
Jordan
عمان / ليث الجنيدي / الأناضول
قال ملك الأردن عبد الله الثاني، الأربعاء، إن استئناف إسرائيل هجماتها على الفلسطينيين بقطاع غزة يعد "خطوة بالغة الخطورة".
جاء ذلك خلال تصريحات مشتركة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبيل مباحثات ثنائية في قصر الإليزيه، وفق بيان للديوان الملكي، تلقت الأناضول نسخة منه.
وأشار الملك إلى أن "استئناف إسرائيل لهجماتها على غزة يعد خطوة بالغة الخطورة تضيف مزيدا من الدمار إلى الوضع الإنساني الحالي المتردي".
ودعا ملك الأردن المجتمع الدولي "للتحرك الفوري من أجل استعادة وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ جميع مراحله".
واعتبر أن "استمرار الهجمات الإسرائيلية ومنع دخول المساعدات والمياه والكهرباء إلى غزة خطوات تصعيدية تهدد حياة أهالي القطاع الذين يعيشون واقعا صعبا"، لافتا إلى "ضرورة الاستئناف الفوري لدخول المساعدات".
وأعرب عن تقديره لتأييد فرنسا لخطة إعادة إعمار غزة التي خلصت إليها القمة العربية، الرامية إلى "توفير إطار فاعل للحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني دون تهجيره".
وأقرت القمة العربية الطارئة بالقاهرة خطة لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير الفلسطينيين منها، على أن يستغرق تنفيذها خمس سنوات، وتكلف نحو 53 مليار دولار أمريكي.
لكن إسرائيل والولايات المتحدة رفضتا الخطة وتمسكتا بمخطط يروج له الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ 25 يناير/ كانون الثاني الماضي لتهجير فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما رفضه البلدان ودول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.
وبيّن الملك أن لقاءه بالرئيس ماكرون في "إطار التنسيق المستمر خلال الأشهر الماضية للعمل على تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط".
وأكد "حرص الأردن على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الوطيدة مع فرنسا".
ولفت إلى الجهود التي يبذلها الأردن لتوفير المساعدات لأهالي غزة برا وجوا، وإلى "بدء عمليات الإجلاء الطبي لأطفال مرضى ومصابين من قطاع غزة لتلقي العلاج في الأردن".
وخلال لقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالبيت الأبيض في 11 فبراير/ شباط الماضي، قال الملك عبد الله إن الأردن "سيستقبل 2000 طفل من المرضى من غزة"، وهو ما اعتبره ترامب "خطوة جيدة".
وشكر الملك عبد الله فرنسا على "دورها في العمل مع الأردن لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وخاصة من خلال الإنزالات الجوية".
وأشار إلى أن "تهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة يهدد بتوسع الصراع وزيادة عدم الاستقرار بالمنطقة".
ومنذ فجر الثلاثاء، كثفت إسرائيل جرائم إبادتها الجماعية بغزة بشن غارات جوية عنيفة على نطاق واسع استهدفت المدنيين، مخلفة أكثر من "436 شهيدا و678 إصابة"، وفق لوزارة الصحة بالقطاع.
وتعد هجمات الثلاثاء أكبر خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي أبرم بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة في يناير/ كانون الثاني الماضي.
ومطلع مارس/ آذار 2025 انتهت مرحلة أولى استمرت 42 يوما من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حركة حماس وإسرائيل، بدأ في 19 يناير الماضي.
وتتنصل حكومة بنيامين نتنياهو من بدء المرحلة الثانية من الاتفاق، إذ تسعى لإطلاق سراح مزيد من الأسرى الإسرائيليين دون الوفاء بالتزامات هذه المرحلة، ولا سيما إنهاء حرب الإبادة والانسحاب من غزة بشكل كامل.
في المقابل، تؤكد "حماس" التزامها بتنفيذ الاتفاق وتطالب بإلزام إسرائيل بجميع بنوده، داعية الوسطاء إلى الشروع فورا في مفاوضات المرحلة الثانية، التي تشمل انسحابا إسرائيليا من القطاع ووقفا كاملا للحرب.
كما دعا ملك الأردن إلى "وقف التصعيد الخطير في الضفة الغربية، الذي تسبب بتهجير أكثر من 40 ألف فلسطيني في هذا العام"، مجددا التأكيد على "ضرورة الوقف الفوري للاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس".
ولفت إلى أن "استمرار الهجمات على الفلسطينيين وممتلكاتهم والخروقات للقانون الدولي يقوض فرص تحقيق السلام".
واعتبر أن "الحل السياسي الذي يؤدي إلى السلام على أساس حل الدولتين (فلسطينية واسرائيلية) هو السبيل الوحيد لضمان أمن الفلسطينيين والإسرائيليين والمنطقة بأكملها"، مثمنا "الدور الفاعل والمحوري لفرنسا وأوروبا بهذا الخصوص"، وفق البيان ذاته.
ومنذ بدئه حرب الإبادة على قطاع غزة، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 937 فلسطينيا، وإصابة قرابة 7 آلاف شخص، واعتقال 15 ألفا و700، وفق معطيات فلسطينية رسمية.
وبالحديث عن سوريا، قال الملك عبد الله إن الأردن "يريد أن يرى سوريا مستقرة وموحدة"، وأكد "دعم المملكة لجهود سوريا في الحفاظ على أمنها واستقرارها ووحدة أراضيها وحماية مواطنيها".
وبين أن "سوريا تحتاج بشكل عاجل إلى دعم دولي لجهودها في إعادة الإعمار، وتهيئة الظروف المناسبة والمستدامة لعودة اللاجئين الطوعية والآمنة".
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 بسطت فصائل سورية سيطرتها على البلاد، منهية 61 عاما من حزب البعث الدموي و53 سنة من سيطرة أسرة الأسد.
من جهته، قال ماكرون "إن الفرنسيين والأوروبيين جاهزون للمساهمة بخطة إعادة إعمار غزة التي تقدم بها القادة العرب"، مبينا أن المجلس الأوروبي سيناقش الخطة غدا.
واعتبر أن الوقت الحالي "هو الأنسب لتطوير مقاربة سياسية لهذا الأمر (في إشارة لمستقبل قطاع غزة)".
وتابع: "الخطة تقترح إطارا موثوقا وضمانات أمنية وحكومات جديدة، ومن شأن هذا العمل أن يساهم في تعزيز وقف إطلاق النار".
ولفت ماكرون إلى أن تقديم مقترحات لمستقبل آمن لشعوب المنطقة يتطلب شجاعة سياسية، قائلا إن "هذا ما يمثله الملك يوما بعد يوم في هذا الزمن الصعب".
وعليه، دعا القادة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى التحلي بالشجاعة السياسية، مضيفا: "علينا دعمهم في ذلك، لأن نقيض ذلك هو التطرف الذي سيدفع الشعوب إلى عقود جديدة من المعاناة وسيؤدي إلى تكرار المأساة".
وبالحديث عن القضية الفلسطينية، قال الرئيس الفرنسي "إن هناك جزءا مفقودا من الاتفاقيات الإبراهيمية، وهو الدولة الفلسطينية التي ستعيد للفلسطينيين أخيرا حقوقهم المشروعة من أجل إزالة أية حجج لاستغلال القضية الفلسطينية من قبل هؤلاء الذين يريدون فقط بسط سيطرتهم".
ونوه ماكرون إلى ضرورة توافر "ضمانات لأمن إسرائيل ومن المهم أن تشارك جميع دول المنطقة بذلك".
وأردف: "نعمل جاهدين من أجل وقف إطلاق النار في غزة"، مؤكدا أن "استئناف القصف الإسرائيلي رغم جهود الوسطاء، انتكاسة دراماتيكية للفلسطينيين في غزة، وهم الآن تحت القصف مرة أخرى".
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 161 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
كما تناولت المباحثات بين ملك الأردن وماكرون المستجدات الإقليمية وجهود البلدين من أجل تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
وتأتي زيارة ملك الأردن إلى فرنسا في إطار جولة خارجية بدأها في 17 مارس/ آذار الجاري، والتي وصلها قادما من روما.