عبد القادر القباني.. مؤسس نهضة بيروت بالعهد العثماني (تقرير)
يعد الشيخ عبدالقادر مصطفى القباني (1849 – 1935)، واحدا من أهم الشخصيات المحورية في تاريخ لبنان، ومن أهم مؤسسي النهضة الثقافية والعمرانية، لمدينة بيروت، في العهد العثماني.
Lebanon
بيروت / وسيم سيف الدين / الأناضول
إنعام نور الدين القباني حفيدة الشيخ عبد القادر القباني:- كان من أوائل الدعاة لتعليم المرأة باعتبارها مربية الأجيال الجديدة لذلك ساهم بإنشاء مدرستين للبنات في جمعية المقاصد الخيرية.
- من مؤسسي مرفأ بيروت الذي تم تطويره وبناءه حين سمع أن الإمبراطور الألماني غليوم يريد زيارة المدينة في طريقه لدمشق.
- سيتم إنشاء مؤسسة تكشف إنجازات الشيخ العلمية والأدبية والمهنية وبعد انتهاء جمع أعماله سيتم تنظيم مؤتمر في تركيا.
الحفيد "رشدي عدنان القباني":
- عمتي فاطمة تعمل على جمع تراث عبد القادر قباني منذ أن وعينا وكان لدينا شغف التعرف على هذه الشخصية.
- الشيخ رجل دولة من الطراز الرفيع له العديد من الإنجازات الباقية حتى اليوم في بيروت
- من أهم إنجازاته "ثمرات الفنون" التي كانت ثاني صحيفة عربية في الدولة العثمانية والتي صدرت على مدار 34 عاما.
يعد الشيخ عبدالقادر مصطفى القباني (1849 – 1935)، واحدا من أهم الشخصيات المحورية في تاريخ لبنان، ومن أهم مؤسسي النهضة الثقافية والعمرانية، لمدينة بيروت، في العهد العثماني.
شارك الشيخ القباني، في أبرز المحطات والأحداث الفاصلة التي مر بها لبنان، فأسس صحيفة "ثمرات الفنون"، التي صدر عددها الأول عام 1875، واستمرت لأكثر من ثلاثين عاما، وتبنت مواقفه في النهضة والإصلاح.
وفي منزله ببيروت، بدأ تأسيس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية (1878)، التي أصبحت اليوم حاضنة لعشرات المدارس الإسلامية، سواء في العاصمة نفسها، أو في لبنان، وأرسى قواعد الانطلاق العصري، لتعليم الناشئة الإسلامية.
وأجرت الأناضول، مقابلة مع حفيدته "إنعام نور الدين القباني"، وحفيده "رشدي عدنان القباني"، للتعريف بتاريخ الشيخ عبدالقادر، وإسهاماته في ربط العاصمة اللبنانية بيروت بالعالم خلال العهد العثماني، عبر تطوير مرفأها، وإنشاء صحيفة وصلت للعواصم العربية.
** طور مرفأ بيروت
وقالت إنعام (89 عاما)، إنه كان من أوائل الدعاة لتعليم المرأة، باعتبارها مربية الأجيال الجديدة، لذلك ساهم بإنشاء مدرستين للبنات في جمعية المقاصد الخيرية، كما ساعد بتطوير التعليم المهني وإنشاء مدرسة الصنائع.
وأضافت أن والدها كان ينظم نشاطات ثقافية وترفيهية، ذات طابع خيري، عبر التبرع من الميسورين لتعليم الفقراء.
ولفتت إلى أن للشيخ القباني دور كبير في تأسيس العديد من المؤسسات اللبنانية، التي لا تزال قائمة إلى اليوم (مثل مبنى وزارة الداخلية والمكتبة الوطنية في منطقة الصنائع حاليا).
كما أن الشيخ من مؤسسي مرفأ مدينة بيروت، الذي تم بناءه حين سمع أن الإمبراطور الألماني غليوم، يريد زيارة المدينة، وهو في طريقه إلى دمشق والقدس، حسب فاطمة.
وفي سنة 1888 قام أهل بيروت بحركة انفصالية عن ولاية دمشق، التي كان واليها ناشد راشد باشا، فاستجاب السلطان عبد الحميد لهذه الحركة، وأعلن فصل بيروت عن دمشق، وإنشاء ولاية مستقلة بها باسم ولاية بيروت.
