Jordan
عمان/ ليث الجنيدي/ الأناضول
- الخبير بالشأن الفلسطيني أحمد الحيلة للأناضول:يبدو أن ترامب يحاول أن تحقيق سياسيا ما لم تستطع آلة الحرب الإسرائيلية تحقيقه عسكريا
كان الأجدى بترامب إعلان حالة طوارئ دولية لإنقاذ الحياة في قطاع غزة وإعادة الإعمار فورا
إن كان ترامب قلق بشأن الفلسطينيين ومستقبلهم، فعليه الدفع باتجاه تمكينهم لإقامة دولتهم المستقلة، بدلاً من فرضيات تؤدي إلى تفاقم الأزمة
- المحلل السياسي أحمد البرصان:
مشروع ترامب فاشل منذ بدايته؛ لأن الدول والشعوب ترفضه.
الموضوع صعب تحقيقه؛ لأن الفلسطينيين في غزة يرفضون الخروج، فمن تمسك بأرضه بعد كل هذا التدمير لن يتركه
تصريح ترامب بالون اختبار (للأردن ومصر) ومحاولة لكسب ود اليمين المتطرف في الولايات المتحدة وإسرائيل
منذ لحظة تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة، أطلق دونالد ترامب العديد من التصريحات المثيرة للجدل، لكن حديثه عن إعادة توطين الشعب الفلسطيني بقطاع غزة في مصر والأردن، أعاد للأذهان محاولاته السابقة فيما عرف بـ"صفقة القرن" التي أعلن عنها عام 2020.
وكان ترامب يهدف من خطته حينها إلى إقامة وطن بديل للفلسطينيين خارج أراضيهم التاريخية المحتلة من قبل إسرائيل، ومن ثم إنهاء فكرة حل الدولتين على حساب دول مثل مصر والأردن.
- استغلال الإبادة
والسبت، دعا ترامب إلى نقل فلسطينيي قطاع غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، متذرعا بـ"عدم وجود أماكن صالحة للسكن في قطاع غزة"، الذي أبادته إسرائيل طوال أكثر من 15 شهرا.
وفي حديثه للصحفيين على متن طائرة رئاسية متجهة نحو ولاية ميامي، قال ترامب إنه تحدث بشأن استقبال الأردن ومصر لمزيد من الفلسطينيين.. "كل شيء هناك (غزة) مهدم".
وقال ترامب: "قلت له (ملك الأردن) إنني أحب أن تأخذ المزيد (من فلسطينيي غزة) لأنني أنظر إلى قطاع غزة بأكمله الآن وهو فوضى، إنه فوضى حقيقية".
وأوضح أن هذه الخطوة "قد تكون مؤقتة أو طويلة الأمد".
وأضاف: "أود أن تأخذ مصر أناسا.. وأعتقد أنني سأتحدث مع الجنرال السيسي غدا في وقت ما.. أود أن تأخذ مصر أناسا، وأود أن تأخذ الأردن أناسا".
وتابع: "نتحدث عن مليون ونصف شخص، لنُخلي المكان بالكامل.. وكما تعلمون، شهد المكان على مر القرون العديد من الصراعات، ويجب أن يحدث شيء ما".
ووصف الرئيس الأمريكي غزة بأنها "موقع مهدم"، قائلا: "كل شيء مهدم تقريبا، والناس يموتون هناك.. لذلك من الأفضل أن أتواصل مع بعض الدول العربية لبناء مساكن في موقع آخر، حيث يمكنهم (فلسطينيو غزة) العيش في سلام".
- موقف الأطراف
ومنذ اللحظة الأولى لبدء حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، اتفقت مصر والأردن على رفض تهجير الشعب الفلسطيني من القطاع، حيث شددتا في أكثر من مناسبة على أن موضوع التهجير "خط أحمر".
ورغم عدم صدور أي تعليق رسمي من مصر أو الأردن حتى الساعة 12:00 تغ على تصريحات ترامب الجديدة، توقع مراقبون استمرار ثبات موقف البلدين الرافض لمثل هذه المقترحات المتطرفة.
لاسيما بعد الغضب الشعبي العالمي الناجم من الإبادة الإسرائيلية في غزة وإصرار اليمين المتطرف الإسرائيلي على تهجير الفلسطينيين لتأسيس ما يُعرف بـ"إسرائيل الكبرى".
إسرائيليا، لقي إعلان ترامب ترحيبا من وزراء اليمين الإسرائيلي المتطرف، وفي مقدمتهم وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل إيتمار بن غفير، ووزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش.
