التقارير, إسرائيل, قطاع غزة

محامٍ إسرائيلي: التجويع وجعل الحياة مستحيلة أسلحة إبادة بغزة (مقابلة)

- المحامي الإسرائيلي الفرنسي عمر شاتز يلاحق قانونيا شخصيات إسرائيلية بتهمة التحريض على الإبادة الجماعية في غزة لدى "الجنائية الدولية"

Esra Taşkın, Hişam Sabanlıoğlu  | 24.03.2025 - محدث : 24.03.2025
محامٍ إسرائيلي: التجويع وجعل الحياة مستحيلة أسلحة إبادة بغزة (مقابلة) محامٍ إسرائيلي: التجويع وجعل الحياة مستحيلة أسلحة إبادة بغزة

Ile-de-France

باريس/ إسراء طاشقين/ الأناضول

- المحامي الإسرائيلي الفرنسي عمر شاتز  يلاحق قانونيا شخصيات إسرائيلية بتهمة التحريض على الإبادة الجماعية في غزة لدى "الجنائية الدولية"
**شاتز للأناضول:
- الإبادة الجماعية لا تقتصر على القتل الجماعي، ويمكن أن تتم بطرق مختلفة
-  منها التجويع ومنع المساعدات الإنسانية، وقصف المرافق الثقافية والجامعات والمستشفيات، وجعل الحياة مستحيلة
- جرائم التحريض على الإبادة الجماعية يجب أن تخضع للمساءلة لمنع وقوع الإبادة قبل حدوثها

قال المحامي الإسرائيلي الفرنسي عمر شاتز، الذي يلاحق قانونيا شخصيات إسرائيلية بتهمة التحريض على الإبادة الجماعية في غزة، إن الإبادة لا تقتصر على القتل المباشر وتشمل التجويع ومنع المساعدات الإنسانية وقصف المستشفيات والمرافق الحيوية وجعل الحياة مستحيلة.

شاتز وهو عضو الهيئة التدريسية في جامعة "سيانس بو" في باريس، قام مع طلابه بتحليل خطابات سياسيين وشخصيات عامة إسرائيلية، وتوصل إلى أنها تندرج ضمن إطار "التحريض على الإبادة الجماعية".

ونتيجة لذلك، قدم في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2024 شكوى رسمية إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد 6 مسؤولين إسرائيليين ومواطنين اثنين يحملان الجنسية الإسرائيلية، متهمًا إياهم بالتحريض على الإبادة الجماعية في غزة.

وفي حديث للأناضول، أوضح شانز أنهم أعدّوا هذه الشكوى بناءً على بحث أكاديمي أجروه في إطار برنامج ماجستير في مادة القانون وحقوق الإنسان والعمل الإنساني بجامعة "سيانس بو".

وأشار إلى أنه منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أجرى مع طلابه دراسة لخطابات سياسيين وشخصيات عامة إسرائيلية، وأنه وجد في تلك الخطابات أدلة تؤكّد أنها تحتوي على عناصر تندرج ضمن "التحريض على الإبادة الجماعية".

- طريق قانوني مبني على أسس متينة

وأوضح شاتز أن العديد من المحامين يعتبرون إثبات جريمة الإبادة الجماعية أمرًا معقدًا وصعبًا، وهو ما دفعه إلى اتباع نهج قانوني آخر أكثر وضوحًا ومبني على أسس قانونية متينة.

وهناك اعتقاد شائع، وفق المحامي، بأن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يتضمن 4 أنواع من الجرائم: هي جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم العدوان، والإبادة الجماعية.

لكن ما لا يُعرف كثيرًا هو أن هناك جريمة مستقلة خامسة، وهي "التحريض على الإبادة الجماعية"، والتي يمكن إثباتها دون الحاجة إلى إثبات وقوع جريمة الإبادة نفسها"، وفق المحامي.

شاتز أوضح أنهم قاموا أولًا بتحديد جريمة "التحريض على الإبادة الجماعية" وفقًا للعناصر القانونية الواردة في النظام الأساسي لروما.

ثم أجروا دراسة مقارنة حول معايير الأدلة المعتمدة بمحكمة العدل الدولية في لاهاي فيما يتعلق بالدعوى المرفوعة ضد إسرائيل.

ولفت شاتز إلى أنهم توصلوا إلى أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان ملزم بفتح تحقيق ضد هؤلاء الإسرائيليين الـ8 وفقًا لهذه المعايير.

وأضاف أن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يؤكّد على أن المدعي العام كريم خان، لا يمكنه تجاهل ما يحدث في محكمة العدل الدولية.

ونهاية ديسمبر 2023، تقدمت جنوب إفريقيا بدعوى شاملة رفعتها إلى محكمة العدل الدولية، تتهم فيها تل أبيب بـ"ارتكاب جرائم إبادة جماعية" في قطاع غزة، ولاحقا تقدمت دول، بينها تركيا ونيكاراغوا وكولومبيا، بطلبات للانضمام إلى القضية.

