الدول العربية, قطاع غزة

غزة.. طفل يحلم بالنجاة من جحيم الحرب ليعانق والده في بلجيكا (تقرير)

الطفل محمد الدنف (8 سنوات)، يعيش حياة قاسية جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة للشهر 9 على التوالي، ويقول للأناضول: - كنا نريد الالتحاق بوالدي في بلجيكا قبل اندلاع الحرب

Hosni Nedim  | 29.06.2024 - محدث : 29.06.2024
غزة.. طفل يحلم بالنجاة من جحيم الحرب ليعانق والده في بلجيكا (تقرير) أرشيفي

Gazze

غزة/ حسني نديم/ الأناضول

الطفل محمد الدنف (8 سنوات)، يعيش حياة قاسية جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة للشهر 9 على التوالي، ويقول للأناضول:
- كنا نريد الالتحاق بوالدي في بلجيكا قبل اندلاع الحرب
- إغلاق معبر رفح وتدميره بدد أحلامي بالسفر وعناق والدي المقيم في بلجيكا
- الحرب سلبت منا حقوقنا وحملتنا مسؤوليات أكبر من عمرنا
- مررنا بـ3 رحلات نزوح، ونجونا من الموت بأعجوبة من قصف استهدف مركز الإيواء الذي نقيم به

يحلم الطفل الفلسطيني محمد الدنف (8 سنوات) بالسفر إلى بلجيكا للقاء والده المقيم هناك منذ أكثر من عامين، لكن إغلاق معبر رفح البري وتدميره وإحراقه من قبل الجيش الإسرائيلي يحول دون ذلك.

وقد يبدو حلم سفر أي طفل من مكان لآخر للقاء والده وعناقه بسيطا خارج هذه البقعة الجغرافية الضيقة، لكن الحصار المشدد وحرب الإبادة الإسرائيلية التي يعيشها أكثر من مليوني نسمة لنحو 9 شهور تجعله "معقدا ومستحيلا".

ويقول المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إن حرق وتدمير الجيش الإسرائيلي لمعبر رفح البري الحدودي مع مصر في 17 يونيو/ حزيران الجاري، أدى إلى خروجه عن الخدمة بشكل نهائي.

وفي 7 مايو/ أيار الماضي، سيطر الجيش الإسرائيلي على معبر رفح ضمن عمليته البرية في المدينة، والذي كان يعد ممرا رئيسيا لخروج عدد قليل جدا من الجرحى والمرضى وأفراد من القطاع ودخول المساعدات إليه.

**حياة قاسية

يعيش الطفل الدنف، النازح من مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة لأحد مراكز الإيواء مخيم النصيرات وسط القطاع، ظروفا معيشية صعبة للغاية.

حال الدنف لا ينفصل عن أوضاع بقية الأطفال الذين صنفتهم تقارير حقوقية محلية ودولية على أنهم الضحية الأكبر لهذه الحرب الإسرائيلية المستمرة.

ويمر الدنف بحالة من الخوف والقلق المستمرة بفعل أصوات الانفجارات العنيفة الناجمة عن القصف الإسرائيلي لأماكن محيطة بمكان نزوحه.

وبصوت حزين، يقول الدنف للأناضول: "سافر والدي منذ عامين ونصف إلى بلجيكا في محاولة منه لتأمين حياة كريمة للعائلة، لكن الحرب الإسرائيلية غيرت مجرى الحياة، وأصبحنا نعيش في خطر شديد دون وجود الوالد والذي يشكل مصدر أمان بالنسبة لنا على المستوى النفسي".

وأضاف أن المدرسة التي يتواجدون فيها "تعرضت للقصف الإسرائيلي لثلاث مرات"، لافتا إلى أنها "ليست آمنة".

واستكمل قائلا: "الوضع في قطاع غزة خطير جدا، والجيش الإسرائيلي يستهدف المدارس والمنازل والمستشفيات وكل شيء، فلا وجود للأماكن الآمنة، والخطر في كل مكان".

**معاناة النزوح

مر الدنف برفقة عائلته، بعدة رحلات نزوح هربا من جحيم الغارات الإسرائيلية في المناطق التي تواجدوا فيها.

وفي بداية الحرب، غادرت العائلة مخيم الشاطئ نازحة إلى منزل جدهم في مخيم النصيرات، بحثا عن مكان أكثر أمنا، بعد نسف الجيش الإسرائيلي مربعات سكنية كاملة تحيط بهم.

ويقول الطفل الحزين لمراسل الأناضول: "أول رحلة نزوح كانت برفقة أمي وأخي من مخيم الشاطئ إلى النصيرات، لكن وجودنا هناك لم يدم طويلا، فقد قصف الجيش الإسرائيلي المخيم وبدأ عملية عسكرية برية في المنطقة الشمالية منه، فاضطررنا إلى النزوح لمركز إيواء بمدينة رفح".

