المقدسية "إسراء جعابيص".. روح وجسد يحترقان في السجن الإسرائيلي
أصدرت حركة حماس أمس بيانا قالت فيه، إن "إهمال علاج الجعابيص دليل على إجرام إسرائيل وتجردها من القيم الإنسانية والأعراف الدولية".
Quds
القدس / فاطمة أبو سبيتان / الأناضول
تحولت قضية المعتقلة إسراء جعابيص إلى قضية رأي عام في فلسطين، بعد أن اتضح حجم معاناتها داخل السجن الإسرائيلي جراء الحروق التي أصابتها، وحاجتها إلى رعاية خاصة.
وتنظم في مناطق متفرقة من الأراضي الفلسطينية وقفات تضامنية مع جعابيص، كان آخرها، أمس الثلاثاء، حيث شارك العشرات في وقفتين في مدينتي غزة وطولكرم (شمال الضفة) تضامنا معها.
كما أصدرت حركة حماس أمس بيانا قالت فيه، إن "إهمال علاج الجعابيص دليل على إجرام إسرائيل وتجردها من القيم الإنسانية والأعراف الدولية"، مطالبة بـ "دعم قضيتها وتفعيلها في كافة المحافل الدولية والأممية".
وسبق لهيئة شؤون الأسرى والمحررين (حكومية)، أن نددت بما سمته "الإهمال الطبي الذي تتعرض له جعابيص" داخل السجن الإسرائيلي.
وفي أكتوبر / تشرين الأول عام 2015، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية الجعابيص، بعد انفجار أسطوانة غاز داخل سيارتها شرق مدينة القدس، وبدعوى محاولة تنفيذ تفجير.
وتمت محاكمة جعابيص دون أن تكمل علاج الحروق التي طالت نحو 60 % من جسدها (وفق مؤسسات حقوقية)، وحكم عليها بالسجن لمدة 11 عاما بتهمة محاولة قتل شرطي إسرائيلي، ودفع تعويض قدره 20 ألف شيقل (5.2 آلاف دولار).
ويؤكد قدورة فارس رئيس نادي الأسير الفلسطيني، أن التهمة التي اعتقلت وحوكمت جعابيص بسببها، ملفقة وغير صحيحة.
ويقول فارس، إن جعابيص كانت يوم 11 أكتوبر / تشرين الأول عام 2015، تقود سيارتها، وبعد أن تجاوزت الحاجز العسكري شرق القدس أطلقت عليها النيران، فانفجرت أسطوانة غاز كانت تحملها مع أمتعة خاصة بمنزلها.
وتابع في تصريحات صحفية: "بدل محاكمة مطلقي النار، اعتقلت إسراء جريحة، ومكثت مدة طويلة في المستشفى مغمى عليها في وضع صحي صعب".
وفي السياق ذاته، يقول أفراد من عائلتها لوكالة الأناضول، إنها في يوم الحادث كانت في زيارة لزوجها بمدينة أريحا، إضافة إلى أنها تعمل على نقل بعض الأثاث ومتطلبات منزلها في القدس عبر مركبتها الخاصة.
وأضافوا إن إسراء جعابيص كانت تتوجه للقدس بشكل دوري، حيث يجب عليها إثبات إقامتها هناك لدى الشرطة الإسرائيلية، كي يحصل ابنها على حق الإقامة في المدينة.
واتهمت المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس جعابيص بمحاولة تنفيذ عملية تفجيرية بالقرب من حاجز "الزعيم" شرقي مدينة القدس، وذلك من خلال أسطوانة غاز كانت بالمركبة، أسفرت في حينها عن إصابة شرطي إسرائيلي.
وتقول منى جعابيص (شقيقة إسراء)، إنها تعاني الأمرين داخل السجون الإسرائيلية، حيث تعجز عن خدمة نفسها بسبب الحروق التي تعانيها.
ولجعابيص طفل واحد اسمه "معتصم" (10 سنوات)، لم يتمكن من رؤية والدته إلا بعد مرور عام وأربعة أشهر على اعتقالها.
وتقول شقيقتها إن السلطات الإسرائيلية تمنعه حاليا من زيارتها، بسبب عدم حصوله على رقم هوية من قبل وزارة الداخلية.
