أمينة أردوغان: الإنسانية لم تعد تحتمل مزيدا من الحروب والصراعات
قالت السيدة أمينة أردوغان، عقيلة الرئيس التركي، إن الإنسانية لم تعد لديها القدرة على تحمّل مزيد من الصراعات والحروب، بل على العكس، فإن البشرية تتطلع إلى تأسيس مجالات للتعاون، وتبديد الغموض، وسيادة السلام.

Antalya
أنطاليا/ الأناضول
**عقيلة الرئيس التركي بمنتدى أنطاليا الدبلوماسي:- الإنسانية لم تعد تحتمل مزيدًا من الصراعات والحروب. على العكس، فإن الإنسانية تتطلع إلى تأسيس مجالات للتعاون، وتبديد الغموض، وسيادة السلام.
- في هذا المنتدى، سندعو الجهات الفاعلة الدولية إلى بناء عالم يكرّس فيه السلام والنظام العادل النصر للجميع.
-سنسعى، بقوة الدبلوماسية التي توحّد البشرية، إلى ردم الصدوع التي ظهرت بين الشعوب، وسنقترح على البشرية إعادة إحياء ثقافة التسامح
- أتمنى عالمًا تنتهي فيه الصراعات، ولا يختبر فيه الأطفال سوى مشاعر الفرح، ويكون على ظهورهم حقائب مدرسية، لا أعباء ثقيلة
قالت السيدة أمينة أردوغان، عقيلة الرئيس التركي، إن الإنسانية لم تعد لديها القدرة على تحمّل مزيد من الصراعات والحروب، بل على العكس، فإن البشرية تتطلع إلى تأسيس مجالات للتعاون، وتبديد الغموض، وسيادة السلام.
جاء ذلك خلال كلمة ألقتها في جلسة عُقدت بعنوان "بناء المستقبل في عالم منقسم: القوة التحويلية للتعليم"، ضمن فعاليات النسخة الرابعة من منتدى أنطاليا الدبلوماسي، المقام جنوبي تركيا.
ولفتت أردوغان إلى أن منتدى أنطاليا الدبلوماسي لهذا العام يتناول موضوعًا بالغ الأهمية، وأضافت أن المنتدى، من خلال شعاره لهذا العام "التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم"، يوجّه نداء إلى الدبلوماسية الداعية للسلام، وذلك في فترة يشهد فيها العالم تصدعات على خطوط التماس.
وأكّدت أمينة أردوغان أن العالم، الذي يزداد انقسامًا يومًا بعد يوم بسبب الاستقطاب والحروب والأزمات الإنسانية، بات في أمسّ الحاجة إلى الدبلوماسية.
وقالت: "الحقيقة الواضحة هي أن الإنسانية لم تعد تحتمل مزيدًا من الصراعات والحروب. على العكس، فإن الإنسانية تتطلع إلى تأسيس مجالات للتعاون، وتبديد الغموض، وسيادة السلام".
وأضافت: "لذلك، في هذا المنتدى، سندعو الجهات الفاعلة الدولية إلى بناء عالم يكرّس فيه السلام والنظام العادل النصر للجميع. وسنسعى، بقوة الدبلوماسية التي توحّد البشرية، إلى ردم الصدوع التي ظهرت بين الشعوب، وسنقترح على البشرية إعادة إحياء ثقافة التسامح. أتمنى عالمًا تنتهي فيه الصراعات، ولا يختبر فيه الأطفال سوى مشاعر الفرح، ويكون على ظهورهم حقائب مدرسية، لا أعباء ثقيلة".
- توفير تعليم نوعي للأجيال من شأنه تغيير مصير العالم
وقالت أمينة أردوغان إن الهدف من هذه الجلسة هو تسليط الضوء على القوة التحويلية للتعليم في إخراج العالم المنقسم من الفخاخ التي سقط فيها، وأضافت: "إن الهدف المشترك لكل من في هذه القاعة هو جمع الإنسانية عند بوابة المستقبل المضيئة التي يفتحها التعليم. لأننا نعلم جيدًا أن غراسة شتلة في أرض قاحلة، تعتبر أكبر هدية للمستقبل لأن هذه الشتلة سوف تتحول إلى غابة غنّاء. إذا قدمنا للأجيال تعليمًا نوعيًا، فإن ذلك من شأنه تغيير مصير المجتمعات، ومصير العالم بأسره".
وأشارت أمينة أردوغان إلى أن التعليم هو رحلة نحو ذروة الإنسانية، وتابعت كلمتها بالقول: "ما يدفعنا قدمًا في هذه الرحلة هو الإمكانات التي نحملها معنا. فإذا كانت خريطة الطريق التي نحملها تفتقر إلى نقاط مرجعية موثوقة، فإننا سنتوقف في منتصف الطريق. إن القيم الإنسانية تشكل الهدف الحقيقي والنوعي للتعليم. إلا أن العالم الحديث يركّز أكثر على تخريج موارد بشرية ميكانيكية تؤدي وظائفها المهنية فحسب. إنه يوزع أجزاء من المعرفة المبعثرة على الجميع، وينتج تخصصات دقيقة مجزأة".