الحياة في مركز الإيواء لم تكن سهلة على عائلة الدنف وطفلهم "محمد"، فقد كانت تفاصيل الحياة الجديدة صعبة عليهم لا سيما فيما يتعلق بتوفير مستلزمات الحياة.

واضطر الطفل الدنف أن ينزح للمرة الثالثة من رفح والعودة إلى النصيرات لكن هذه المرة لمركز إيواء أيضا، هربا من عملية عسكرية شنّها الجيش آنذاك لتحرير أسرى ورهائن بالمدينة في فبراير/ شباط الماضي أسفرت عن مقتل العشرات من الفلسطينيين".

واستمرت الحياة الصعبة بكافة تفاصيلها تلقي بحملها على كتف العائلة والطفل محمد الذي حمل مسؤوليات أكبر من عمره فيما يتعلق بتوفير المياه والطعام للعائلة.

ويعيش نحو 2 مليون نازح فلسطيني داخل مراكز الإيواء المختلفة في قطاع غزة، ظروفا صعبة يفتقدون فيها لسبل العيش الكريم فيما تنتشر بينهم الأمراض المعدية بسبب الاكتظاظ ونقص المياه والغذاء وانخفاض مستوى النظافة.

نجاة من الموت

لم يسلم الطفل الدنف وعائلته من القصف الإسرائيلي المتكرر حتى بعد عودتهم إلى مخيم النصيرات، حيث نجوا بأعجوبة من ثلاث غارات إسرائيلية استهدفت المدرسة التي يتواجدون فيها.

وعاشت العائلة، مثل غيرها من الفلسطينيين النازحين بمخيم النصيرات، أجواء من الخوف والرعب أثناء عملية عسكرية خاطفة للجيش الإسرائيلي لتحرير أربعة رهائن من وسط المخيم، استخدمت فيها قوة نارية كبيرة أدت إلى مقتل 280 فلسطينيا وجرح آلاف آخرين، وذلك في 8 يونيو/ حزيران الجاري.

ومنذ انتهاء تلك العملية، يعاني الطفل محمد من أوضاع نفسية صعبة، حيث يصرخ باكيا بشكل دائم ومتكرر طلبا للسفر إلى الخارج ولقاء والده في بلجيكا.

ويقول عن ذلك: "كنا نريد الالتحاق بوالدي في بلجيكا قبل الحرب، لكن الحرب وإغلاق المعابر حال دون ذلك"، مضيفا: "أصبح اللقاء بوالدي مجرد حلم صعب تحقيقه".

وكما سرقت منه الحرب حقه بالتنقل والسفر، فقد حرمته أيضا من إكمال تعليمه في المدرسة ومن حقه في اللعب والحياة الآمنة، كما قال.

وتابع: "حينما اندلعت الحرب كنت في الصف الثاني الابتدائي، ومنذ ذلك الوقت ونحن متوفقون عن الدراسة وخرجنا من منزلنا ونعيش حياة صعبة للغاية".

وتعكف والدته على تعليمه "القراءة والكتابة والعمليات الحسابية البسيطة بواسطة اللوح المدرسي (السبورة) داخل الصف الذي تقيم فيه العائلة"، وذلك كي لا يفقد قدرته على القراءة والكتابة وفي محاولة لمساعدة الطفل على تخفيف توتره من الحرب وأهوالها.

والجمعة، قال وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، في بيان على منصة "إكس" إن "أكثر من 625 ألف طفل في غزة حرموا من الدراسة لأكثر من 8 أشهر منهم 300 ألف كانوا بمدارس الوكالة قبل الحرب".

وعن حقوقه المسلوبة، قال الطفل بوجه عابس: "في غزة كنا نذهب إلى المنتزه المجاور للمنزل، من أجل اللهو واللعب الأراجيح، أما اليوم فقد صنعنا أرجوحة في الممر داخل المدرسة من أدوات بسيطة كالحبال والإسفنج حتى نلعب ونلهو ونهرب قليلا من أجواء القصف والرعب".

ويتحدث الطفل عن وجود أعباء يومية ملقاة على عاتقه، قائلا: "أتحمل مسؤولية مهمة مرهقة للغاية يوميا لتعبئة جالونات المياه، حيث نقطع مسافات طويلة ونصعد سلالم طويلة من أجل ذلك، وأحيانا نعود بلا مياه بعد ساعات طويلة من المشي والانتظار".

وختم قائلا: "يكفينا حربا وقتلا ودمارا، نريد العيش كباقي أطفال العالم".

ومنذ 7 أكتوبر تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة بدعم أمريكي مطلق، خلفت أكثر من 124 ألف قتيل وجريح فلسطيني، ما أدخل تل أبيب في عزلة دولية وتسبب بملاحقتها قضائيا أمام محكمة العدل الدولية.

وتواصل إسرائيل حربها رغم قرارين من مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.