
Morocco
الرباط / الأناضول
- المغرب ومصر وتونس والأردن وقعت في 2004 اتفاقية أكادير ودخلت حيز التنفيذ في 2007 وانضمت إليها فلسطين ولبنان في 2020- المبادلات التجارية بين دول الاتفاقية لم تصل إلى المستوى المطلوب إذ تواجه صعوبات وتعكس الأرقام حالة من عدم الرضا عن النتائج
- بعض دول الاتفاقية فرضت رسوما إضافية للحد من إغراق أسواقها كما حدث بين المغرب وتونس فضلا عن مشكلات تجارية عالجتها مصر والمغرب
- الخبير الاقتصادي محمد نظيف يؤكد ضرورة تحديث الاتفاقية بالنظر إلى بروز تحديات وصعوبات في سياق تجاري دولي يتسم بالتطور والصراعات التجارية
بعد 21 عاما من توقيع اتفاقية أكادير، لم تصل المبادلات التجارية بين المغرب ومصر وتونس والأردن وفلسطين ولبنان إلى المستوى المطلوب، إذ تواجه صعوبات عدة.
هذه الصعوبات جعلت بعض الدول تفرض رسوما إضافية للحد من إغراق أسواقها، مثلما فرض المغرب رسوما إضافية على واردات الدفاتر المدرسية التونسية.
ويرى اقتصادي مغربي، في حديث للأناضول، ضرورة تحديث الاتفاقية بالنظر إلى الصعوبات والمستجدات، مشددا على أن العلاقات الاقتصادية لا تتسم بالجمود، بل بالتطور ومواكبة التطورات.
** أهداف ونتائج
في 25 فبراير/ شباط 2004، وقع المغرب ومصر وتونس والأردن في الرباط اتفاقية أكادير، ودخلت حيز التنفيذ في 2007.
وهدفت الاتفاقية إلى إقامة منطقة للتبادل التجاري الحر، وإقرار إعفاءات جمركية للمنتجات ذات المنشأ المحلي، وزيادة التبادل التجاري البيني من ناحية ومع الاتحاد الأوروبي من ناحية أخرى.
وفي 2020، انضمت فلسطين ولبنان إلى الاتفاقية، التي تسعى أيضا إلى تعزيز ودعم التعاون الاقتصادي والتجاري بين دولها.
وأفاد المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالمغرب (رسمي)، في تقرير مؤخرا، بأن المملكة سجلت عجزا تجاريا حادا مع دول الاتفاقية.
وخلص إلى أن سياسة الانفتاح الاقتصادي، عبر اتفاقيات التبادل الحر، بحاجة إلى "مراجعة وتقويم وتحسين".
ودعا المجلس إلى تلبية جزء كبير من الطلب المحلي عبر عرض بديل للواردات الضخمة، والعمل على جعل الإنتاج الوطني تنافسيا في سوق التصدير.
ووفق مكتب الصرف المغربي (حكومي)، عبر تقرير في يناير/ كانون الثاني 2025، ارتفعت واردات المملكة من مصر من 475 مليون درهم (47.5 مليون دولار) في 2023 إلى 804 ملايين درهم (80.4 مليون دولار) خلال الشهور الـ11 الأولى من 2024.
في المقابل، تراجعت صادرات المغرب إلى مصر من 17 مليون درهم (1.7 مليون دولار) في 2023 إلى 11 مليون درهم (1.1 مليون دولار) خلال الشهور الـ11 الأولى من 2024.
فيما بلغ حجم المبادلات التجارية بين المغرب والأردن 32 مليون دولار عام 2017، و31 مليون دولار عام 2018، و20 مليون دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من 2024.
وسجل حجم المبادلات التجارية بين الأردن وتونس نحو 35 مليون دولار عام 2023، مقابل 41 مليون دولار خلال 2022، وفق إحصاءات رسمية.
وحسب تقرير مصري عن العلاقات التجارية بين دول اتفاقية أكادير صدر عام 2021، فإن قيمة صادرات مصر زادت بين 2.8 و5.2 بالمئة خلال الفترة قبل وبعد تنفيذ الاتفاقية.
وأضاف التقرير الصادر عن المجلة المصرية للاقتصاد الزراعي، أنه "تبين التأثير السلبي على مصر، حيث يظهر تضاؤل الصادرات المصرية لدول الاتفاقية، مقابل وجود أثر إيجابي للاتفاقية على الأردن والمغرب وتونس".
وزاد أنه "رغم إزالة القيود الجمركية والإجراءات غير الجمركية بين مصر وباقي دول اتفاقية، إلا أن حجم التبادل التجاري بين مصر وهذه الدول يتسم بالتضاؤل والانخفاض".
