الدول العربية, أخبار تحليلية, التقارير, تونس, بيئة ومناخ

تونس.. الجفاف وزيادة الطلب يفاقمان أزمة شح المياه (مقابلة)

المنسق التنفيذي للمرصد التونسي علاء المرزوقي، للأناضول: أزمة المياه متواصلة وعلينا الحفاظ على كل قطرة ماء

Adel Bin Ibrahim Bin Elhady Elthabti  | 31.10.2024 - محدث : 31.10.2024
تونس.. الجفاف وزيادة الطلب يفاقمان أزمة شح المياه (مقابلة)

Tunisia

تونس / عادل الثابتي / الأناضول

** المنسق التنفيذي للمرصد التونسي علاء المرزوقي، للأناضول:
- أزمة المياه متواصلة وعلينا الحفاظ على كل قطرة ماء
- منظومة السدود هي التي تزود معظم البلاد بالمياه

تفاقمت أزمة شح المياه الصالحة للشرب في تونس للعام الثالث على التوالي، في وقت يدعو مختصون بالمجال الحكومة إلى بناء استراتيجية وطنية للحفاظ على المياه.

ووفق أرقام المعهد الوطني للرصد، هطلت خلال أكتوبر/تشرين الأول الجاري كميات من الأمطار جنوب البلاد وشرقها، أدت في بعض الأحيان إلى تعليق المدارس، حيث بلغت الكميات في معتمدية المطوية (شرق) 117 مليمترا في يوم واحد.

إلا أن هذه الكميات الهاطلة في يوم واحد، تؤثر سلبا على تغذية المياه الجوفية والسدود، وفق مختصين في قطاع المياه.

وقال المنسق التنفيذي للمرصد التونسي للمياه (غير حكومي) علاء المرزوقي، إن أزمة المياه ستتواصل في تونس خلال الفترة المقبلة، مؤكدا على الحاجة إلى استراتيجية وطنية للحفاظ على كل قطرة ماء.

وأضاف المرزوقي في مقابلة مع الأناضول، أن "أزمة الجفاف التي تمر بها تونس منذ سنوات ستتواصل، والأمطار التي هطلت مؤخراً ليس كلها موجه للسدود".

"الأزمة متواصلة وعلينا الحفاظ على مياه السدود، خاصة وأن منظومة السدود هي التي تزود معظم الولايات في تونس إلى جانب العاصمة، بالمياه الصالحة للشرب".

وبحسب أرقام نشرتها الإدارة العامة للسدود والأشغال المائية الكبرى التابعة لوزارة الفلاحة خلال وقت سابق من الشهر الجاري، بلغت نسبة امتلاء السدود 20.8 بالمئة فقط، أي بمقدار 489 مليون متر مكعب.

إجراءات منقوصة

ومنذ مطلع 2023، ارتفعت وتيرة تذبذب وفرة المياه الصالحة للشرب في تونس، بينما في مارس/آذار 2023، أعلنت وزارة الفلاحة ولأول مرة، تقسيط توزيع الماء الصالح للشرب حتى نهاية سبتمبر/أيلول لنفس العام قبل أن يتم تمديده.

وبدأ قطع الماء ليلا في عديد أحياء تونس العاصمة، منذ نهاية مارس 2023، ضمن نظام لجدولة توزيع المياه على مختلف إنشاء البلاد، ولتوفير الاستهلاك.

وفي بيان رسمي حينها، قالت وزارة الفلاحة إن "البلاد تبدأ رسميا نظاما مؤقتا للتزود بالمياه الصالحة للشرب، وتمنع استعماله في الزراعة وسقي المناطق الخضراء وتنظيف الشوارع وغسيل السيارات، بسبب موجة الجفاف الحادة التي خلفت سدودا شبه فارغة".

واعتبر المرزوقي أن "إجراءات الدولة منقوصة، وهي إجراءات مؤقتة منذ مارس 2023 وتم تجديدها في عدة مناسبات، ولكنها إجراءات متعلقة فقط بمياه الشرب".

وقال: "أزمة المياه لا تمس فقط مياه الشرب ولم يتسبب بها المواطن، ومن منطلق حقوقي نحن نؤمن بحق الإنسان في الماء ونؤكد أن الحق في الماء سابق لكل الحقوق".

وأردف: "قبل أي قطاع آخر، قبل الزراعة والصناعة والسياحة، نرى أن المواطن هو الذي يدفع فاتورة نقص المياه وأزمة الجفاف المتواصل على تونس".

