الدول العربية, قطاع غزة

"تركنا ذكرياتنا وأحلامنا".. ألم نزوح متجدد من خان يونس (تقرير)

إثر أوامر إخلاء أصدرها الجيش الإسرائيلي الخميس، فيما بدأ الجمعة عملية عسكرية برية سبقها قصف مكثف للمناطق الشرقية والشمالية من خان يونس جنوبي قطاع غزة

Nour Mahd Ali Abuaisha  | 09.08.2024 - محدث : 09.08.2024
"تركنا ذكرياتنا وأحلامنا".. ألم نزوح متجدد من خان يونس (تقرير)

Gazze

غزة / الأناضول

في أجواء مشحونة بالخوف والترقب، تواصل مئات العائلات الفلسطينية النزوح من شرقي وشمالي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، فارين من حمم القصف الإسرائيلي غير المنقطع منذ مساء الخميس.

ولعدة مرات، تعيش العائلات هموم النزوح المتكرر من هذه المدينة التي حولها الجيش الإسرائيلي إلى ساحة من الدمار والركام.

في هذا المشهد المؤلم، تختلط أصوات بكاء الأطفال والنساء بضجيج انفجارات القصف في وقت يواجه فيه النازحون واقعا قاسيا لا خيار لهم فيه إلا "محاولات النجاة من الموت".

** معاناة الأطفال والنساء

وتحت حرارة الشمس الشديدة، يحمل الفلسطينيون منازلهم المؤقتة "خيام النزوح" على ظهورهم، بينما تحمل النساء اللواتي خرج معظمهن بأثواب الصلاة بين أيديهن مستلزماتهن الضرورية.

وبخطوات متثاقلة، يسير الأطفال بأقدامهم الصغيرة جنبا إلى جنب مع أمهاتهم وآبائهم، يحملون على أكتافهم حقائب فيها مستلزمات أساسية وبين أيديهم أوعية بلاستيكية مخصصة للمياه "جالونات".

وفي عيونهم تتأرجح الدموع بحثا عن إجابات لأسئلة مفادها "متى تنتهي هذه المعاناة؟ ومتى يتوقف هذا الموت؟".

ويقول الطفل محمد النجار (13 عاما)، والذي غادر برفقة عائلته منطقة سكنهم: "لماذا نعيش دائما نفس المعاناة من النزوح والتشرد؟ ما نلبث أن نستقر في منزلنا المدمر شرق خان يونس حتى يعاود الجيش الإسرائيلي طلب الإخلاء".

وأمس الخميس، طالب الجيش الإسرائيلي سكان أحياء جديدة في مدينة خان يونس بإخلائها قسرا، بينما أعلن الجمعة بدء "عملية عسكرية هجومية" في المدينة وتزامن الاجتياح البري لها مع قصف جوي مكثف، ادعى الجيش أنه استهدف فيها أكثر من 30 هدفا لحركة حماس.

هذه المدينة، سبق أن دخلها الجيش الإسرائيلي عدة مرات منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، متجاهلا التحذيرات الدولية وقرارات مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية بشأن عملياته فيها.

وتداول ناشطون مقاطع فيديو تظهر عمليات النزوح التي بدأت منذ الخميس، حيث ظهر آلاف الفلسطينيين وهم يمشون في طوابير مكتظة في الشوارع وعلى وجوههم آثار التعب والقلق.

** نزوح نحو المجهول

ووجد هؤلاء النازحون أنفسهم في مواجهة قاسية مع المجهول، حيث لا يعرفون إلى أن تأخذهم أقدامهم هربا من الموت بآلة الحرب الإسرائيلية، التي تستهدف كافة المناطق حتى تلك التي يصنفها الجيش "آمنة وإنسانية".

ومع كل خطوة نحو المجهول، يتمسك هؤلاء النازحون بشيء واحد فقط يتمثل في "أمل العودة إلى ركام منازلهم المدمرة"، قائلين إن "خيمة على ركام منازلهم تبقى أفضل من مراكز الإيواء المكتظة والموبوءة".

ويعبر بعضهم، في أحاديث منفصلة للأناضول، عن تشاؤمهم من عودة الحياة لما كانت عليه وكأنها "أمنيات بعيدة المنال"، وفق قولهم.

ويقول عمر راضي (45 عاما)، النازح أصلا من مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة، عن اللحظات الأولى التي قرر فيها الفرار مع أسرته خشية عملية عسكرية في المدينة التي سبق ونزح إليها: "لم يكن لدينا وقت للتفكير في النزوح، كل ما كنا نريده هو البقاء على قيد الحياة".

وتابع: "للمرة الرابعة نعيش رحلة النزوح، نحمل معنا القليل من الأمتعة ونترك كافة الذكريات والأحلام والمنازل خلفنا".

ويشير إلى أن الفلسطينيين خلال رحلة النزوح "يسيطر عليهم الخوف من كل شيء، من فقدان أحد أفراد الأسرة، أو من عدم وجود مأوى جديد لهم، خاصة وأنهم ينزحون نحو المجهول".

** فوضى وبؤس وخوف

حتى 31 يوليو/ تموز الماضي، فإن 14 بالمئة فقط من المناطق في قطاع غزة كانت غير خاضعة لأوامر الإخلاء، وفق بيان لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

وقالت الوكالة الأممية إن "أوامر الإخلاء الإسرائيلية التي تجبر الناس على الفرار تخلق حالة من الفوضى والذعر، وفي كثير من الأحيان لا يكون أمام الناس إلا ساعات قليلة لحزم أمتعتهم والبدء من جديد".

وأوضحت أن عمليات النزوح تكون إما سيرا على الأقدام أو من خلال عربات الحمير المزدحمة وذلك لمن يستطيع تحمل تكاليفها، وفق البيان.

وأشارت الأونروا إلى أن النازحين يواصلون "البحث عن الأمان الأغلى ثمنا والأكثر غيابا في القطاع".

وذكرت أن تكتيك الإخلاء لا يجلب سوى مزيد من "البؤس والخوف والمعاناة للناس الذين لا علاقة لهم بهذه الحرب".

ويعيش النازحون أوضاعا مأساوية تفاقمت خلال فصل الصيف، حيث يقيمون داخل خيام بلاستيكية تختزن درجات حرارة عالية، وسط نقص حاد في المياه الصالحة للشرب، وسخونة شديدة لما هو متوفر منها.

وازدادت أوضاع النازحين سوءا جراء تلوث مصادر المياه وتراكم أطنان النفايات وانتشار الأمراض والأوبئة خاصة الجلدية والكبد.

وبدعم أمريكي تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة، منذ 7 أكتوبر 2023، خلفت أكثر من 131 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın