Quds
القدس / سعيد عموري / الأناضول
طلب وزير العدل الإسرائيلي ياريف ليفين، الجمعة، إعداد مشروع قانون يجرم الداعين إلى فرض عقوبات دولية على بلاده، بما يتضمن عقوبة بالسجن تصل إلى 10 سنوات.
يأتي ذلك بعد تصريحات لناشر صحيفة "هآرتس" اليسارية عاموس شوكان، دعا خلالها إلى فرض عقوبات على إسرائيل على خلفية الإبادة الجماعية التي تشنها حاليا بقطاع غزة، واصفا ما يحدث في القطاع بأنه "نكبة فلسطينية ثانية".
وتعكس خطوة الوزير ليفين توجها سلطويا بحكومة بنيامين نتنياهو اليمينية يهدف إلى إسكات الأصوات الناقدة وحماية الحكومة من أي محاسبة دولية، حتى لو كانت الدعوات موجهة للضغط على إسرائيل كي توقف حرب الإبادة بغزة.
وذكر بيان صدر عن مكتب ليفين، الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس الوزراء: "أود من المستشارة القانونية للحكومة غالي بيهاريف ميارا أن تعد على وجه السرعة مشروع قانون ينص على تجريم كل من يشجع أو يعزز فرض عقوبات دولية على دولة إسرائيل أو قادة وأفراد الأمن والمواطنين فيها؛ بحيث يُسجن لمدة قد تصل إلى 10 سنوات".
وأضاف البيان: "سأطالب أيضا بفرض عقوبة مشددة في حال تجريم أي شخص بالتهمة المذكورة في حالة الحرب، بحيث يتم مضاعفة العقوبة".
وخلال مؤتمر بالعاصمة البريطانية لندن شاركت فيه وسائل إعلام ومؤسسات حقوقية، الخميس، طالب ناشر صحيفة "هآرتس" بفرض عقوبات دولية على الجيش الإسرائيلي واثنين من الوزراء المتطرفين بحكومة بلاده، هما وزيرا الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش؛ "لمسؤوليتهم عن ارتكاب مجازر في غزة".
ووصف شوكان، الفلسطينيين في غزة بأنهم "مقاتلون من أجل الحرية".
وتسبب تصريح شوكان في جدل واسع مرفوقا بغضب في الأوساط السياسية والإعلامية بإسرائيل، خاصة أنه جاء بعد مقال آخر لصحيفة "هآرتس" انتقد "الإبادة" التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في شمال غزة منذ 26 يوما.
ففي مقال بعنوان: "إذا كان الأمر يبدو وكأنه تطهير عرقي، فمن المحتمل أنه كذلك"، قالت الصحيفة الأربعاء: "منذ 3 أسابيع ونصف، تحاصر القوات الإسرائيلية شمال غزة"، و"تمنع دخول المساعدات الإنسانية بشكل شبه كامل، ما يعني تجويع مئات الآلاف من الفلسطينيين".
وأضافت في نسختها الإنجليزية: "إذا لم تتوقف هذه العملية على الفور، فإن مئات الآلاف من الأشخاص سيصبحون لاجئين، وستُدمر مجتمعات كاملة، وستظل وصمة العار الأخلاقية والقانونية لهذه الجريمة عالقة في روح كل إسرائيلي وتلاحقه".
وتابعت الصحيفة أنه "ليس من المستغرب أن تنشأ في ظل ذلك شكوك خطيرة بأن إسرائيل تمارس فعليا التطهير العرقي في شمال غزة، وأن العملية تهدف إلى إفراغ هذه المنطقة من الفلسطينيين بشكل دائم".
وبعد تصريحات شوكان، أعلنت وزارتا الداخلية والثقافة الإسرائيليتان، الجمعة، تعليق علاقاتهما مع صحيفة "هآرتس".
وجاء ذلك رغم أن الضغوط على شوكان أجبرته على التراجع عن تصريحه.
إذ ذكرت "يسرائيل هيوم" (الخاصة) اليوم أن شوكان أعلن اعتذاره خلال مؤتمر صحفي في لندن عن وصف الفلسطينيين بـ"مقاتلين من أجل الحرية".
ونقلت الصحيفة عن شوكان قوله: "لقد أعدت النظر فيما قلته، ولتجنب الشك، حماس ليست مقاتلة من أجل الحرية، لقد كان يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) حدثا صادما".
وبدأ الجيش الإسرائيلي في 5 أكتوبر المنصرم، قصفا غير مسبوق بمناطق واسعة شمال القطاع، قبل أن يجتاحها في اليوم التالي بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها"، بينما يقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلالها وتهجيرهم.
وتسبب هذا الهجوم المتزامن مع حصار مشدد في خروج مستشفيات محافظة الشمال عن الخدمة، كذلك أدى إلى توقف خدمات الدفاع المدني ومركبات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني.
وفي 18 أكتوبر الماضي، فرض الجيش على محافظة الشمال عزلة تامة عن العالم الخارجي بقطع شبكة الاتصالات والإنترنت عنها ما أثر في حصول الجهات الرسمية على معلومات من مصادرها هناك.
ويؤكد الفلسطينيون أن إسرائيل تعمل على احتلال شمال غزة وتحويله إلى منطقة عازلة وتهجير المواطنين، تحت حصار مطبق يمنع دخول الغذاء والماء والأدوية وقصف مكثف قتل ما لا يقل عن ألف فلسطيني.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن إسرائيل بدعم أمريكي مطلق حرب "إبادة جماعية" على غزة، أسفرت عن أكثر من 145 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.