تركيا, الثقافة والفن, الحياة, التقارير

خبراء أتراك: تراجع الكتابة اليدوية خطر يهدد اللغة والذاكرة (تقرير)

أستاذ قسم اللغويات بكلية الآداب في جامعة إسطنبول، حياتي دوه لي: الكتابة تتيح استخدام اللغة بشكل أكثر كفاءة، لكن إذا تجنبنا الكتابة، فسنكتفي بمهارات لغوية تقتصر على التواصل اليومي البسيط

Ümit Türk, Hişam Sabanlıoğlu  | 01.02.2025 - محدث : 01.02.2025
خبراء أتراك: تراجع الكتابة اليدوية خطر يهدد اللغة والذاكرة (تقرير)

Istanbul

إسطنبول/ أوميت تورك/ الأناضول

** أستاذ قسم اللغويات بكلية الآداب في جامعة إسطنبول، حياتي دوه لي:
- الكتابة تتيح استخدام اللغة بشكل أكثر كفاءة، لكن إذا تجنبنا الكتابة، فسنكتفي بمهارات لغوية تقتصر على التواصل اليومي البسيط
- تراجع استخدام الكتابة اليدوية يؤثر سلبًا على الإلمام بقواعد الكتابة والإملاء

** أخصائية علم النفس العصبي العيادي مروة تورك قول:
- الكتابة ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل عملية مهمة تطور مهارات التعلم والذاكرة والتفكير
- التخلي التام عن الكتابة اليدوية يمكن أن يؤدي إلى ضعف العمليات العصبية واللغوية

في عالم يتحول فيه القلم والورقة إلى ذكريات من الماضي، يحذر خبراء أتراك من أن تراجع دور الكتابة اليدوية قد يكون أكثر من مجرد تبدل في العادات، بل قد يتحول إلى خطر يهدد عمق اللغة والذاكرة الإنسانية ليعيد تشكيل العلاقة بين العقل والإبداع.

ويشير الخبراء إلى أن تزايد الاعتماد على التكنولوجيا في حياتنا اليومية، وما يرافقه من تراجع في استخدام الكتابة اليدوية، قد يؤدي إلى إضعاف مهارات اللغة والذاكرة لدى الأفراد.

على مدى قرون، كانت الورقة والقلم من أساسيات التواصل البشري، قبل أن تبدء الأدوات الرقمية اليوم بالحلول محلها وبشكل متسارع، فيما غدت الرسائل والملاحظات تُكتب الآن عبر شاشات اللمس، أو باستخدام لوحات المفاتيح، وحتى عبر الأوامر الصوتية.

وبالتوازي مع ذلك، يحذر الخبراء من أن هذا التحول في أدوات الكتابة يساهم في تراجع القدرات اللغوية والفكرية للأفراد بشكل ملحوظ.

كما أن هذا التراجع لا يقتصر على زيادة السطحية في استخدام اللغة، بل يؤدي أيضًا إلى تأثيرات عصبية سلبية على عمليات التعلم والذاكرة.

** تغير أدوات الكتابة

وفي هذا السياق، قال البروفيسور حياتي دوه لي، أستاذ قسم اللغويات بكلية الآداب في جامعة إسطنبول التركية، للأناضول، إن تغير أدوات الكتابة التقليدية بات يؤثر بشكل ملحوظ على عالم الفكر والإبداع.

وفي معرض وصفه لأهمية الكتابة في تاريخ البشرية، قال دوه لي: "في الواقع، عملية الكتابة لا تنتهي، بل تتغير أدواتها فقط".

وتابع الأكاديمي التركي: "منذ اختراع الكتابة، بدأ الإنسان باستخدام وسائل منها النحت على الحجارة أو الكتابة على الألواح الطينية، ثم انتقل إلى الكتابة باستخدام القصب وريش الطيور".

وأضاف: "لاحقًا، تطورت الأدوات إلى الآلات الكاتبة. ومؤخرًا، أصبحنا نستخدم لوحة المفاتيح. الشباب يكتبون، ونحن جميعًا نكتب، ولكن بأدوات مختلفة".

وشدد على ضرورة التركيز على تأثير هذه الأدوات على مهاراتنا في الكتابة والكفاءة اللغوية.

وأوضح أن الدراسات في مجال علم اللغة العصبي (يعنى بدراسة العلاقات بين اللغة والدماغ) أظهرت أن الكتابة باستخدام القلم تعد أكثر فاعلية وفائدة خلال فترة التعلم والتحصيل العلمي.

و"تشير الأبحاث إلى أن التمارين الكتابية التي يجري حلها باستخدام القلم والكتابة اليدوية منذ المراحل المبكرة للتعليم، تجلب فوائد كبيرة للتعلم والذاكرة، حتى في مراحل العمر المتقدمة. في المقابل، فإن الكتابة الرقمية، لا سيما عبر وسائل التواصل الاجتماعي السريعة، لها تأثير محدود في تعزيز المهارات اللغوية"، بحسب دوه لي.

كما لفت الأكاديمي التركي إلى العلاقة المباشرة بين تراجع عادات الكتابة وضعف المهارات اللغوية.

وأوضح أن "الأشخاص الذين لا يمارسون الكتابة باستخدام الوسائل التقليدية بانتظام، يفقدون تدريجيًا القدرة على استغلال مهارات اللغة".

