الدول العربية, التقارير, الأردن

"الوطن البديل" للفلسطينيين.. مخطط إسرائيلي يقاومه الأردن (تقرير)

** خبيران يعلقان على عودة إسرائيل لطرح فكرة "وطن بديل" للفلسطينيين في الأردن: - التصريحات الإسرائيلية تأتي في سياق التفكير الاستراتيجي والسياسي الأمني الإسرائيلي الذي لم يتغير

Laith Al-jnaidi  | 15.07.2024 - محدث : 15.07.2024
"الوطن البديل" للفلسطينيين.. مخطط إسرائيلي يقاومه الأردن (تقرير)

Jordan

عمان / ليث الجنيدي / الأناضول

** خبيران يعلقان على عودة إسرائيل لطرح فكرة "وطن بديل" للفلسطينيين في الأردن:
- التصريحات الإسرائيلية تأتي في سياق التفكير الاستراتيجي والسياسي الأمني الإسرائيلي الذي لم يتغير
- هجوم 7 أكتوبر فرض واقعا جديدا بغزة والضفة، ما دعا نخب إسرائيلية لمواجهة تعاطف دولي مع الفلسطينيين
- بعض الأطراف الأردنية بدأت تستوعب المخططات الإسرائيلية وخطورتها على الأمن الوطني
- يمكن لدبلوماسية الأردن البناء على ما أُنجز بعد 7 أكتوبر، وتعرية الموقف الإسرائيلي الخطير

مع دخول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة شهرها العاشر، تعالت أصوات في إسرائيل غالبيتها من "اليمين المتطرف" تعيد التذكير بطموحات تل أبيب في طرح فكرة "وطن بديل" للفلسطينيين أو أن "الأردن دولة للفلسطينيين" كحل للصراع القائم.

ورغم أن تلك الطموحات ليست جديدة وطُرحت منذ سنوات، لكن توقيت عودتها يشي بأن اليمين المتطرف في إسرائيل ينظر إلى الموضوع كحلّ لصراعه مع الفلسطينيين، مستندا في ذلك إلى رجوع محتمل لعرّاب "صفقة القرن" دونالد ترامب لزعامة البيت الأبيض.

أما بالنسبة للأردن، فقد أصبح مخطط إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية على حسابه "أمرا مكشوفا"، وحذر مسؤولوه من الإقدام على أي خطوة تجاه ذلك.

ويذكر أنه بعد قول البعض إن الهدف من "صفقة القرن" المعلنة عام 2019 هو إقامة وطن بديل للفلسطينيين بالأردن، خرج الملك الأردني عبد الله الثاني بتصريحه: "أنا كهاشمي كيف أتراجع عن القدس؟! مستحيل. خط أحمر. كلا على القدس، كلا على الوطن البديل، كلا على التوطين".

وكانت مقولة الملك آنذاك بالنسبة لبعض السياسيين بمثابة رسالة واضحة لإسرائيل وداعميها، بأن عمّان لن تقبل بأي خطط تجعل من الأردن خيار حلّ لقضية حلها بفلسطين وعلى أراضيها المحتلة.

لكن في أحدث موقف من تل أبيب، نقلت وسائل إعلام عبرية عن عالم الآثار في جامعة بار إيلان الإسرائيلية، إبراهام فاوست، مقالا نشره في صحيفة "معاريف" قال فيه: "إنه من الضروري أن تقول بصوت عال وواضح إنه توجد منذ الآن دولة فلسطينية، وهي الأردن".

وسبق أن ادعت إسرائيل أن أي تصريحات مثيلة لفاوست "تعبر عن آراء أصحابها وليس موقفها الرسمي".

إلا أن العلاقات السياسية الحالية بين عمان وتل أبيب في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة، وما يتزامن معها من توترات في الضفة الغربية المحتلة، رأه خبراء أردنيون دليل "سوء نوايا" تجاه المملكة.

طرح قديم لمواجهة واقع جديد

وللوقوف على خيارات عمّان المتوقعة لمواجهة أي خطوات محتملة من إسرائيل بهذا الشأن، استمع مراسل الأناضول إلى الأكاديميين والمحللين السياسيين بدر الماضي وحسن الدعجة، حيث دعا الأول إلى "تثبيت الوحدة الداخلية"، فيما اقترح الثاني "تبني استراتيجية شاملة من عدة محاور".

ورأى الماضي وهو أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية الأردنية (حكومية)، أن التصريحات الإسرائيلية بشأن الوطن البديل "تأتي من قبل سياسيين واكاديميين وحتى أمنيين في سياقات لا يمكن اعتبارها جديدة".

وقال للأناضول: "هذه التصريحات تأتي في سياق التفكير الاستراتيجي والسياسي الأمني الإسرائيلي الذي لم يتغير، وإنما كان يتعرض للمد والجزر حسب الأوضاع التي تجري في الأراضي الفلسطينية".

وأشار إلى أن هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 "فرض واقعا جديدا ليس فقط في قطاع غزة ولكن في الضفة الغربية أيضا، حيث التضيق على الفلسطينيين ومحاولة فرض واقع جديد على الأرض، ليس أقله السلوك الاستيطاني في السنوات الأخيرة، والذي يجب أن يدق ناقوس الخطر، وأن يستنفر كافة الأجهزة السياسية والأمنية الأردنية للتعامل معه".

وأضاف: "ما أفرزه العدوان على غزة هو هذا التعاطف الدولي على المستوى الرسمي والشعبي، مع ضرورة إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، ولم يعد مقبولا لدى المجتمع الدولي هذا التجاهل لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني".

