بين فقاعات إسرائيل وتواطؤ واشنطن.. شمال غزة يتضور جوعا (تقرير)
رامي الحمادين الموجود مع عائلته بمركز إيواء في بيت حانون: المنظمات الدولية وجيش الاحتلال يحاولون إسقاط تهمة التجويع عنهم بمساعدات لا تكفي عددا قليلا من الأشخاص
Gazze
شمال غزة / محمد أبو دون / الأناضول
** رامي الحمادين الموجود مع عائلته بمركز إيواء في بيت حانون:- المنظمات الدولية وجيش الاحتلال يحاولون إسقاط تهمة التجويع عنهم بمساعدات لا تكفي عددا قليلا من الأشخاص
- في الوقت الذي دخلت فيه مساعدات محدودة جدا كان جيش الاحتلال يقصف ويدمر ويقتل الأبرياء شمال قطاع غزة
** أيوب المصري المتواجد بلدة بيت حانون:
- السماح بإدخال مساعدات محدودة قد يكون خلفه نوايا خبيثة من الاحتلال لتنفيذ مخططا تم سابقاً الحديث حوله
- سمعنا من إعلام عبري أن الاحتلال سيعمل على تقسيم شمال القطاع إلى مناطق صغيرة ويتعامل مع كل منطقة على حدة
** الناطق باسم جهاز "الدفاع المدني" محمود بصل:
- 80 ألف فلسطيني لا يزالون في مناطق شمال قطاع غزة يعانون الجوع والعطش ويقتلون في منازلهم
- الأكاذيب الأمريكية والضغط المزعوم الذي تمارسه على الاحتلال محاولة لرفع تهمة المشاركة بالإبادة
- المساعدات التي وصلت بيت حانون لا تساوي شيئاً أمام حاجة الفلسطينيين هناك
يخيم شبح المجاعة على محافظة شمال قطاع غزة التي تتعرض لإبادة جماعية ترتكبها إسرائيل وتطهير عرقي منذ 5 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي متزامن مع حصار عسكري مطبق يمنع دخول إمدادات الطعام والمياه إليها.
ولأكثر من مرة، حاولت مؤسسات دولية إدخال مساعدات إغاثية إنسانية وطبية إلى المحافظة المحاصرة والتي فقدت في غضون شهر واحد أكثر من 1800 فلسطيني بينما نزح منها أكثر من 100 ألف آخرين، إلا أن الجيش الإسرائيلي منع ذلك.
هذا ما أكده مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، في تقرير نشره في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، قائلا إن إسرائيل منعت "لمدة قاربت شهرًا، جميع المحاولات التي بذلتها المنظمات الإنسانية من أجل إرسال المواد الغذائية إلى السكان في المناطق المحاصرة بمحافظة شمال غزة".
وبحسب تقديرات "أوتشا"، فقد نزح على مدار 4 أسابيع فقط نحو 100 ألف فلسطيني من محافظة شمال غزة إلى مدينة غزة، فيما ظل نحو 75 ألفا إلى 95 ألفا في أماكنهم.
ووسط منعه إدخال المساعدات، تعمد الجيش استهداف ما تبقى في المحافظة من بنى تحتية وآبار للمياه ومستشفيات، لتحويلها إلى منطقة غير صالحة للحياة.
وجراء تلك السياسات، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، قبل نحو أسبوع، محافظة الشمال منطقة منكوبة، وذلك بالتزامن مع اشتداد القصف الإسرائيلي الذي يستهدف منازل مأهولة بفلسطينيين ونازحين يتضورون جوعا وعطشا.
وقبل أيام، تواترت تحذيرات أممية ودولية من إعلان المجاعة رسميا في محافظة الشمال.
وعقب تلك التحذيرات، تخوفت إسرائيل من فرض عقوبات عليها، وفق ما كشفته هيئة البث نقلا عن مصادر إسرائيلية، بعد صدور التقرير الأممي عن التدهور الخطير في توزيع الغذاء شمال قطاع غزة، نتيجة العملية العسكرية هناك”.
والجمعة، حذر تقرير للجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي “IPC” (فريق من كبار الخبراء الدوليين المستقلين في مجال الأمن الغذائي والتغذية والوفيات) من وجود احتمال قوي بحدوث مجاعة وشيكة في مناطق بشمال غزة، فيما يواصل الاحتلال الإسرائيلي إبادة شمال قطاع غزة.
وقالت لجنة مراجعة المجاعة: “هناك حاجة للتحرك الفوري في غضون أيام وليس أسابيع، من جميع الجهات الفاعلة المشاركة مباشرة في الصراع أو المؤثرة في مجراه لتجنب هذا الوضع الكارثي”.
وإثر ذلك، سمح الجيش الإسرائيلي في خطوة "مريبة" الاثنين، بدخول كمية مساعدات تكاد لا تُذكر تتمثل بـ 3 شاحنات فقط إلى بلدة بيت حانون بمحافظة الشمال، وذلك لأول مرة منذ بدء عمليته العسكرية هناك.
ولكن في اليوم التالي حاصر الجيش الإسرائيلي، أمس الثلاثاء، 130 عائلة داخل 3 مراكز إيواء ومنازل محيطة بها في بيت حانون، وأجبرها على النزوح قسرا خارج البلدة، حسب ما أفاد شهود عيان للأناضول.
وخرج النازحون تحت زخات الرصاص وتهديد السلاح من مراكز الإيواء والبيوت المجاورة باتجاه شارع صلاح الدين بإنذار من الجيش الإسرائيلي.
كما شهدت بلدة بيت حانون قصفا مدفعيا مكثفا تزامنا مع إطلاق نار من الآليات العسكرية، وفق ذات الشهود.
خطة إسرائيلية
مساء الاثنين، وصل إلى المحاصَرين في بيت حانون أقصى شمال قطاع غزة، 3 شاحنات مساعدات إنسانية بالتنسيق بين الأمم المتحدة والجيش الإسرائيلي، وفق مراسل الأناضول.
وقال شهود للأناضول، إن "الشاحنات الثلاثة وصلت برفقة مركبات تابعة للأمم المتحدة، إلى مراكز إيواء تضم آلاف النازحين في البلدة".
وبحسب الشهود، فإن الشاحنات تحمل "أكياسا من الدقيق وبعضا من أصناف البقوليات والمعلبات، ومياه"، لافتين إلى أنها مساعدات لا تكفي إلا لعدد قليل جدا من المحاصرين الجوعى والعطشى منذ أكثر من شهر.
واستهجن المحاصرون سياسة "التقطير" التي تتبعها إسرائيل في إيصال المساعدات لشمال قطاع غزة لإرضاء الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعي ممارسة ضغوطاً لتحسين الواقع الإنساني بغزة.
وربط الأهالي بين وصول المساعدات وما أثير إعلامياً قبل عدة أشهر حول خطة "الفقاعات" الإسرائيلية التي تنص على إنشاء مناطق جغرافية صغيرة داخل قطاع غزة تضم فلسطينيين غير مرتبطين بحركة "حماس".
وفي يونيو/ حزيران الماضي، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال الأميركية" عن خطط يجري تداولها في إسرائيل لمستقبل قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
ونقل إعلام عبري عن الصحيفة قولها إن "من بين الخطط التي يجري تداولها خطة الفقاعات التي تنص على إنشاء مناطق جغرافية تضم فلسطينيين غير مرتبطين بحركة حماس ويمكن العيش بها وتتلقى المساعدات التي سيتم توزيعها عبر فلسطينيين محليين يتم اختبارهم، في وقت يواصل فيه الجيش الإسرائيلي عملياته ضد المسلحين المتبقين".
وفي 5 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بدأ الجيش الإسرائيلي اجتياحا بريا في شمال قطاع غزة؛ بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة"، وأعلن لاحقا أنه يعمل على فصل الشمال عن مدينة غزة ولن يسمح بعودة النازحين.
ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال شمال القطاع وتحويله إلى منطقة عازلة بعد تهجير سكانه، تحت وطأة قصف دموي متواصل وحصار مشدد يمنع إدخال الغذاء والماء والأدوية.
أهداف إسرائيلية خبيثة
الشاب رامي الحمادين الموجود مع عائلته في أحد مراكز الإيواء في بيت حانون يقول للأناضول: "المنظمات الدولية وجيش الاحتلال يحاولون إسقاط تهمة التجويع عنهم بهذه المساعدات التي لا تكفي إلا لعدد قليل من الأشخاص".
وأضاف أن المساعدات التي وصلتهم عبارة عن دقيق ومياه وبعض أنواع المعلبات والبقوليات ولا تكفي لسد احتياجات الناس أبداً.
وأردف الحمادين: "الأهالي في بيت حانون وكافة مناطق شمال قطاع غزة يموتون جوعاً وعطشاً منذ بدء العملية العسكرية ولا يمكن أبداً أن تنتهي تلك الحالة إلا بنهاية الإبادة الجماعية البشعة التي يمارسها الاحتلال".
ويروي أنه "في الوقت الذي دخلت فيه المساعدات كان جيش الاحتلال يقصف ويدمر ويقتل الأبرياء شمال قطاع غزة، وهذا يعني أنه سمح بإدخالها فقط لإيجاد غطاء لجرائمه البشعة ولإسكات الأصوات الدولية التي تطالب بتحسين الوضع الإنساني".
من جهته، يقول أيوب المصري إن "السماح بإدخال المساعدات اليوم قد يكون خلفه نوايا خبيثة من الاحتلال لتنفيذ مخططا تم سابقاً الحديث حوله".
ويضيف للأناضول: "سمعنا سابقاً من وسائل إعلام عبرية أن جيش الاحتلال سيعمل خلال الحرب على تقسيم شمال قطاع غزة إلى مناطق صغيرة يتم التعامل مع كل منطقة على حدة".
ويعتقد المصري أن "خطوة الاحتلال اليوم بإدخال المساعدات إلى بيت حانون دون غيرها قد تكون بمثابة اختبار لتلك الأفكار الخبيثة".
ويشير إلى أن الفلسطينيين المتبقين شمال القطاع "يرفضون تلك الأفكار الصهيونية بشكل قاطع، ومطلبهم وحيد وهو انسحاب الاحتلال ووقف الإبادة المتواصلة على مسمع من العالم".
ويطالب "العالم والإدارة الأمريكية على وجه الخصوص بالضغط على الاحتلال للانسحاب ووقف الإبادة عوضا عن طلبات إدخال المساعدات الخجولة والتي يستعملها الاحتلال كسلاح لابتزاز الأهالي وبث الفرقة بينهم".
مساعدات بالقطّارة
متحدث جهاز الدفاع المدني محمود بصل، قال للأناضول إن "80 ألف فلسطينياً لا يزالون في مناطق شمال قطاع غزة (جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون) يعانون الجوع والعطش ويقتلون بشتى الطرق على أيدي الجيش الإسرائيلي بموافقة وبمباركة من العالم خاصة أمريكا التي تمد الاحتلال بالمال والسلاح منذ بداية حرب الإبادة".
وتابع: "الأكاذيب الأمريكية والضغط المزعوم الذي تمارسه على الاحتلال بإدخال مساعدات لشمال غزة، ما هي إلا حيل لمحاولة رفع تهمة المشاركة بالإبادة عن نفسها".
وفي تعقيبه على المساعدات التي دخلت لبلدة بيت حانون فقط، قال بصل إنها "لا تساوي شيئاً أمام حاجة الفلسطينيين هناك، الذين باتوا لا يجدون رغيف خبز ولا شربة ماء تسد رمقهم بفعل الحصار الإسرائيلي الخانق وسياسة التجويع".
وزاد أن "800 عائلة فلسطينية لا تزال تتواجد في مراكز الإيواء ببلدة بيت حانون وما دخل من مساعدات وماء لا يكفي لـ50 عائلة".
ودعا بصل "الإدارة الأمريكية للكف عن الانحياز لإسرائيل وممارسة ضغوط حقيقية عليها لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى الأهالي في كافة مناطق قطاع غزة".
وقال إن "شمال قطاع غزة يحتاج حالياً لـنحو 500 شاحنة يومياً من المساعدات لإنقاذ أهله من الجوع والعطش، بينما تتحدث إسرائيل عن إدخالها لـ3 شاحنات فقط".
وبخصوص الأوضاع الميدانية شمال القطاع، أردف بصل: "نية الاحتلال غير واضحة بعد، ولا نعلم إذا ما كان يخطط لفصل المناطق عن بعضها أو إقامة منطقة عازلة لكن الواضح فقط هو إصراره على تهجير المواطنين تحت النيران".
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الثاني 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 146 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.