتفاق وقف إطلاق النار من جانب واحد بينما تخرقه إسرائيل وتعتدي على البلاد بجوها وبحرها وبرها دون رادع".
وأضاف أن "هناك من يسعى من الداخل اللبناني إلى نزع ورقة القوة الوحيدة التي يمتلكها لبنان وهي المقاومة بالرغم من تراجع قدراتها وقوتها وتعرضها للخسائر إلا أنها تستطيع المواجهة بكل الطرق مهما كانت أحوالها".
ولفت إلى أن "حزب الله كان واضحا بهذا المجال عندما قال إنه ملتزم بوقف إطلاق النار ونفى أي علاقة له بإطلاق الصواريخ وأعطى الدولة اللبنانية المساحة الكافية للتواصل الدبلوماسي لحمايتها، لكن النتائج الإيجابية لم تظهر بعد".
وشدد على أن الحزب ينتظر وهو يقول في تصريحاته للصبر حدود، مشيرًا إلى احتمال نشوء سلسلة مقاومات محلية خارج نطاق حزب الله إذا استمرت الخروقات الإسرائيلية، حيث لن يقبل أبناء الجنوب بقاء العدو على أراضيهم كما كان الحال في تسعينيات القرن الماضي.
**أوراق بيد لبنان
من جهته، قال الكاتب والباحث اللبناني وائل نجم للأناضول إن بيد لبنان أوراق عدة لمواجهة انتهاكات إسرائيل وغطرستها.
الورقة الأولى، يوضح نجم، هي "الحق اللبناني برفض الاحتلال وتحرير الأرض، وبالتالي اللجوء إلى الجنائية الدولية".
وأضاف أن "الورقة الثانية هي الدعم والتأييد الدولي والعربي لهذه الحكومة، وإن كان الميزان مختلاً لصالح التغاضي عن الخروقات الإسرائيلية".
ولفت إلى أن "الورقة الثالثة هي المقاومة التي لا تزال تحتفظ ببعض قوتها إلى حين انكسار هذه العاصفة العاتية".
**الدبلوماسية حل وحيد
بدروه رأى المحلل السياسي والصحفي يوسف دياب أنه "نتيجة الحرب الأخيرة خسر لبنان الكثير من أوراقه السياسية وبالتالي لم يعد قادرا على التهديد بعمل عسكري ضد إسرائيل بالمثل بسبب تفاوت القدرات بين البلدين".
وشدد دياب، في حديث مع الأناضول، على أنه "ليس أمام لبنان اليوم سوى الخيار الدبلوماسي، حيث سيلجأ للأصدقاء العرب والاقليميين والدوليين لممارسة الضغوط على إسرائيل لوقف الاعتداءات على لبنان ومنع الانزلاق نحو حرب جديدة".
وأشار أن "الحرب التي أدخل حزب الله لبنان فيها أوصلته لنتائج كارثية أفقدت لبنان مناعته السياسية والأمنية والدبلوماسية".
وتابع أن "لبنان يتكل على الأصدقاء الإقليميين والدوليين وهذا ما يعبر عنه بشكل دائم رئيسا الجمهورية (جوزاف عون) والحكومة (نواف سلام) لأنه ليس لديه أي خيارات أخرى يلجأ اليها سوى العمل الدبلوماسي".
ولفت إلى "وجود ضغوط دبلوماسية على لبنان لاتخاذ الحكومة قرار نزع سلاح حزب الله وتشكيل لجان أمنية وعسكرية وسياسية لمناقشة انسحاب إسرائيل من النقاط الخمسة وترسيم الحدود معها".
وتنصلت إسرائيل من استكمال انسحابها من جنوب لبنان بحلول 18 فبراير/ شباط الماضي، خلافا للاتفاق، إذ نفذت انسحابا جزئيا وتواصل احتلال 5 تلال لبنانية رئيسية، ضمن مناطق احتلتها في الحرب الأخيرة.
وأضاف دياب: "كل تلك الشروط مقابل مساعدة لبنان سياسيا واقتصاديا أو الضغط على إسرائيل لمنعها من تنفيذ اغتيالات واستهدافات لقيادات وكوادر الحزب".
وتابع أن "تشكيل لجان بين لبنان وإسرائيل يأخذ بيروت إلى مسار سياسي مع تل أبيب لا ترغب فيه لغاية الآن، وقد يؤدي هذا المسار تحت وطأة الضغوط الدولية ورفع الغطاء الدولي عن لبنان إلى إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لاستكمال عملياتها ضد لبنان وحزب الله".
وأكد أن "لبنان أمام خيارات صعبة جدا محصورة بالعمل السياسي والدبلوماسي مع الأصدقاء الدوليين لمنع إسرائيل من استئناف حربها على لبنان".
ومنذ بدء سريان اتفاق لوقف النار في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ارتكبت إسرائيل 1381 خرقا له ما خلّف 117 قتيلا و366 جريحا على الأقل، وفق إحصاء للأناضول استنادا إلى بيانات رسمية.
وفي 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، شنت إسرائيل عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.