وكرد فعل على التعاطف الدولي مع القضية الفلسطينية، وجد الماضي أن النخب الاسرائيلية لجأت إلى "الدعوة لمواجهة هذه المعضلة بالضغط على الولايات المتحدة بعدم قبول هذه الرواية الدولية؛ لتسببها بخطر يحيق بدولة إسرائيل مستقبلا".

وأوضح: "ما يزيد الإصرار الإسرائيلي بضرورة هذا الرفض، التوق إلى إعادة انتخاب ترامب (الرئيس الأمريكي السابق)، والذي سيضمن عدم تحقق المخطط الدولي، وكبح جماح الأمل الذي تولّد بعد 7 أكتوبر".

استيعاب أردني للمخططات الإسرائيلية

وفي هذا الشأن، لفت الماضي إلى أن "هناك بعض الأطراف الأردنية بدأت تستوعب المخططات الإسرائيلية وخطورتها على الأمن الأردني".

لكنه في المقابل، شدد على أن المواجهة الحقيقية مع المشروع الإسرائيلي الداعي إلى أن تكون المملكة الأردنية وطنا بديلا للفلسطينيين "تكمن في تثبيت الوحدة الأردنية الداخلية، وتبني رواية مقنعة يتم تسويقها لدى الأوروبيين والفواعل الدولية الأخرى؛ من أجل ضمان توازن الموقف مع الولايات المتحدة الأمريكية الداعم والضامن الرئيسي للأمن الاسرائيلي".

كما اعتقد الماضي أنه "يمكن للدبلوماسية الأردنية البناء على ما تم إنجازه بعد 7 أكتوبر، حيث فرضت الرواية السياسية الأردنية نفسها باحترام على الساحة الدولية من أجل تعرية الموقف الإسرائيلي الخطير وعدم الركون على الوعود الإسرائيلية".

ونوه إلى أن إسرائيل "لا تلتزم بأخلاقيات العمل المشترك، وإنما تتعامل فقط مع مصالحها، وهي تسعى لتحقيقها بشتى الطرق".

استراتيجية شاملة من 7 محاور

من جهته، دعا حسن الدعجة، أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة الحسين بن طلال (حكومية)، إلى تبنى "استراتيجية شاملة" لخّصها في 7 محاور، لمواجهة فكرة الوطن البديل المتكررة من قبل المسؤولين الإسرائيليين.

وبدأ استراتيجيته بالإشارة إلى "بيان الحقوق التاريخية، وتأكيد أن الشعب الفلسطيني يتمتع بحقوق تاريخية وجذور عميقة في أرض فلسطين تعود إلى آلاف السنين، وهذه الجذور تمتد إلى الكنعانيين واليبوسيين، ما يثبت وجودهم المستمر في المنطقة، فالوثائق التاريخية والآثار القديمة تؤكد حقوقهم في أرضهم".

كما طالب بدعم الفلسطينيين سياسيا واقتصاديا وإنسانيا، من خلال "توفير المساعدات المالية والإغاثية، وتعزيز المبادرات التنموية في المناطق الفلسطينية، ودعمهم في المحافل الدولية لنيل حقوقهم المشروعة، وتشجيع الحملات الإعلامية التي تبرز معاناتهم وصمودهم بما يعزز من قدرتهم على الثبات والبقاء في أرضهم".

أما على المستوى المحلي، دعا الدعجة في إطار استراتيجيته كمحور ثالث إلى "تعزيز الهوية الوطنية من خلال بناء ثقافة سياسية واعية مدركة، وتنفيذ برامج تعليمية تركز على تاريخ الأردن وتراثه الثقافي، وتشجيع الأنشطة المدرسية التي تعزز الشعور بالفخر والانتماء، فضلا عن تشجيع المواطنين على المشاركة في الحفاظ على التراث الوطني، وتعزيز دور الإعلام في نشر الوعي الوطني والقيم المشتركة".

وفيما يتعلق بالمحور الرابع، اشترك الدعجة مع الماضي في أهمية "تقوية الوحدة الوطنية"، وأن يكون ذلك من خلال "تعزيز الحوار والتفاهم بين مختلف مكونات المجتمع الأردني من خلال تنظيم لقاءات ومبادرات تفاعلية، وتشجيع المشاريع المشتركة التي تجمع بين مختلف الفئات وتعزز التعاون والتضامن".

وعن المحور الخامس من الاستراتيجية الشاملة، فهو "التأكيد على الحقوق التاريخية والقانونية وتكثيف الجهود الدبلوماسية لتأكيد المواقف الأردنية الثابتة فيما يخص حل الدولتين وحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على أرضه، وتعزيز التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة لتشكيل جبهة موحدة تدعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على أرضه".

"تقوية العلاقات الدولية وتعزيز العلاقات مع الدول الكبرى والمنظمات الدولية لدعم الموقف الأردني ورفض أي محاولات لتغيير التركيبة الديموغرافية في المنطقة، وتعزيز التعاون والتنسيق مع الدول العربية لدعم الأردن في مواجهة هذه المقولة والتصدي لأي محاولات لفرضها كأمر واقع"، هو محور آخر من محاور الدعجة.

وختم الأكاديمي الأردني حديثه للأناضول بالدعوة إلى "تنمية اقتصادية شاملة وتنفيذ مشاريع تنموية واقتصادية كبرى لتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية في الأردن، مما يقلل من تأثيرات الضغط الخارج،. والحفاظ على الاستقرار الداخلي".

ومنذ 7 أكتوبر تشن إسرائيل بدعم أمريكي حربا على غزة وترتكب مجازر أسفرت عن أكثر من 127 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

وتواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وبتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.