ووجهت جعابيص من خلال رسالة مكتوبة سربتها من داخل السجن، ونشرت عبر وسائل الإعلام الأسبوع الماضي، نداء استغاثة تطالب فيه "الجميع" بمساندتها للضغط على مصلحة السجون الإسرائيلية، وتقديم العلاج اللازم لها.
وتحتاج المعتقلة إلى عدة عمليات جراحية في الأنف والأذن والعين واليدين نتيجة الحروق التي تعرضت لها وقت الحادثة، وما زالت تعاني آثارها حتى اليوم.
وقالت إن إهمال مصلحة السجون الإسرائيلية لعلاجها يتسبب في مضاعفة آلامها، حيث لا تقدم لها سوى المسكنات فقط.
كما تحتاج جعابيص إلى علاج نفسي، حيث تقول في رسالتها: "أنظر إلى نفسي في المرآة، نفسيتي تتحطم يوما بعد يوم، لا أستطيع فعل شيء وحدي، ولا أريد أن أطلب من الأسيرات مساعدتي لأنني أشعر بالإهانة والخجل (..) وفي نهاية المطاف أُخبرتُ بأنني لن أرى ابني معتصم".
وأضافت في ختام رسالتها: "أرجو أن تطلعوا على رسالتي، أنا لست أسيرة عادية تتحمل فقط هم الأسر، أنا إنسانة تعاني من الكثير، فحالتي المرضية صعبة على أي مريض بين أهله، فكيف بحالتي أنا (؟)".
وقدمت جعابيص طلب استئناف للمحكمة العليا الإسرائيلية على قرار سجنها لمدة 11 عاما، وما تزال المحكمة تنظر فيه.
وتقول شقيقتها "منى"، إن "إسراء" كانت قبل اعتقالها من الشخصيات الاجتماعية جدا.
وتضيف: "بنت علاقات واسعة، خاصة أنها كانت تتطوع في المدارس والمشافي والمؤسسات، فتلبس لباس المهرجين والشخصيات الكرتونية فترسم البسمة على وجوه الأطفال".
وأردفت: "كما أنها تتحلى بروح الدعابة والفكاهة التي استطاع الاحتلال أن يسلبها إياها، بعد أن اتهمها بتنفيذ عملية تفجيرية، وزج بها في السجن رغم أن النار أكلت أكثر من 60 % من جسدها".
والمعتقلة جعابيص أيضا "بئر أسرار العائلة"، بحسب شقيقتها تيما (18 عاما)، التي تحدثت للأناضول، وقالت إنها كانت ترافقها أحيانا في الفعاليات التطوعية التي تقوم بها، وعندما اعتقلتها قوات الاحتلال شعرت تيما بالفقد، وأصبحت تخاف التعلق بأحد خوفا من فقدانه.
وتعيش العائلة على أمل أن تنصفها المحكمة الإسرائيلية العليا، وتأمر بإخلاء سبيلها.
وفي هذا الصدد، اشترت أخت إسراء الكبرى "رولا" (40 عاما) لها مجموعة من الألبسة الخاصة بالشخصيات الكرتونية، كالتي كانت تلبسها قبيل اعتقالها في الأنشطة التطوعية.
كما ابتاعت "رولا" إضافة إلى الملابس، جميع المعدات اللازمة مثل البالونات الملونة الطويلة، والسمّاعات.
وتقول شقيقتها "منى"، إن "إسراء" كانت تعتمد داخل السجن على المعتقلة السابقة "عالية العباسي"، التي أخلت إسرائيل سبيلها في مارس / آذار 2017.
وتضيف: "كانت الأسيرة المحررة عالية العباسي (في الخمسينيات من العمر) بمثابة أم لإسراء، وهي التي تكفلت بها طوال فترة احتجازها في سجن هشارون حتى حان موعد الحرية والرحيل".
ونقلت عن شقيقتها إسراء قولها: "أشعر باليُتم مذ خرجت (العباسي) .. بالتأكيد كنتُ أتمنى لها ذلك.. لكني من بعدها شعرت بأن جزءا من جسدي قد نُزع مني بالقوة".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.