الأميرة نسرين الهاشمي: متفائلة بمستقبل تركيا والآمال معقودة عليها(مقابلة)
الأميرة نسرين الهاشمي، حفيدة الملك فيصل، أول ملوك العراق في القرن العشرين: - هناك من يريد تنكيس العلم التركي لكنه سيبقى خفاقا في السماء - أدعو الله أن يمد في عمر الرئيس أردوغان ويعينه على التحمل والصبر
Ankara
إسطنبول/ فاروق توكات/ الأناضول
الأميرة نسرين الهاشمي، حفيدة الملك فيصل، أول ملوك العراق في القرن العشرين:-هناك من يريد تنكيس العلم التركي لكنه سيبقى خفاقا في السماء
-أشكر تركيا حكومة وشعبا على موقفهم الكريم بتسهيل دفن والدي في أنقرة
-أدعو الله أن يمد في عمر الرئيس أردوغان ويعينه على التحمل والصبر
-لنا جذور في تركيا وتاريخنا مشترك
-الطائفية سرطان فتك بالأمة والهدف منها تدمير العراق
-الملك فيصل كان يختار الأكفأ للمنصب، بغض النظر عن دينه أو مذهبه
متفائلة بمستقبل تركيا وتعتبرها أملا للأمة، هذا ما استحضرته الأميرة نسرين الهاشمي وهي تروي ذكريات جدها الملك فيصل أول ملوك المملكة العراقية (1921-1933) مع مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك.
الطبيبة الباحثة نسرين الهاشمي تتحدث بحرقة عن الوضع الذي آل إليه العراق، بيد انها تتطلع إلى اليوم الذي تنقشع فيه غيوم الطائفية لتعود "بلاد الرافدين" سيرتها الأولى مهدا للحضارة والازدهار.
وفي لقاء مع "الأناضول" في العاصمة أنقرة، رأت الهاشمي أن "الأمل معقود على تركيا حاليا في ظل التشرذم الذي تعيشه الأمة العربية على صعيد الأفكار الدينية والسياسية".
وشددت على ضرورة التسلح بالعلم والمعرفة للخروج من هذا الوضع، معربة في هذا السياق عن تفاؤلها بمستقبل تركيا بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان.
ولفتت إلى أن والدها الأمير محمد بن فيصل الذي وافته المنية الأسبوع الماضي كان يحدثها عن "الشر الذي يستهدف تركيا من قبل جهات كثيرة".
قبل يوم من وفاته - تستطرد الأميرة - تحدثت ووالدي عن الكثير من الجوانب السياسية والاقتصادية المتعلقة بتركيا، وقال لي: كلهم يريدون تنكيس هذا العلم (التركي) ولكنه سيبقى خفاقا في السماء.
الأميرة نسرين اكتسبت حب تركيا واطلعت على شؤونها من والدها الذي يتقن اللغة التركية العثمانية، وقالت إنه "دعا في كلماته الأخيرة بالخير للرئيس أردوغان والشعب التركي، وأنا على طريقه أدعو الله أن يمد في عمر الرئيس ويعينه على التحمل والصبر".
والأسبوع الماضي، ووري جثمان الأمير محمد بن فيصل الثرى بمقبرة "قارشي ياقا" بأنقرة، وشارك في مراسم تشييعه نجله الأمير عدنان وكريمته الأميرة نسرين، فضلا عن عدد من المسؤولين الأتراك وحشد غفير.
وتوفي الأمير محمد في 19 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في إحدى المستشفيات بالولايات المتحدة بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 88 عاما.
تقول الهاشمي: لم يكن لتركيا إلا أن تتجاوب مع مشاعر والدي والنزول عند وصية الأمير محمد بأن يدفن إلى جانب الغازي مصطفى كمال(أتاتورك)، إن تعذر دفنه إلى جانب والده بالمقبرة الملكية في بغداد.
وفي هذا الصدد توجهت الهاشمي بالشكر لتركيا حكومة وشعبا على "هذا الموقف الكريم المعبر عن أصالتها".
** تركيا وعائلة الأميرة نسرين
"لنا جذور هنا وتاريخ مشترك" بهذه الكلمات أكدت الأميرة الهاشمي عمق علاقة عائلتها مع تركيا.
وقالت "علاقات جدي الملك فيصل مع تركيا لم تنقطع، وإن كان البعض يظن أن الثورة العربية (1916) قطعتها، وهذا ليس صحيحا، لأن الثورة لم تقم ضد الدولة العثمانية، وإنما ضد ظلم واليها جمال باشا".
واستطردت وهي تستحضر شريط الذكريات "جدي أوصى قبل وفاته أن يرعى مصطفى كمال والدي(...)، وكثيرة هي الصور التي تجمع جدي وأتاتورك، فهما متقاربان في العمر، وتدريبهما في الكلية الحربية كان في نفس المكان، وعليه فإن علاقتهما أكبر من السياسة، إنها أخوة دم وصداقة ومحبة وتاريخ مشترك".
هذه العلاقة انعكست على الأمير محمد، كما قالت نسرين حيث "أوصى أن يدفن بجانب والده في بغداد بالمقبرة الملكية، وإن تعذر الأمر أن يدفن بجانب أتاتورك في أنقرة".
ولفتت الأميرة إلى أن علاقة جدها ووالدها بتركيا ليست استثناء حيث أنها تمتد إلى أفراد آخرين من العائلة مثل الشريف محي الدين طرغان(ولد في اسطنبول عام 1892 وتوفي 1967)، والمعروف عند العرب بمحي الدين حيدر، وهو ابن عم جدي، وهو طبعاً أحد الموسيقيين الشهيرين هنا في تركيا، وأحد أعلام الموسيقى العربية فلذلك "علاقة الأشراف بتركيا تربطهم بالتاريخ المشترك".
** الطائفية فتكت بالعراق وآن الأوان أن يعود سيرته الأولى
مشاعر مختلطة من الغضب الممزوج بالحزن طبعت كلام الأميرة نسرين عند الانتقال عن الحديث عن العراق، وما تعيشه البلاد من تراجع في القطاعات المختلفة بفعل التعاطي الطائفي، ولم تستطع تجنب المقارنات مع العهد الملكي.
وعن الطائفية قالت الأميرة إنها "سرطان فتك بالأمة، والهدف منها تدمير العراق، وعندما حكم جدي العراق عمل حتى وفاته ليبقى الشعب موحدا، ولم يسأل يوما أي مواطن من أي منطقة ينحدر، لأن ذلك سيقود للحديث عن انتماء مذهبي أو حزبي".
وأضافت أن "الملك فيصل كان يختار الأكفأ للمنصب، بغض النظر عن دينه أو مذهبه، ولذلك كان العراق حينها في مصاف الدول المتقدمة بالعالم، في العديد من القطاعات لا سيما التعليم، فضلا عن تنوع المصادر والثروات".
وأردفت بالقول "كان جدي يُحضر تسجيلات المحاضرات من الجامعات البريطانية لكي يستفيد منها الطلاب في العراق، وكان لدينا مؤتمرات ومجلات علمية، أما عن واقع المرأة فيكفي الحديث عن "ليلى" أول مجلة نسائية تنشر في العراق عام 1923".
وتختتم ذكرياتها عن الملك فيصل قائلة: "كان جدي يقول أن مستقبل الأمة بيد معلميها ومفكريها، لكن للأسف الشديد نتيجة الجهل ينظر البعض للكرسي والمنصب".