"السراي الكبير" بلبنان.. تاريخ متجدّد منذ الحقبة العثمانية (تقرير)
يشغل المقر مساحة تمتد على 21 ألف و480 متراً مربعاً ويضم 430 غرفة (بين قاعات وصالونات) ومزخرف بـ603 قنطرات
Lebanon
يطل "السراي الكبير" (مقر رئاسة الحكومة اللبنانية)، من على تلال تشرف على ساحة رياض الصلح بالوسط التجاري لبيروت، زاهياً بتاريخه العريق.
ويعود تاريخ إنشاء السراي إلى العام 1840، حيث كان مقر الحكم للوالي العثماني، كما اتخذه بشارة الخوري، أول رئيس لبناني عقب الاستقلال عن فرنسا، مقراً له (1943).
وأصبحت السراي مقرّ رئاسة الوزراء في 18 أغسطس/آب 1998 حيث عقد رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري أول اجتماع به.
يشغل المقر مساحة تمتد على 21 ألف و480 متراً مربعاً ويضم 430 غرفة (بين قاعات وصالونات) ومزخرف بـ603 قنطرات.
يتألف السراي الكبير من ثلاثة طوابق في الجهة الشرقية، التي تعتبر الجهة الرسمية المواجهة لباطن بيروت، في حين تتألف الجهة الشمالية والجنوبية من طابقين.
ويتخلل طوابقه شبابيك مستطيلة ومسنّنة بها كادر من الحجر الأساسي الكلسي الأبيض، كما توجد "قمريات" بين الشبابيك.
ويتميز المبنى من جهته الشرقية ببعض الزخارف والشرفات والأعمدة والقناطر، ثم يظهر في أعلى المبنى "الطغراء العثمانية" (العلامة السلطانية) التي أضيف فوقها الأرزة اللبنانية في العهد الجمهوري.
و يقول المؤرخ اللبناني حسان الحلاق، إن قاعات "السراي" تحمل في طياتها مخزونات تاريخية قيّمة.
ويشير إلى أنه أحد تلك الصروح التي لعبت دوراً كبيراً في المرحلة التي سبقت الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) كما في المراحل التي تلتها.
ويضيف أن السراي شيّد عام 1840 عندما تمكّنت الدولة العثمانية من استرجاع السيادة على بلاد الشام، فأقامت عليها بناء ليكون مقراً لأجهزتها العسكرية والمدنية.
وكان يطلق عليه حين ذاك اسم (القشلة) وهي كلمة تركية تعني "الثكنة".
ويشير الحلاق، إلى أن قسماً من التوسعات، التي استحدثت على الثكنات، لم تكن لأسباب عسكرية فحسب، بل إدارية وسياسية.
ويوضح ذلك بالقول: بعد أن أعلنت ولاية بيروت عام 1888، وباتت بيروت قاعدة للولاية الممتدة من بيروت حتى اللاذقية شمالاً، ومن بيروت حتى نابلس جنوباً، كان من الضروري ايجاد مركز رسمي لوالي بيروت.
وبالفعل فقد اتخذ والي بيروت مقره الرسمي في "القشلة"، ومنذ ذلك التاريخ بدأ بتغير اسمها تباعاً إلى "سراي الولاية".
وتكرّست تسمية "السراي" مع عصور الانتداب الفرنسي والاستقلال، وكان أول والٍ على ولاية بيروت علي باشا والي آيدين السابق.
ومن الولاة الذين مروا على "السراي"، مدحت باشا، خالد بك أفندي، عزيز باشا، بكري سامي بك، حازم بك، حمدي باشا، رشيد بك، ناظم باشا، عزمي بك، علي منيف بك، إسماعيل حقي، وفق المؤرخ الحلاق.
وعن المهام الأساسية لسراي الولاية، يوضح الحلاق أنها كانت تتكامل مع بقية الأجهزة الحكومية والإدارية.
حيث تتعاون مع مجلس إدارة الولاية والمحكمة الشرعية ودوائر الاوقاف وإدارات البنوك ودوائر الشرطة ورؤساء البلديات.
ويتابع المؤرخ اللبناني: "تميزت الثكنة العثمانية باعتمادها بشكل أساسي على الفرق العسكرية: الخيالة والمدفعية والمشاة".
وكان عدد الخيالة في بيروت أواخر العهد العثماني، 28 آلاي (فوج)، وأقامت الدولة العثمانية، مدارس عسكرية في الولايات الشامية لتخريج ضباط عسكريين، وكانت هذه المدارس الرشدية (عسكرية وملكية) تتبع الجيش الخامس في سوريا.
ويقول الحلاق: قامت "القشلة" العثمانية بدور بارز في بيروت في الإطار الأمني والإداري والحكومي، وباتت منطقتها المركز الرسمي للولاية.
ويضيف: بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1918 وانسحاب الدولة العثمانية من الولايات الشامية، تسلم عمر بك الداعوق برقية من الأمير سعيد الجزائري باسم الأمير فيصل بن الشريف حسين، كلفه بإعلان الحكومة العربية في بيروت.
وصل "الداعوق" على رأس وفد بيروتي إلى سراي الولاية، واجتمعوا بالوالي إسماعيل حقي وأبلغوه ضرورة ترك السراي ومن ثم ولاية بيروت.
عقبها، خرج الوالي وكبار القادة مع الموظفين الأتراك من السراي، في حين بقي فيها أبناء بيروت المجندين.
ومن ثم أعلنت ولادة الحكومة العربية في بيروت، ورفع العلم العربي فوق سراي الولاية وفوق بلدية بيروت والأبنية الرسمية.
ويختم المؤرخ اللبناني حديثه بالقول إن السراي أصبح مقراً لمجلس الوزراء وشهد انعقاد أول جلسة لمجلس الوزراء برئاسة الراحل رفيق الحريري في 18 أغسطس/آب 1998.
كما شهد السراي كذلك استضافة العديد من المؤتمرات والاجتماعات العربية والدولية.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.