وتروي إنعام أن الإصلاحات العُمرانية والإدارية، التي قام بها والدها، لتكون بيروت في المستوى اللائق بها بعد إعلانها ولاية مستقلة، لفتت نظر الإمبراطور الألماني، الأمر الذي حدا به إلى أن يطلق عليها لقب "الدرة في تاج سلاطين آل عُثمان".
وقالت إن الدولة العثمانية حينها، كانت راضية عن طلباته ونشاطاته، ففي 1875، طلب رخصة لإنشاء أول صحيفة، وأطلق عليها "ثمرات الفنون"، فسمحت له فورا بشرط نشر الأخبار الصحيحة، وجرى توزيعها في بيروت والقدس والقاهرة.
ومرة أخرى، كان الشيخ عبد القادر القباني محل ثقة الدولة العثمانية، فعينته عضوا في محكمة الاستئناف بولاية بيروت، وبقي في هذا المنصب القضائي لمدة عشر سنوات متوالية، كان خلالها مثالا كريما لرجل القضاء النزيه.
وبقي الشيخ القباني، مديرا للمعارف في ولاية بيروت، إلى أن وقع الانقلاب الذي قامت به جمعية الاتحاد والترقي ضد السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1919، حسب ابنته.
وفي 13 أغسطس/ آب من تلك السنة، أبلغه الاتحاديون نبأ إقالته من هذه الوظيفة، دون أي مبرر قانوني، وذلك بسبب ما كان يُظهره من ميل للسلطان.
** أرشيف الشيخ
وفي سبيل إحياء أرشيف الشيخ، أوضحت إنعام: "منذ عشر سنوات، بدأت الاهتمام بالبحث عن الجريدة (ثمرات الفنون)، في الأرشيف اللبناني، فلم أجدها".
وقالت: "حاولت البحث عنها (الصحيفة) خارج لبنان، فذهبت إلى القاهرة، وسألت عن الصحف، وصورت هناك 10 أعداد".
وأضافت أن "ثمرات الفنون الإنجاز الأول للشيخ، وأنها مطبوعة بحرف قديم، لذلك فهي تعمل على طباعتها بحرف جديد، لنشرها على موقع على الإنترنت خصص لذلك، لتصل لكل الناس".
كما فتشت إنعام أيضا في لبنان عن مستندات الشيخ القباني، عندما كان رئيسا للبلدية، وقالت إنها "وجدت 13 مستندا، وسلمتهم للبلدية الحالية، ووضعوا صورة له ضمن لائحة الرؤساء، الذين تعاقبوا على رئاسة بلدية بيروت".
وقالت إنها "تنوي إنشاء مؤسسة تكشف إنجازاته العلمية والأدبية والمهنية، وبعد انتهاء عملية جمع أعماله، ستنظم مؤتمرا في تركيا، لنشر الجريدة، والأعمال التي ستقدم إلى العالم بأكمله للاستفادة منها".
** رجل دولة
من جهته، قال "رشدي عدنان القباني" حفيد الشيخ: "منذ أن وعينا، وعمتي فاطمة كانت تعمل على جمع تراث عبد القادر قباني، وكان لدينا شغف التعرف على هذه الشخصية".
ورأى رشدي (44 عاما)، وهو من الجيل الثالث، أن "الشيخ رجل دولة من الطراز الرفيع، ونفتقد لرجل مثله اليوم".
وأوضح أن "الشيخ القباني أنجز الكثير، ففي عهده تم عمل التصميم المميز لوسط بيروت، الذي صُمم عندما كان أول رئيس منتخب للبلدية، وهذه التصاميم أخذها من أماكن مختلفة حول العالم".
وشدد رشدي على أنه "عندما نتحدث عن أبرز إنجازاته في تلك الفترة، فكان من أول المؤسسين لجمعية المقاصد الإسلامية، وكانت رؤيته أن إصلاح المجتمع يبدأ بإصلاح المرأة التي تربي الأولاد، والتي تدير المنزل، ولذلك هدفه الرئيس كان التعليم".
وقال إن "من أهم الإنجازات التي قام بها، هي (صحيفة) ثمرات الفنون، التي كانت ثاني صحيفة عربية في السلطنة العثمانية، والتي صدرت على مدار 34 عاما".
وأضاف أن "ثمرات الفنون" تذكر مختلف الأحداث الأمنية، والسياسية، والطبية، والعلمية، إضافة إلى النصائح، كما أنها تغطي العديد من الأمور الحياتية.
وتابع أن "مصداقية الصحيفة كانت عالية جدا، فأغلب الناس فيها كانوا من الأشخاص المعروفين من أهل الفضل، كما وصفوا من أهل بيروت حينها".