واعتبر أن "الإجراءات لا يجب ان تقف عند منع غسل السيارات وري بعض المزروعات ومنع ري المساحات الخضراء بالمياه الصالحة للشرب، بل يجب أن تذهب الى إعلان حالة طوارئ مائية".

ويرى أن حالة الطوارئ المائية، يمكن أن تكون متبوعة بعشرات من الإجراءات، منها الحمائية للموارد المائية والحمائية للفئات الهشة المتضررة من أزمة الجفاف، "مثل صغار الفلاحين الذين ينفذون عديد الاحتجاجات التي رصدناها في المرصد في كامل تونس".

وزاد: "لم نرَ إجراءات حازمة في ما يتعلق بالقطاع السياحي.. ما تزال المسابح مليئة بالمياه، وكذلك في الزراعة ما زلنا نصدر البرتقال والتمور والمنتوجات المستنزفة للموارد المائية بالأخص في قفصة الشمالية مثل الدلاع (البطيخ) والفراولة، وكأنه ليست لنا مشكلة جفاف".

تحوّل خارطة العطش

وحول البلاغات التي يصدرها المرصد التونسي للمياه عن انقطاعات الماء والاحتجاجات المرتبطة به، خاصة خلال الصيف الماضي قال المرزوقي: "خارطة العطش أصبحت متحولة في تونس".

وأردف: "منذ 6 سنوات كانت خارطة العطش تتصدرها دائما الولايات الداخلية قفصة (جنوب غرب) القيروان (وسط) سيدي بوزيد (وسط) صفاقس (شرق) القصرين (غرب) ولها أسبابها المعروفة".

أما اليوم، يقول المرزوقي: "الخارطة تغيرت بسبب نقص المياه في السدود وأصبحت الولايات الكبرى وهي تونس الكبرى (تونس وأريانة ومنوبة وبن عروس) والوطن القبلي ولاية نابل) وصفاقس والمدن الساحلية (سوسة والمنستير والمهدية) تتصدر خارطة العطش منذ سنتين".

وتعد تونس من بين الدول المهددة بندرة المياه في حوض البحر المتوسط، بسبب آثار التغير المناخي وطول فترات الجفاف.

وشهدت في فترة الصيف درجات حرارة قياسية ناهزت في أقصاها 50 درجة، في وقت يبلغ متوسط استهلاك الفرد من المياه أقل من 120 لتر يوميا، بحسب بيانات رسمية.

قرارات الدولة

ويعود المرزوقي على إجراءات الدولة بالقول: "تقسيط المياه نراه هروبا من المسؤولية وهروبا من تشخيص حقيقي لأزمة المياه، المواطن اقتنع أن هناك نقصا في الموارد المائية".

إيقاف النزيف

وقال المرزوقي: "كان بالأحرى أن نوقف نزيف المياه بدلا من إجراءات تخفيف وصول المياه للمنازل.. ويجب على الدولة توزيع الأموال المخصصة للمياه بين بناء السدود ومحطات التحلية وبين إصلاح شبكات المياه لخفض نسبة الفاقد".

وحول حالة الطوارئ المائية التي يدعو لها المرصد قال المرزوقي: "فيها جانب إعلامي مهم له علاقة بالشفافية، ونرى أن الدول التي دخلت حالة طوارئ مائية لها خطة متكاملة وواضحة شفافة".

وأوضح: "ليبيا مثلا، يوميا تعطي معطيات حول الكميات المائية الموجودة، خصوصية المناطق، ماذا يمكن زراعته وما لا يمكن زراعته".

وتابع: "كان على الدولة التونسية الدخول في مشروع متكامل ينخرط فيه الجميع، والإعلام يتابع ما هي المزروعات التي يمكن زراعتها هذا العام، وما هي المنطقة التي سنقطع عنها الماء هذه الليلة ولماذا وأين ستنزل الأمطار".

تجارب الأجداد

وحول الجهود التي يقوم بها المجتمع المدني لمواجهة أزمة الماء، قال المرزوقي: "المجتمع المدني يجتهد وفق إمكانياته، ونحن نحاول الاتصال بالناس لتثمين تجارب الأجداد من استعمال المواجل (خزانات تحت الأرض للحفاظ على مياه الأمطار) للحفاظ على أي قطرة ماء والابتعاد عن الزراعات المستنزفة للماء".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.