الدول العربية, حكايتي

عبد الجليل الملياني.. سجين مغربي أضاء زنزانته بنور العلم (حكايتي)

20 عاما و4 أشهر قضاها خلف القضبان قبل أن يعانق الحرية بعفو ملكي وبحوزته 10 شهادات

01.04.2020 - محدث : 01.04.2020
عبد الجليل الملياني.. سجين مغربي أضاء زنزانته بنور العلم (حكايتي)

Rabat

الرباط / محمد بندريس / الأناضول

ـ الملياني (57 عاما) نال 5 إجازات في تخصصات مختلفة و3 بكالوريا و2 للتكوين المهني
ـ عانق الحرية بعفو ملكي 4 مرات، آخرها في يوليوز 2019
ـ معاناة المحكومين بالمؤبد كانت دافعا له نحو التعلم والتعليم داخل السجن

رغم الحكم عليه بـ"المؤبد" سنة 1999، نجح سجين مغربي خلال 20 عاما قضاها خلف القضبان، في أن يضيء زنزانته بنور العلم، قبل أن يعانق الحرية بعفو ملكي وفي حوزته 5 شهادات جامعية، و2 للتكوين المهني، و3 بكالوريا (الثانوية العامة).

المغربي عبد الجليل الملياني (57 عاما)، الذي تشكل قصته مصدر إلهام بالنسبة إلى السجناء، خرج منتصرا من محاولتي انتحار فاشلتين، ليقود ثورة داخل السجن ضد اليأس والإحباط، انتهت باستفادته من عفو ملكي أربع مرات، آخرها في 29 يوليوز/ تموز 2019.

تعود قصة الملياني، إلى نهاية القرن الماضي عندما أدين في قضية جنائية، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، لكنه قرر أن يبدأ حياة جديدة بعد 3 سنوات قضاها في العذاب والضغوط النفسية.

** ولادة جديدة

بعد الحكم عليه بالمؤبد يقول الملياني، تم "نقلي إلى السجن المركزي بالقنيطرة (شمال)، الذي يستقبل أصحاب المحكوميات الثقيلة، ويسمى بمقبرة الأحياء، فشعرت أني داخل مجتمع غريب لم أتخيله من قبل".

ويضيف الملياني للأناضول: "عشت السنوات الثلاث الأولى معاناة نفسية لا تطاق، حتى أني فقدت كثيرا من وزني، وقمت بمحاولتي انتحار فاشلتين، الأولى سنة 2000 في سجن عكاشة بالدار البيضاء (شمال)، بعد معاناة نفسية كادت تعصف بقوتي العقلية".

ويتابع: "والمحاولة الثانية عام 2002 في السجن المركزي بالقنيطرة، عندما اختلطت علي المآسي بين واقع مليء عن آخره بأصحاب الأحكام الثقيلة الذين قضوا أكثر من ربع قرن خلف الأسوار دون أمل بإفراج قريب، وبين صدمة بتر ساق والدي الذي اشتد عليه المرض حزنا علي".

ويوضح الملياني: "كانت نقطة التحول عندما قدم لي مشرف اجتماعي بعد محاولة الانتحار الثانية، أسماء شخصيات كانت محكومة بمدد كبيرة، قبل أن تتحول إلى أيقونات في عالم السياسة والفكر".

ويستطرد: "حينها أيقنت أنه يمكنني أن أحذو حذوهم، فقررت إشغال نفسي بالدراسة، وكنت كلما أحصل على شهادة أشعر أني أتقدم نحو الحرية".

** دروب النجاح

بعد بداية مسار النجاح، درس الملياني بالسجن ما لم يتعلمه في حياته من قبل، وسيصبح "الأستاذ" الذي يلهم الآخرين، وتضرب به العبر لتحفيز الوافدين.

يقول: "لم أشأ ترك السجناء، وبدأت أستقطب غير المتعلمين منهم إلى دروس محو الأمية، التي كنت أقدمها بنفسي، كما استطعت استقطاب المتعلمين إلى فصول الدراسة".

كانت نقطة البداية في مسار التعلم والجد والاجتهاد، يضيف الملياني، بـ"نيل شهادة البكالوريا في الآداب بأعلى معدل على مستوى إقليم القنيطرة، فتحت لي باب التسجيل بكلية الحقوق بمدينة سلا (قرب العاصمة الرباط)، التابعة لجامعة محمد الخامس، حيث نلت الإجازة في القانون المدني سنة 2006".

وأضاف الملياني، إلى رصيده العلمي شهادة بكالوريا في شعبة الآداب العصرية سنة 2007، بعدها حصل على إجازة ثانية تخصص علم الاجتماع، بكلية الآداب بجامعة بن طفيل بالقنيطرة سنة 2009، قبل أن يعود إلى كلية الحقوق بسلا، التي نال منها إجازة ثالثة في القانون العام تخصص "إدارة عمومية" سنة 2011.

لم ينته مسار الملياني "السجين" عند هذا الحد، فقد حصل سنة 2015 على شهادة بكالوريا ثالثة في العلوم الشرعية، وإجازة رابعة في علم النفس الاجتماعي بكلية الآداب التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، ثم خامسة في الدراسات الفرنسية سنة 2016.

وبين عامي 2017 و2019 حصل أيضا على شهادتين للتكوين المهني في تخصصي "تدبير المخازن" و"الصباغة".

ويمضي الملياني اليوم بثبات، وقد عانق الحرية، لحصد إجازة سادسة في "التاريخ".

ومن خلال الشهادات الجامعية التي تحصل عليها، يتجلى نجاح الملياني في كونه يزاوج بين 6 تخصصات علمية، هي القانون الخاص والعام وعلم النفس وعلم الاجتماع واللغات والتاريخ.

وكان لهموم السجناء دائما موقع في البحوث الجامعية التي أنجزها، إذ كان بحث تخرجه في شعبة علم النفس الاجتماعي بعنوان "التمثلات الاجتماعية للسجين المحكوم بالعقوبات الطويلة الأمد وعلاقتها باندماجهم داخل المؤسسة السجنية".

كما تطرق في بحث تخرجه بعلم الاجتماع إلى موضوع "دور جمعيات المجتمع المدني في تهيئة السجناء وإعادة إدماجهم".

وأصدر الملياني كتابا مشتركا مع سجين آخر حول "إعادة إدماج السجين".

** معانقة الحرية

طوال المدة التي قضاها الملياني خلف القضبان، ظل يراوده حلم معانقة الحرية من جديد.

لكن في ظل النجاحات التي حققها أصبح ذلك قريب المنال شيئا فشيئا، إلى أن تحقق الحلم المستحيل في يوليو 2019، بعد 20 عاما و4 أشهر كاملة قضاها في السجن.

جاء ذلك بفضل استفادته من عفو ملكي أربع مرات متتالية، الأول سنة 2016 قضى بتحويل عقوبة "المؤبد" إلى "المحدد في 30 سنة"، والثاني سنة 2017 خفض العقوبة 3 سنوات.

أما الثالث فكان عام 2018، وخفض العقوبة عامين إضافيين، قبل أن يقضي العفو الملكي في 2019 بما تبقى من العقوبة (4 سنوات و8 أشهر)، وذلك بمناسبة الذكرى العشرين لتولي الملك محمد السادس العرش.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.