- لم يتم تبني الوعي البيئي بالشكل الكافي
وتحدثت أمينة أردوغان عن جهود العالم في مكافحة تغير المناخ ومساعيه لإعادة بناء علاقة قائمة على التوازن مع الطبيعة، قائلة: "نسعى لحساب تأثير بصمتنا الكربونية، وبصمتنا المائية. نحاول تعليم أطفالنا هذه المصطلحات الجديدة. وعلى الرغم من كل ما نبذله من جهد، إلا أننا مع الأسف لا نزال نرى أن الوعي البيئي لم يتم تبنيه بالشكل الكافي".
وأشارت أمينة أردوغان إلى أن أحد كبار المتصوفة في الأناضول، وهو يونس أمره، علّم البشرية أن تنظر إلى الطبيعة والإنسانية من نافذة جديدة تمامًا من خلال قوله، أحبُّ المخلوق لأجل الخالق".
وتابعت بالقول: "بهذا المنظور، لا يمكننا بعد الآن أن نرى أنفسنا سادة الطبيعة، ولا يمكننا أن نؤسس هيمنة قائمة على الاستغلال فوقها. إن البيئة المستدامة هي ثمرة طبيعية لفهم يدرك دوره في هذا العالم، ويشعر بمسؤوليته في أداء واجباته تجاه الإنسانية. وخلاصة القول هي أن هدف التعليم هو الإمساك بالبعد الفكري والوجداني لدى الإنسان. فالمعرفة التي لا تستند إلى منظومة القيم الحضارية، تبقى مجرد معلومات سطحية بلا عمق. إنها تعجز عن تفسير العالم الذي يتغير بسرعة. وتُختزل الإنسانية أمام ما أنتجته بنفسها من تكنولوجيا وعلم".
وأكدت أمينة أردوغان أنهم ينقلون هذه الرؤية التي تحدثت عنها إلى 55 دولة حول العالم من خلال مؤسسة "المعارف" التركية، التي أصبحت إحدى العلامات العالمية الخاصة بتركيا.
وقدّمت أمينة أردوغان شكرها لإداريي مؤسسة المعارف التركية، وممثليها في الدول، وجميع العاملين فيها بمختلف مستوياتهم، كما أعربت عن تقديرها العميق للمعلمين الذين يؤدون عملهم بإخلاص في مختلف الميادين.
- أتمنى عالمًا لا يعرف فيه الأطفال سوى الفرح
وأشارت أمينة أردوغان إلى نتائج دراسة أعدّتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، تفيد بأن امتلاك مهارات القراءة والكتابة الأساسية فقط يمكن أن يخلّص 171 مليون إنسان من الفقر المدقع، مؤكدة أن كل إنسان متعلم يمكن أن يتحول إلى قوة تغيير مؤثرة، ويخلق تأثيرًا واسعًا في محيطه، ويساهم في تنمية أسرته ومجتمعه، وينقل معارفه ومهاراته إلى الأجيال القادمة ليكون فاعلًا في تحقيق الاستدامة.
ولفتت أمينة أردوغان إلى أن ملايين الأطفال في مناطق الحروب لا يزالون عاجزين عن الوصول إلى التعليم، الذي يعدّ من أبسط حقوق الإنسان.
وأضافت: "أقولها بحزن عميق: في عالم لم نتمكن فيه حتى من تأمين حق الحياة للأطفال، أصبح حق التعليم في أدنى مراتب الأولويات. في فلسطين، لا يتمكن الأطفال من الذهاب إلى المدرسة، بل حتى من التفكير، وعندما يُسألون أمام الميكروفونات يقولون: أريد أن أموت، لأنني تعبت من الحياة بسبب الحرب. وعندما يُسألون: ما الذي ترغب في تناوله؟، بينما ينبغي لأي طفل في الظروف الطبيعية أن يقول شوكولاتة أو مثلجات، فإنهم لا يطلبون سوى الخبز. وعندما يُسألون: أين والدتك ووالدك؟، بدلاً من أن يجيبوا في المنزل أو في العمل، يقولون: في الجنة".
وشددت على أن العالم بات مكانا متعبا للأطفال الصغار المثقلين بأحزان كبيرة، وأن هذه الأحزان تقضي على بريق الحياة في قلوبهم الغضّة.
وشاركت في البرنامج رئيسة وزراء إقليم البنجاب الباكستاني، مريم نواز شريف، والسيدة الأولى لجمهورية أذربيجان ونائبة رئيس الجمهورية مهربان علييفا، والرئيسة السابقة لكرواتيا كوليندا غرابار كيتاروفيتش، وزوجة رئيس سيراليون فاطمة مادا بيو، وعقيلة رئيس وزراء فلسطين أمل مصطفى، وزوجة رئيس وزراء جمهورية شمال قبرص التركية زرين أوستل.
كما شارك رئيسة مجلس أمناء جمعية المرأة والديمقراطية التركية سمية أردوغان بيرقدار، وابنة رئيس أذربيجان ليلى علييفا، ورئيس مؤسسة المعارف التركية محمود أوزديل، وغيرهم من المسؤولين والمعنيين.
والجمعة، انطلقت فعاليات النسخة الرابعة من منتدى أنطاليا الدبلوماسي "ADF2025"، ويستمر حتى الأحد، بمشاركة رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية وممثلين عن منظمات دولية، وبتغطية من وكالة الأناضول بصفتها "شريكا إعلاميا عالميا".
ويُقام المنتدى برعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتنظيم وزارة الخارجية، في مركز للمؤتمرات بمنطقة "بيليك" التابعة لولاية أنطاليا جنوبي البلاد.