لندن / الأناضول

في ما مضى، وصف المستشار البريطاني الراحل نايجل لوسون (1983- 1989)، هيئة الخدمات الصحية الوطنية بأنها "أقرب إلى دين يعتنقه الإنجليز".

ولكن على الرغم من مكانتها المقدسة، تواجه الـNHS حاليًا تحديات غير مسبوقة وسط تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأزمة التكلفة المتزايدة للمعيشة.

في العام الماضي، شهد النظام الصحي أكبر إضراب للممرضين في تاريخه، نتيجة التدهور المتواصل بالأجور على مدى عقد من الزمن، والتدهور الاقتصادي الناتج عن الحرب، وزيادة الأعباء الناتجة جزئيًا عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وجائحة كورونا.

ووفقًا لتقرير صادر عن الجمعية الطبية البريطانية (BMA)، كان هناك 4.47 ملايين حالة على قوائم الانتظار للحصول على خدمة العناية الصحية من قبل استشاريين في فبراير 2020 قبل الجائحة.

ارتفع هذا العدد إلى 7.57 ملايين بحلول أبريل/نيسان 2024، مع انتظار 3.16 ملايين مريض لأكثر من 18 أسبوعًا و302.600 مريض ينتظرون لأكثر من عام.

وبينما تتجه بريطانيا نحو صناديق الاقتراع، الخميس، أصبحت خدمة الصحة الوطنية "NHS" القضية الرئيسية التي تؤثر على قرار الناخبين.

وفقًا لمؤشر قضايا إبسوس، ارتفعت نسبة القلق بشأن الـNHS، حيث وصفها 35 بالمئة من المستطلعين بأنها أكبر قضية تواجه بريطانيا، متجاوزة حتى الاقتصاد.

جيديون سكينر، رئيس أبحاث السياسة العامة في إبسوس، قال: "تظهر نتائج مؤشر القضايا قبل الانتخابات أن "NHS" عادت لتكون القضية الأكبر التي تواجه بريطانيا، وعلى الرغم من تراجع القلق الاقتصادي منذ أبريل، فإن الاقتصاد والتضخم لا يزالان يمثلان قلقًا كبيرًا لعدد كبير من الناس".

وتصنف الـNHS أعلى قضية تحوز الاهتمام بالنسبة لأنصار حزب العمال، حيث أشار 43 بالمئة إلى أنها القضية الأكثر أهمية التي تواجه البلاد، متقدمة قليلاً على التضخم والاقتصاد.

وعلى الرغم من الزيادات السنوية المستمرة في التمويل منذ عام 2010، تواجه الـNHS نموًا أبطأ في الدعم المالي وانخفاضًا في الأجور الحقيقية لموظفيها.

وفقًا لتحليل أجراه معهد الدراسات المالية (IFS)، ارتفعت نسبة الإنفاق على الـNHS نحو 6 بالمئة سنويًا في ظل حكومة حزب العمال، مقابل 2 بالمئة فقط في ظل حكومة المحافظين.

ولمعالجة التراكم وتعزيز الخدمات، أشارت تقديرات الـNHS إلى الحاجة إلى استثمارات إضافية سنويًا بقيمة 38 مليار جنيه إسترليني (48 مليار دولار).

تظهر دراسة أجرتها كلية لندن للاقتصاد (LSE) انخفاضًا كبيرًا في الأجور الحقيقية للممرضين خلال العقد الماضي، ما يثير القلق حول استدامة القوى العاملة التمريضية في المملكة المتحدة.

وفقًا للدراسة، ارتفعت نسبة الممرضين الذين يعتزلون المهنة من 8.5 بالمئة في 2010-2011 إلى 10.9 بالمئة في 2021-2022، مما يعكس زيادة بنسبة 42 بالمئة في إجمالي عدد الممرضين العازفين عن مهنتهم.

وفي ضوء هذه التحديات، سيكون من الضروري للحكومة المقبلة، أيا كانت، أن تضع إصلاح الـNHS على رأس أولوياتها لضمان استدامة هذا النظام الذي يمثل عماد الرعاية الصحية في بريطانيا.