بينما لم يصدر على الفور تعليق من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الصادر بحقه مذكرة اعتقال دولية، لمسؤوليته عن جرائم حرب في غزة.
وتماهي موقف ترامب مع اليمين الإسرائيلي المتطرف يؤكد أن الشعب الفلسطيني الذي صمد أمام الإبادة الجماعية وفشلت إسرائيل في تهجيره عن أرضه بأعتى الأسلحة الأمريكية، يواجه حاليا مناورة سياسية تقف وراءها الولايات المتحدة لتحقيق نفس الهدف.
- تحقيق ما فشلت فيه الإبادة
وتعليقا على المشهد، قال الخبير بالشأن الفلسطيني أحمد الحيلة: "يبدو أن ترامب يحاول أن يأخذ سياسياً ما لم تستطع آلة الحرب الإسرائيلية أخذه عسكرياً وبالقوة المفرطة والمتوحّشة حتى ارتكابها إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتدميرها نحو 80 بالمئة من مقوّمات الحياة هناك".
وأضاف للأناضول: "كان الأجدى بترامب إعلان حالة طوارئ دولية لإنقاذ الحياة في قطاع غزة، والبدء بمشاريع إعمار عاجلة ومكثّفة، وإلزام الاحتلال بوقف العدوان والانسحاب من كامل القطاع فوراً، بدلاً من المماطلة والتسويف".
و"إن كان ترامب قلق بشأن الفلسطينيين ومستقبلهم، فعليه الدفع باتجاه تمكين الفلسطينيين من حقوقهم الوطنية بإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، بدلاً من فرضيات تؤدي إلى تفاقم الأزمة واستدامة الصراع"، بحسب الحيلة.
واعتبر أن "ترحيب اليمين المتطرف في إسرائيل بالخطوة يشير إلى خلفيات هذه الدعوة التي تعبّر بالضرورة عن خطط اليمين الصهيوني بتهجير الفلسطينيين من أرضهم بذرائع وحج أهدافها سياسية بامتياز".
وفي هذا السياق، يؤكد الحيلة على أنه "أصبح لزاماً على الدول العربية وخاصة مصر والأردن أخذ مواقف واضحة وقاطعة برفض تهجير الفلسطينيين من أرضهم تحت أي مبررات واهية".
كما طالب بـ"ضرورة حسم الموقف بإنهاء الاحتلال، ومحاسبة قادته المجرمين أمام العدالة الدولية، ولا سيّما محكمة الجنايات الدولية التي أصدرت مذكّرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير حربه المقال يوآف غالانت".
- بالون اختبار
من جانبه، وصف المحلل السياسي أحمد البرصان، تصريحات الرئيس الأمريكي بأنها تمثل "وجهة نظر اليمين الإسرائيلي المتطرف، وترامب يسعى لتطبيقها".
وتابع في حديثه للأناضول: "مع بداية 7 أكتوبر، كان هناك طرح بنقل فلسطينيي قطاع غزة باتجاه سيناء في مصر، ونقل فلسطينيي الضفة إلى الأردن، وهي مشاريع مرفوضة رفضا قاطعا من عمان والقاهرة".
ومضى يقول: "الموضوع صعب تحقيقه؛ لأن الفلسطينيين في غزة يرفضون الخروج"، مستدركاً "من تمسك بأرضه بعد كل هذا التدمير لن يخرج".
ولهذا استخلص البرصان أن "مشروع ترامب فاشل منذ بدايته؛ لأن الدول والشعوب (الأردن ومصر) ترفضه".
ولفت إلى أن حديث ترامب "بالون اختبار (للدولتين الجارتين الأردن ومصر) ومحاولة لكسب ود اليمين المتطرف في الولايات المتحدة وإسرائيل"، معيدا التأكيد على أنه "مشروع فاشل لا يمكن تحقيقه".
وبسؤاله حول إجراءات ترامب المتوقعة لتحقيق مشروعه، وفيما إذا كان سيلجأ بالضغط على الأردن ومصر، قال البرصان: "استقرار مصر والأردن هدف الولايات المتخدة، فموقعهما الاستراتيجي مهم جدا للمنطقة".
وعن إمكانية استخدام ورقة المساعدات التي تقدمها بلاده للأردن كورقة ضغط على القاهرة وعمان، أكد الخبير الأردني على أن "إدارة ترامب لا تستطيع، فمسألة المساعدات مهمة جدا".
وفي 19 يناير/ كانون الثاني الجاري، بدء سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل، بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة.
ويتكون الاتفاق من 3 مراحل مدة كل منها 42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية وثالثة وصولا لإنهاء حرب الإبادة.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 158 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.