وأشار شاتز إلى أن الجنائية الدولية أقرّت في 26 يناير/ كانون الثاني 2024 بوجود خطر محتمل لوقوع إبادة جماعية في غزة، كما طالبت إسرائيل بمحاسبة المتورطين في التحريض على الإبادة الجماعية.

وأكد شاتز أن المدعي العام الإسرائيلي عميت إيسمان رفض فتح تحقيق بشأن جريمة التحريض على الإبادة الجماعية، متجاهلًا بذلك قرار المحكمة الجنائية الدولية،

و"بموجب مبدأ التكامل القضائي، إذا لم تقم السلطات الوطنية بواجبها في الملاحقة القضائية، فإن المحكمة الجنائية الدولية تصبح تلقائيًا صاحبة الاختصاص في القضية"، وفق شاتز.

وشدد شاتز على أن نتائج أبحاثهم تثبت أن خان ملزم بإدراج جريمة "التحريض على الإبادة" في ملف القضية، بغض النظر عن وجهة نظره حول وقوع الإبادة الجماعية نفسها.

وقال إن هذه الجريمة مستقلة عن جريمة الإبادة الجماعية، ويمكن ارتكابها دون الحاجة إلى إثبات وقوع إبادة جماعية بشكل فعلي.

وأوضح شاتز أن الشكوى التي قدمها إلى المحكمة الجنائية الدولية تشمل كلا من وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، والرئيس إسحاق هرتسوغ، إلى جانب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع الحالي يسرائيل كاتس، ووزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، وزعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف إيتمار بن غفير.

وأضاف: "لاحقًا، قمنا بإدراج شخصين آخرين لا يشغلان مناصب رسمية في الدولة، لكنهما يُعرفان اليوم بأنهما مؤثران يظهران يوميًا على شاشات التلفزيون، ويعبران عن آرائهما، ويمتلكان تأثيرًا كبيرًا على المجتمع، فضلًا عن نقلهما رسائل تحريضية"، دون ذكر اسميهما.

- "بالنسبة لهم جميع سكان غزة مجرمون"

وأشار شاتز إلى أن التحقيق شمل أيضًا تحليلًا لردود أفعال الجنود الإسرائيليين في غزة تجاه الخطابات التحريضية.

وأشار إلى أن أحد الشخصيات المذكورة دعا إلى قتل خمسة آلاف فلسطيني، بينهم مدنيون، في حين دعا آخر إلى "تطهير شمال غزة بالكامل".

وأضاف: "القاسم المشترك بين هؤلاء الـ8، هو عدم التمييز بين المدنيين والمقاتلين، بالنسبة لهم، جميع سكان غزة مجرمون. إنهم لا يتوانون عن إطلاق الدعوات لقتل النساء والأطفال وتدمير الشعب الفلسطيني بأكمله".

كما أكد شاتز أن مفهوم "الإبادة الجماعية" لا يقتصر على القتل الجماعي، بل يمكن أن يتم بطرق مختلفة.

وأضح ذلك بالقول: "ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية يمكن أن يتم عبر طريق مختلفة، منها تجويع السكان، ومنع وصول المساعدات الإنسانية، وقصف المرافق الثقافية، والجامعات والمستشفيات، وجعل الحياة مستحيلة".

وأكد شاتز على أن جرائم التحريض على الإبادة الجماعية يجب أن تخضع للمساءلة لمنع وقوع الإبادة قبل حدوثها.

وختم أن المحكمة الجنائية الدولية ملزمة بإصدار أوامر اعتقال، حتى لو كان المدعى عليهم من مواطني دول غير أعضاء في نظام روما الأساسي (المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية).

وكانت المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية.

وترفض إسرائيل أي صلاحية للمحكمة الجنائية الدولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولكن المحكمة تؤكد أن لديها صلاحية قانونية، وأن قبول إسرائيل باختصاص المحكمة غير ضروري.

ولفتت المحكمة في قرارها أن جرائم الحرب المنسوبة إلى نتنياهو وغالانت تشمل استخدام التجويع سلاح حرب، كما تشمل جرائم ضد الإنسانية، والمتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرهما من الأفعال غير الإنسانية.

وكان نتنياهو يعول بأن ضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على المحكمة سيجبرها على سحب مذكرة الاعتقال وهو ما لم يحصل رغم الضغوط الكبيرة على المحكمة وقضاتها.

وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 163 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، وسط دمار هائل.

وللعام الـ18 تحاصر إسرائيل غزة، وبات نحو 1.5 مليون من مواطنيها، البالغ عددهم حوالي 2.4 مليون فلسطيني، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم، ودخل القطاع أولى مراحل المجاعة؛ جراء إغلاق تل أبيب المعابر بوجه المساعدات الإنسانية.


الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.