اتفاق الصومال وإثيوبيا.. تركيا تُرسخ الاستقرار بالقرن الإفريقي (تحليل)
الباحث الإثيوبي عبد الحكيم كالالي: التوتر بين أديس أبابا ومقديشو كان يهدد بتصعيد دبلوماسي بالقرن الإفريقي قد يتطور لصراع شامل
Istanbul
إسطنبول / الأناضول
** الباحث الإثيوبي عبد الحكيم كالالي:- التوتر بين أديس أبابا ومقديشو كان يهدد بتصعيد دبلوماسي بالقرن الإفريقي قد يتطور لصراع شامل
- تركيا لعبت دورا محوريا في جمع الصومال وإثيوبيا على طاولة الحوار وإدارة الرئيس أردوغان للوساطة كانت حاسمة في توصلهما لاتفاق
- الاتفاق أسعد كثيرين بالصومال لكنه قد يثير استياء إسرائيل التي كانت تسعى لإقامة قاعدة عسكرية في إقليم "أرض الصومال" الانفصالي
يمثل الاتفاق الذي تم توقيعه بين الصومال وإثيوبيا بوساطة تركية، قبل أيام، خطوة محورية نحو تحقيق السلام والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي، وفقاً لما أكده خبيران لوكالة الأناضول.
وأشاد الخبيران الإثيوبيان عبد الحكيم كالالي وإيديال إيداو دايا بالدور الفعّال الذي لعبته الدبلوماسية التركية في إنهاء أزمة استمرت قرابة عام بين مقديشو وأديس أبابا.
وذكر كالالي أن الاتفاق حظي بتقدير دولي واسع، إلا أنه قد يثير استياء إسرائيل بسبب تأثيره على مصالحها في المنطقة.
وتعود الأزمة بين إثيوبيا والصومال إلى أوائل العام الجاري، حين أبرمت إثيوبيا، الدولة المغلقة بدون منافذ بحرية، اتفاقية مع إقليم "أرض الصومال" (صوماليلاند) الانفصالي تسمح لها باستغلال ميناء بربرة على خليج عدن تجاريا وعسكريا.
في المقابل، تعترف إثيوبيا رسميا، وفق الاتفاقية، بـ"أرض الصومال" كدولة مستقلة عن الصومال، وتمنحها حصة في الخطوط الجوية الإثيوبية المملوكة للدولة.
هذه الاتفاقية أثارت غضب الحكومة الصومالية حيث وصفتها بأنها "غير شرعية وتشكل تهديدا لحسن الجوار وانتهاكا لسيادتها"، فيما دافعت الحكومة الإثيوبية عن الاتفاقية قائلة إنها "لن تؤثر على أي حزب أو دولة".
وبعدما أخفقت 3 مبادرات للجامعة العربية والاتحاد الإفريقي ودولتي جيبوتي وكينيا في إيجاد حل للأزمة التي اتخذت منحى تصاعديا بطرد الصومال للسفير الإثيوبي وتقديم شكوى رسمية لمجلس الأمن الدولي، ألقت الدبلوماسية التركية بثقلها لتنجح في غضون عدة أشهر بنزع فتيلها.
فبعد اتصالات ولقاءات بدأتها تركيا مع طرفي الأزمة منذ يوليو/تموز، تمكن الرئيس رجب طيب أردوغان من الجمع بين زعيمي البلدين في العاصمة أنقرة، الأربعاء الماضي، حيث توصلا إلى اتفاق "تاريخي" ينهي الأزمة بين بلديهما.
وقال زعيما البلدين إنهما اتفقا على العمل من أجل إبرام اتفاقيات تجارية للسماح لإثيوبيا "بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر" تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية.
وتحقيقًا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير/شباط 2025 مفاوضات فنية بهذا الخصوص تستغرق على الأكثر 4 أشهر.
** إشادة بالوساطة التركية
في حديث مع الأناضول، أوضح الباحث الإثيوبي في السياسة الخارجية عبد الحكيم كالالي أن التوتر بين أديس أبابا ومقديشو كان يهدد بتصعيد دبلوماسي بالقرن الإفريقي قد يتطور لصراع شامل.
وأشار إلى أن تركيا لعبت دورا محوريا في جمع الطرفين على طاولة الحوار عدة مرات، ما ساهم في منع تفاقم الأزمة.
وأكد كالالي أن إدارة الرئيس أردوغان لعملية الوساطة كانت حاسمة في تحقيق الاتفاق الذي أُطلق عليه اسم "إعلان أنقرة".
وأضاف: "الرئيس أردوغان قائد يحظى بشعبية واحترام كبيرين في إفريقيا، وتلقى إسهاماته في تعزيز السلام والاستقرار في القارة إشادة واسعة".
وأشار الباحث إلى أن "رغم الأزمات التي تعصف بالشرق الأوسط، فإن عدم نسيان أردوغان لإفريقيا وتوسطه في الأزمة الإثيوبية الصومالية يظهر مدى اهتمامه بالقارة السمراء".
** فرحة بالصومال واستياء بإسرائيل
وأكد كالالي أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في أنقرة حظي بردود فعل إيجابية، خاصة بين المهتمين بالشأن الصومالي والإثيوبي.
وأشار إلى أن الشعب الصومالي احتفل بإلغاء مذكرة التفاهم التي أبرمتها إثيوبيا مع إقليم "أرض الصومال"، والتي كانت السبب وراء الأزمة بين البلدين.
ويتصرف "أرض الصومال"، الذي لا تتمتع باعتراف دولي منذ إعلان انفصاله عن الصومال عام 1991، باعتباره كيانا مستقلا إداريا وسياسيا وأمنيا، مع عجز الحكومة المركزية عن بسط سيطرتها على الإقليم، أو تمكن قيادته من انتزاع الاستقلال.
وأوضح أن الاتفاق أسعد الكثيرين في الصومال، لكنه قد يثير استياء بعض الأطراف الدولية، مثل إسرائيل، التي كانت تسعى لإقامة قاعدة عسكرية في إقليم "أرض الصومال" الانفصالي.
وأضاف: "أعتقد أن هذا الاتفاق يتماشى مع مبادئ القانون الدولي واحترام سيادة الدول، وسيحظى بتقدير واسع من الرأي العام الدولي".
** نهج متعدد الأبعاد
من جانبه، أوضح الباحث الإثيوبي إيديال إيداو دايا، المتخصص في السياسة والعلاقات الدولية في القرن الإفريقي، أن محاولات أطراف عديدة للتوسط من أجل السلام بين الصومال وإثيوبيا باءت بالفشل.
وأشار دايا إلى أن تركيا اعتمدت نهجا متعدد الأبعاد في دراسة المشكلة بين البلدين، متميزا عن مقاربات الوسطاء السابقين.
وقال: "كان للوسطاء السابقين مصالحهم الخاصة في المنطقة، ومقارباتهم بنيت على هذه المصالح، بينما تعاملت تركيا بصدق مع الطرفين وأقامت علاقات ودية، مما أسهم في بناء الثقة والتوصل إلى الاتفاق بسهولة".
وأكد دايا أن تركيا بذلت جهودا مكثفة لحل الأزمة، مشيدا بالدور البارز للرئيس أردوغان في قيادة هذه الجهود.
وأضاف: "الاتفاق سيجلب السلام والاستقرار إلى المنطقة إذا ظل الطرفان ملتزمين به".