وأفاد بأن "إجمالي قيمة التجارة الخارجية المصرية مع باقي دول الاتفاقية بلغ نحو 1.7 مليار دولار بين 2007 و2019، ما يمثل نحو 1.92 بالمئة من إجمالي قيمة التجارة الخارجية المصرية ككل، والبالغة نحو 89.3 مليار دولار خلال هذه الفترة".
** رسوم وعراقيل
المغرب لجأ إلى فرض رسوم إضافية على بعض المنتجات الأجنبية لحماية السوق المحلية من الإغراق، منها الرسوم الإضافية على الدفاتر المدرسية التونسية التي تسببت في أزمة مع البلد الجار.
إذ لجأت تونس إلى منظمة التجارة العالمية للتدخل، بعدما فرض المغرب الرسوم الإضافية في مايو/ أيار 2018، لمدة أربعة أشهر، وهو ما اعتبرته الرباط "رسما لمكافحة الإغراق على واردات الدفاتر من تونس".
ومنذ هذا التاريخ، لا يزال المغرب يمدد تلك الرسوم، واعتبرت الحكومة في فبراير الماضي أن فرض رسوم إضافية تصل حتى 51 بالمئة هو "التزم بقوانين منظمة التجارة العالمية، في مواجهة عمليات إغراق" للسوق المحلية.
ويتنافس المغرب وتونس في قطاعات اقتصادية متعددة، منها إنتاج الفوسفات، إذ يملك البلدان احتياطيات مهمة من هذه المادة.
كما يتنافسان على جذب النسبة الأكبر من الاستثمارات الأجنبية، التي يتحكم فيها أساسا ارتباط المعاملات التجارية للبلدين بفرنسا، المستعمر السابق لهما، وبالاتحاد الأوروبي بشكل عام.
ولمدة طويلة لا تعقد بعض دول اتفاقية أكادير اجتماعات للجان العليا المشتركة، ما يؤثر سلبا على العلاقات الاقتصادية بينها، خاصة أن هذه اللجان معنية ببحث سبل تقوية العلاقات السياسية والاقتصادية وإيجاد حلول للصعوبات التجارية.
ومنذ أكثر من 8 سنوات لم تُعقد أي دورة جديدة للجنة العليا المشتركة المغربية التونسية، ففي يوليو/ تموز 2017، احتضنت الرباط الدورة 19 لهذه اللجنة برئاسة رئيسي وزراء البلدين.
وعلى خلفية مشكلات تجارية برزت مؤخرا بين المغرب ومصر، اتفق البلدان على آليات جديدة لتجاوزها، وذلك بعد جدل تجاري أدى إلى عرقلة دخول حاويات بضائع إلى كل منهما.
واتفقت القاهرة والرباط، في فبراير الماضي، على "وضع خط اتصال مباشر لإزالة العوائق بين البلدين من خلال تتبع الإحصائيات والعراقيل التي تحول دون تحقيق الأهداف المتفق عليها وإيجاد الحلول لإزالتها".
** تحديات وصراعات
معلقا على مؤشرات الاتفاقية، قال الاقتصادي المغربي محمد نظيف للأناضول إن "بروز تحديات وصعوبات بين دول الاتفاقية يأتي في سياق تجاري دولي يتسم بالتطور والكثير من المستجدات".
وأضاف أن "آخرها (المستجدات هو) الصراع التجاري بين الولايات المتحدة ودول مثل الصين وكندا، بعد صعود (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب إلى السلطة" في يناير/ كانون الثاني 2025.
وتابع أن "تطور الاقتصاد الدولي يحتم على الدول التي تربطهم اتفاقيات الجلوس إلى طاولات المفاوضات لمعرفة الصعوبات الطارئة".
نظيف دعا إلى "تحيين (تحديث) اتفاقية أكادير بالنظر إلى الصعوبات المطروحة والمستجدات الطارئة، فبعد مرور مدة طويلة على بدء التنفيذ، وبروز نقاط قوة وضعف، بات ضروريا تحيين الاتفاقية".
وشدد على أن "إعادة النظر في الاتفاقية في صالح دولها، فالعلاقات الاقتصادية لا تتسم بالجمود، بل بالتطور وبروز كثير من المستجدات".
نظيف قال إن "الاتفاقية تم توقيعها خلال 2004 في سياق دولي تجاري عرف كثيرا من التغييرات، وإدخال تعديلات ممكن أن يقوي المبادلات بين دول الاتفاقية".
وأردف: "انطلاقا من المعطيات والظروف الاقتصادية الجديدة لكل بلد وتطوراته الاقتصادية والسياسية وخصوصيته، من الطبيعي أن تظهر تحديات تجارية بين دول الاتفاقية".
وختم الاقتصادي المغربي بتأكيد ضرورة سعي دول الاتفاقية إلى تعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية بينها، لمواجهة التحديات المفروضة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.