
Gazze
غزة/ محمد ماجد/ الأناضول
- الصياد الشريف: الاحتلال لم يترك لنا شيئا المعابر مغلقة لا عمل ولا حياة، والبحر بات مخاطرة يومية- الصياد بكر: ندخل البحر، فتلاحقنا الزوارق الحربية وتطلق علينا القذائف
على متن مركب صغير تآكلت أطرافه بفعل الزمن والبحر، وبشباك ممزقة بفعل الاستخدام المتكرر، يبحر الصياد الفلسطيني كمال الشريف بمياه البحر المتوسط قبالة شواطئ غزة، بحثا عن قوت يومه، متحديا الحصار الإسرائيلي والإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها تل أبيب بدعم أمريكي.
بعيون مترقبة وحذر شديد، يتقدم الشريف برفقة زملائه الصيادين نحو شاطئ البحر، متجنبا الاقتراب من المناطق التي تراقبها الزوارق الحربية الإسرائيلية، والتي لا تتردد في إطلاق النار عليهم بمجرد رؤيتهم.
**مخاطرة يومية لأجل البقاء
لا يملك الصيادون في غزة خيارا سوى المجازفة، إذ يغادرون منازلهم فجرا حاملين معهم أملا هشا بصيد بضع كيلوجرامات من السمك، يبيعونها لاحقا لسد رمق عائلاتهم في ظل أوضاع اقتصادية وإنسانية متدهورة خلفتها الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ويعتمد قطاع غزة الساحلي بشكل أساسي على الصيد كمصدر دخل رئيس، لكن الإبادة جعلت البحر أكثر خطرا، حيث دمر القصف الإسرائيلي مئات القوارب، وتحول الميناء الوحيد بالقطاع إلى ركام.
ويفرض الجيش الإسرائيلي قيودا صارمة على حركة الصيادين، حيث يمنعهم من دخول البحر لأي مسافة كإجراء عقابي منذ بداية الإبادة في 7 أكتوبر 2023.
وقال الصياد الشريف للأناضول: "الاحتلال لم يترك لنا شيئا، المعابر مغلقة، لا عمل، لا حياة، والبحر بات مخاطرة يومية".
وأضاف: "كل يوم يقتل فلسطيني أو أكثر، نحن نطارد من رفح جنوبا حتى بيت حانون شمالا، لا مأمن لنا حتى في البحر".
وأشار الشريف، إلى أن "النقص الحاد في معدات الصيد بفعل الحصار، يزيد من معاناتهم اليومية ويضعف فرصهم في تأمين قوت يومهم".
ولم يعد البحر بالنسبة لصيادي غزة نافذة رزق مفتوحة، بل تحول إلى ساحة خطر دائم، تضيقها ممارسات إسرائيل والاعتداءات المتكررة.
ومع انعدام الوقود، وندرة معدات الصيد، واستمرار الحصار الإسرائيلي البحري والجوي والبري، يواجه الصيادون في غزة معركة يومية قاسية من أجل البقاء.
وحسب بيانات البنك الدولي، فإن حرب الإبادة الإسرائيلية حولت جميع فلسطينيي غزة إلى فقراء، ما يعني أنهم عاجزون عن توفير أدنى مقومات الحياة لعائلاتهم من أغذية ومياه.
**صيد لا يسد الجوع
الصياد محمد بكر لا يختلف حاله كثيرا، إذ يغامر يوميا بالإبحار لمسافات قصيرة داخل البحر، عله يحصل على ما يسد به جوع أطفاله.
وقال بكر للأناضول: "ندخل البحر، فتلاحقنا الزوارق الحربية وتطلق علينا القذائف، الوضع متعب وخطر".
وأضاف: "أحيانا نعود بصيد لا تتجاوز قيمته 20 أو 30 شيكلا (نحو 5 إلى 8 دولارات)"، موضحا أن هذا المبلغ لا يكفي لشراء شيء في ظل الغلاء الفاحش الناتج عن الحصار والإبادة".
وأشار بكر إلى أن "المناطق القريبة من الشاطئ التي يسمح لهم بالوصول إليها، لا تحتوي على كميات وفيرة من السمك، ما يجعل الحصيلة اليومية شحيحة".
وأوضح خلال حديثه للأناضول أن "الموت يلاحقه من كل اتجاه، فقبل أيام قتل ابن عمه أثناء عمله في الصيد برصاص البحرية الإسرائيلية".
ويأمل الصياد بكر أن "تنتهي حرب الإبادة على قطاع غزة، ليتمكن الصيادون من العودة إلى مهنتهم، والإبحار لمسافات أوسع داخل البحر كما كانوا من قبل (كانت إسرائيل تحدد مسافات معينة لا يمكن تجاوزها).
ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تواصل إسرائيل إغلاق معابر القطاع أمام دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية والبضائع، ما تسبب بتدهور كبير في الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين، وفق ما أكدت تقارير حكومية وحقوقية ودولية.
فيما حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من اقتراب غزة من حالة "الجوع الشديد للغاية" جراء استمرار الحصار الإسرائيلي.
هذه المرحلة الجديدة من المجاعة، تأتي في وقت لم يتعاف فيه فلسطينيو غزة أصلا من موجة سابقة، إذ عمدت إسرائيل خلال عام ونصف من الإبادة إلى تقنين دخول المساعدات إلى القطاع ما حرم مئات الآلاف من العائلات الفقيرة الحصول على حصصها الغذائية المجانية.
وفي 18 مارس/ آذار الماضي، تنصلت إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الساري منذ 19 يناير/ كانون الثاني 2025، واستأنفت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، رغم التزام حركة حماس بجميع بنود الاتفاق.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 168 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.