وأشار إلى أن "الكتابة تتيح استخدام اللغة بشكل أكثر كفاءة، لكن إذا تجنبنا الكتابة، فسنكتفي بمهارات لغوية تقتصر على التواصل اليومي البسيط. وإذا كان هذا كافيًا بالنسبة للبعض، فهو خيارهم. لكن تحقيق ثقافة عالية، أو أدب رفيع، أو علم متقدم يتطلب ممارسة الكتابة بشكل أكبر".

** ضعف الكتابة والإملاء

وخلص أستاذ اللغويات إلى أن تراجع استخدام الكتابة اليدوية يؤثر سلبًا على الإلمام بقواعد الكتابة والإملاء.

وأشار إلى أن وزارة التربية التركية حاولت تطبيق منهج يشجع على الكتابة اليدوية، إلا أن قلة استعداد المعلمين وشكاوى الأهالي أدت إلى التخلي عن هذه المحاولة.

وقال محذراً: "ما نواجهه الآن هو جيل يكتب بخطوط عشوائية ولا يعرف قواعد الإملاء".

"بعد الانتقال إلى استخدام الأبجدية اللاتينية في تركيا (1 نوفمبر/ تشرين الثاني 1928)، لم يكن بإمكاننا الادعاء بأن خطنا كان جميلًا يومًا ما، نظام التعليم لدينا فشل في تعليم الشباب الكتابة اليدوية الجميلة. للأسف، لا يستطيع نظامنا التعليمي تمكين الطلاب من تعلم اللغة التركية بجميع إمكاناتها"، وفق الخبير ذاته.

وشدد دوه لي على أن تطوير المهارات الأربع الأساسية للغة، وهي القراءة والكتابة والتحدث والاستماع، يتطلب ممارسة منتظمة، مؤكّدًا على ضرورة تعليم مهارات الكتابة باستخدام الخط اليدوي.

ومشيرا إلى أهمية تعلم الشباب التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم بلغة سليمة عند التحدث أمام الآخرين، قال: "إذا كان الشاب يطمح لأن يصبح في المستقبل سياسيًا أو عالمًا أو شخصية ثقافية، فإنه ملزم بأن يتحدث ويكتب بلغة سليمة وعميقة".

** سلبيات الكتابة الرقمية

وفي ذات السياق، قالت أخصائية علم النفس العصبي العيادي مروة تورك قول إن انخفاض استخدام الورقة والقلم للكتابة، بسبب تطور الوسائل التكنولوجية، "بات يؤثر سلبًا على مهارات الكتابة والعمليات العصبية المرتبطة بها".

وأوضحت تورك قول أن الكتابة تحفز عمل العديد من مناطق الدماغ مثل القشرة الحركية، والقشرة الجبهية الأمامية، والحُصين (الهيبوكامبوس).

وأضافت: "عملية الكتابة تعتبر بمثابة تمرين للدماغ، إلا أن قلة ممارسة الكتابة تقلل من عملية التنسيق في هذه المناطق، ما يؤدي خاصة لدى الأطفال إلى عدم تطور المهارات الحركية الدقيقة بشكل كامل".

وأكدت الأخصائية النفسية على التأثير الإيجابي للكتابة اليدوية على التعلم والذاكرة.

واستطردت بالقول إن استخدام لوحة المفاتيح يوفر السرعة، "لكنه يجعل عملية التعلم أكثر سطحية".

وقالت: "الكتابة الرقمية لا توفر الفوائد المعرفية التي تقدمها الكتابة اليدوية، حيث تتيح الأخيرة للدماغ تشكيل الحروف والكلمات بشكل مادي ومعنوي مع بذل جهد معرفي مكثف، وهذا الأمر يعزز التعلم ويحسن الذاكرة".

وأشارت تورك قول إلى تأثير الكتابة اليدوية على اللغة المحكية، مضيفة: "عند الكتابة بخط اليد، نقوم بتنظيم أفكارنا واختيار كلماتنا بعناية، وينعكس هذا بشكل إيجابي على لغتنا المحكية".

واستطردت: "أما مع تراجع ممارسة الكتابة اليدوية، فإن مهارات التعبير تصبح أكثر سطحية، ما يجعل الأفكار أكثر تعقيدًا مع وجود صعوبة في التعبير".

وأكدت أيضًا على أهمية تبني عادات صغيرة تشجع الكتابة اليدوية في الحياة اليومية.

وأضافت: "الحفاظ على عادة الكتابة اليدوية من خلال كتابة اليوميات أو تدوين الملاحظات يعد أمرًا مهمًا، وخاصةً للأطفال الذين ينشؤون في عصر التكنولوجيا، فمن الضروري توعيتهم بأهمية الكتابة اليدوية وتشجيعهم على تطوير هذه المهارة".

واختتمت حديثها بالقول: "الكتابة ليست مجرد أداة ووسيلة للتواصل، بل عملية مهمة تطور نشاط الدماغ ومهارات اللغة التعلم والذاكرة والتفكير، ورغم التسهيلات الكبيرة التي توفرها التكنولوجيا، فإن التخلي التام عن الكتابة اليدوية يمكن أن يؤدي إلى ضعف العمليات العصبية واللغوية".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın