إسرائيل تفاوض بالنار.. كيف يبدو مسرح عمليات جنوب لبنان؟ (تقرير)
ـ مصادر ميدانية لبنانية قالت لمراسل الأناضول إن الجيش الإسرائيلي يركز الآن على 3 محاور رئيسية للتوغل هي بلدات الخيام (جنوب شرق)، وبنت جبيل (وسط جنوب)، وشمع (جنوب غرب)
Lebanon
بيروت / ستيفاني راضي / الأناضول
ـ مصادر ميدانية لبنانية قالت لمراسل الأناضول إن الجيش الإسرائيلي يركز الآن على 3 محاور رئيسية للتوغل هي بلدات الخيام (جنوب شرق)، وبنت جبيل (وسط جنوب)، وشمع (جنوب غرب)ـ العميد حسن جوني: المرحلة الثانية من التوغل البري بطيئة جدا، والجيش الإسرائيلي يحاول تكريس احتلاله مناطق ذات رمزية في الجنوب لإنقاذ سمعته عقب عجزه عن احتلال قرية واحدة
ـ العميد المتقاعد علي أبي رعد: أهم نقطتين استراتيجيتين لإسرائيل هما شمع والخيام، احتلال الأخيرة يعني السيطرة على القطاع الشرقي، أما السيطرة على شمع فتعزل القطاع الغربي
بعد شهر ونصف من عدوانها الأعنف جوا وبرا وبحرا، تتسارع ضربات إسرائيل في جنوب لبنان وعمقه، فيما يرد "حزب الله" بقصف مواقع عسكرية إسرائيلية، وبالتوازي تجري مفاوضات لبحث اتفاق لوقف إطلاق النار.
فالولايات المتحدة رغم كونها الحليف الأكبر لإسرائيل وأهم مصادر دعمها ماديا وعسكريا في حرب الإبادة على غزة ولبنان، تدعي أنها تقود وساطة بين تل أبيب وبيروت عبر مبعوثها المولود في إسرائيل عاموس هوكشتاين للتوصل إلى اتفاق ينهي العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 23 سبتمبر/ أيلول 2024.
وصباح الثلاثاء، وصل هوكشتاين إلى بيروت لاستئناف المباحثات مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي بشأن وقف إطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل.
والتقارير الواردة من إسرائيل ولبنان، تشير إلى أن المعضلة العالقة في عنق الاتفاق المأمول هي شرط إسرائيلي ملغوم يتمثل في مطالبتها بـ"حرية مهاجمة أهداف في لبنان حتى بعد وقف إطلاق النار"، كما تفعل في سوريا.
هذا الشرط الإسرائيلي الذي وصفه مراقبون بـ"التعجيزي"، ترفضه بيروت بشدة حتى الآن على اعتبار أن من شأنه إطلاق يد إسرائيل في الداخل اللبناني متى أوجدت لنفسها ذريعة دون أي التزام بالاتفاق.
ووسط التحركات الدبلوماسية، تحاول إسرائيل ميدانيا التوغل برا داخل الأراضي اللبنانية في محاور مختلفة، توازيا مع التصعيد المضطرد في الغارات والقصف وأيضا مع تسريع وتيرة الاغتيالات لقيادات من "حزب الله".
وهذا يتسق مع ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لأعضاء لجنة الخارجية والأمن بالكنيست (البرلمان) أمس الاثنين، ومفاده أن "المفاوضات يجب أن تجري تحت القصف والنار".
وفيما يلي ترصد الأناضول عبر مصادر ميدانية مسرح عمليات جنوب لبنان:
** 3 محاور استراتيجية للتوغل
في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ذكرت صحيفة "معاريف" أن الجيش الإسرائيلي بدأ المرحلة الثانية من "المناورة البرية" جنوب لبنان، وتتضمن التقدم باتجاه خط الدفاع الثاني لـ"حزب الله" في قرى أكثر عمقا، وفق تصنيفات لما تعتقد تل أبيب أنها دفاعات وضعها الحزب لصد أي توغلات برية.
وبدأ الجيش الإسرائيلي مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، المرحلة الأولى من التوغل البري حيث دخل على مدى أسابيع مناطق حدودية في لبنان ونفذ عملية تفخيخ ونسف ممنهج لبلدات عديدة تمثل خط الدفاع الأول لـ"حزب الله"، لكنه لم يتمكن من البقاء بسبب خسائره البشرية المتواصلة.
وقالت مصادر ميدانية لبنانية لمراسلة الأناضول، إن إسرائيل تركز الآن على 3 محاور رئيسية للتوغل البري جنوبا، وهي محاور بلدات الخيام (جنوب شرق)، وبنت جبيل (وسط جنوب)، وشمع (جنوب غرب).
وعن المرحلة الثانية من التوغل البري، قال العميد اللبناني حسن جوني: "حتى الآن تنفيذها بطيء جدا، ويحاول الجيش الإسرائيلي الضغط على 3 محاور ومناطق عمليات بين القطاع الغربي (شمع)، والأوسط (بنت جبيل)، والشرقي (الخيام)".
ورأى في حديث للأناضول، أن "الجيش الإسرائيلي يحاول تكريس احتلاله لمناطق ذات قيمة ورمزية في الجنوب، والعمل على إنقاذ سمعته عقب عجزه في المرحلة الأولى عن احتلال قرية واحدة وفق إعلام عبري".
وبحسب جوني، فإن "محور الخيام يحمل أهمية استراتيجية كبيرة، لما لها من رمزية تاريخية وأهمية جغرافية، فتاريخيا هي بلدة مقاومة للاحتلال، أما جغرافيا فهذه البلدة تمتد على سلسلة هضاب مشرفة على الداخل الإسرائيلي والمستوطنات المحاذية، كما أنها مشرفة أيضا على الداخل اللبناني".
واعتبر أن "إسقاط الخيام هو الهدف الإسرائيلي، وليس التوسع تجاه البقاع (شمال شرق)، لأن هذا الأمر لا يعنيه، فما يهمه هو تدمير البنى التحتية لحزب الله".
وأكد الخبير العسكري أهمية بنت جبيل الاستراتيجية "كونها قرية كبيرة وحتى الساعة لم يستطع الإسرائيلي احتلالها".
من جانبه، أوضح العميد اللبناني المتقاعد علي أبي رعد، للأناضول، أن "أهم نقطتين استراتيجيتين لإسرائيل هما شمع والخيام".
وقال إن "السيطرة على الخيام تعني السيطرة على القطاع الشرقي وصولا لسهل بلدة حولا وقد يقطع فيها طريق البقاع، فالخيام هي نقطة عالية وترتفع 950 مترا عن سطح البحر".
"أما إذا سيطر الجيش الإسرائيلي على قرية شمع فهو يعزل القطاع الغربي من الناقورة إلى صور، ولا يعود هناك أي حركة في هذه المنطقة"، وفق أبي رعد.
** "فرض أمر واقع"
في السياق، أوضح جوني أن الهدف من التوسّع العسكري الإسرائيلي زيادة الضغط العسكري على "حزب الله" بموازاة دراسة لبنان اتفاق وقف إطلاق النار للرد عليه.
وأشار إلى أن "الهدف الإسرائيلي إقناع لبنان بالقوة بالموافقة على الشروط"، لافتا إلى أن "تسخين الميدان متوقع بمواكبة مسألة دراسة مسودة الاتفاق".
فضلا عن "إرهاق حزب الله عسكريا وإرجاعه لخلف نهر الليطاني"، بالإضافة إلى إنشاء أرض حدودية عازلة.
أما الخبير العسكري أبي رعد، فبيّن أن "هدف التوسع فرض أمر واقع تفاوض عليه إسرائيل في اتفاق وقف إطلاق النار ولوضع شروط إضافية".
وهناك أيضا "هدف غير ظاهر، ويتمثل في إيجاد منطقة محروقة بالكامل لا تصلح للعيش ولا للحياة، وهذا يظهر عند استعمال الجيش الإسرائيلي قنابل محرمة دوليا ومنها الفوسفورية".
** تكتيكات "حزب الله"
وعن طريقة عمل "حزب الله"، أفاد جوني بأنه "يحاول الحفاظ على استمرار إطلاق الصواريخ والمسيّرات لإبقاء أمن إسرائيل مفقودا، وإرباك منظومتها الدفاعية، وإبقاء التهديد قائما ومحتملا لمعظم الأهداف التي وصل إليها".
ورأى أن "الهدف من تكريس التهديد واستمراره إقناع إسرائيل بأن الحسم العسكري غير ممكن مع المقاومة التي تستعد لمعركة طويلة، ولا بد له العودة للاتفاق السياسي لتحقيق هدفه المعلن وهو عودة سكان الشمال".
أما أبي رعد فأشار إلى أن "حزب الله يتبع تكتيكا ممزوجا من حرب جيوش وحرب عصابات في البرّ"، موضحا أن "هناك أماكن قتال ثابت مثل قتال الجيوش كما نرى في بلدات شمع وكفركلا والخيام".
بينما "هناك قتال عصابات حيث نرى عمليات كر وفر، أي استدراج العدو لكمين كما حصل في شمع، والكمائن تؤدي إلى دمار عدد من الدبابات الإسرائيلية وإيقاع قتلى"، وفق أبي رعد.
وإضافة إلى الصواريخ، لفت الخبير العسكري إلى أن "حزب الله يمتلك 28 نوعًا من المسيّرات التي لا يجد الجيش الإسرائيلي حلا للتصدي لها نظرا لصعوبة رصدها وإسقاطها بسبب تكوينها وطريقة صنعها".
** "مرحلة حاسمة"
وعشية وصول المبعوث الأمريكي لمساعي الوساطة، قالت القناة 12 العبرية، الاثنين، إن "الجهود الرامية إلى التوصل لاتفاق في لبنان تصل إلى مرحلة حاسمة هذا الأسبوع".
وأوضحت أنه "بعد أن أحالت سفيرة واشنطن ليزا جونسون المقترح الأمريكي الإسرائيلي إلى لبنان (الخميس)، أرسل حزب الله وثيقة رد إلى رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، وسيسلمها الأخير إلى هوكشتاين".
وأشارت إلى أنه "من المتوقع أن يراجع هوكشتاين رد حزب الله مع ممثلي الحكومة اللبنانية، واعتمادا على درجة التقدم، سيتم تحديد الخطوات التالية".
وبعد اشتباكات مع فصائل في لبنان، أبرزها "حزب الله"، بدأت غداة شن إسرائيل إبادة جماعية على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023 أسفرت عن مقتل وإصابة نحو 148 ألف فلسطيني، وسّعت تل أبيب منذ 23 سبتمبر الماضي نطاق الإبادة لتشمل معظم مناطق لبنان بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية، كما بدأت غزوا بريا في جنوبه.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان إجمالا عن 3 آلاف و516 قتيلا و14 ألفا و929 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلا عن نحو مليون و400 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 سبتمبر الماضي، وفق رصد الأناضول لبيانات لبنانية رسمية معلنة حتى مساء الاثنين.
ويوميا يرد "حزب الله" بإطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومقار استخبارية وتجمعات لعسكريين ومستوطنات، وبينما تعلن إسرائيل جانبا من خسائرها البشرية والمادية، تفرض الرقابة العسكرية تعتيما صارما على معظم الخسائر، حسب مراقبين.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.