خبير اقتصادي: 150 مليار دولار كلفة إعادة إعمار سوريا (مقابلة)
** رئيس مركز حرمون للدراسات سمير سعيفان للأناضول: - طريق إعادة الإعمار بحاجة إلى استقرار سوريا ورفع العقوبات عنها وعودة العلاقات مع دول الإقليم والعالم

İstanbul
إسطنبول / محمد شيخ يوسف / الأناضول
** رئيس مركز حرمون للدراسات سمير سعيفان للأناضول:- طريق إعادة الإعمار بحاجة إلى استقرار سوريا ورفع العقوبات عنها وعودة العلاقات مع دول الإقليم والعالم
- مصادر تمويل إعادة الإعمار متعددة منها مساعدات ومنح وقروض لكن يبقى الأهم الاستثمارات السورية
قال رئيس مركز حرمون للدراسات سمير سعيفان، إن كلفة إعادة الإعمار المادي في سوريا تصل إلى 150 مليار دولار، مشددا على ضرورة رفع العقوبات الاقتصادية عن البلاد لفتح الطريق أمام الجهود الخاصة بذلك.
جاء ذلك في حوار أجرته الأناضول مع سعيفان بمدينة إسطنبول، على هامش مشاركته في ندوة عن الأوضاع الانتقالية في سوريا.
وأشار سعيفان إلى أن أول مفاتيح إعادة الإعمار تتعلق بتحقيق الاستقرار بسوريا ورفع العقوبات الاقتصادية عنها، بجانب عودة العلاقات الدبلوماسية لطبيعتها مع دول الإقليم والعالم.
ومع سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الثاني الماضي، حين بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق بعد مدن أخرى، انتهت 61 عاما من حزب البعث الدموي، و53 سنة من سيطرة أسرة الأسد.
وفي 29 يناير/ كانون الثاني 2025، أعلنت الإدارة السورية تعيين أحمد الشرع رئيسا للبلاد بالمرحلة الانتقالية، بجانب قرارات أخرى منها حل الفصائل المسلحة والأجهزة الأمنية القائمة بالعهد السابق، ومجلس الشعب (البرلمان)، وحزب البعث الذي حكم البلاد على مدى عقود، وإلغاء العمل بالدستور.
** طبيعة الإعمار
وقدر سعيفان كلفة الإعمار المتوقعة بـ150 مليار دولار وقال: "إذا أردنا أن نتحدث عن الإعمار المادي بمعنى إعادة بناء البلدات والمدن التي هدمت، فلا يوجد حساب دقيق، إنما هي تقديرات".
وأوضح أن البنك الدولي في آخر دراسة قدر تكلفة الإعمار بأقل من 150 مليار دولار مع وجود تقديرات تتحدث عن أرقام أخرى.
وشرح بأن "150 مليار دولار رقم كبير جدا، وبالتالي هي كلفة تختص بإعادة الإعمار المادي، لكن أيضا هناك تكاليف لإعادة الإعمار المجتمعي، فهناك جهود وحوارات مع الناس لإعادتهم إلى بيوتهم مع وجود أعداد كبيرة منهم نزحوا إلى أماكن أخرى".
وأردف: "بالتالي هذا أيضا له كلفة، هناك إعادة بناء مؤسسات الدولة التي هدمت، والحاجة ماسة لإعادة بناء الثقافة والعقلية العامة، بجانب إعادة البناء التشريعي، فنحن بحاجة لإعادة بناء شاملة وليست عمرانية فقط".
** مصادر التمويل
وفيما يخص مصادر التمويل، أشار سعيفان إلى أن أول مفاتيح إعادة الإعمار تتعلق بتحقيق الاستقرار بسوريا ورفع العقوبات الاقتصادية عنها، بجانب عودة العلاقات الدبلوماسية لطبيعتها مع دول الإقليم والعالم.
وأضاف: "بعد ذلك ستكون مصادر تمويل إعادة الإعمار متعددة، بعضها قد يأتي بشكل مساعدات سواء من دول صديقة أو على شكل منح، وهنا لا نتوقع أرقاما كبيرة جدا".
واستدرك: "يمكن أن تقترض سوريا من مؤسسات دولية ولن تكون هناك قروض كبيرة جدا، لأن القروض تحتاج إلى ضمانات".
وأكمل: "يمكن أن يكون المصدر الثالث والأساسي بالاستثمارات، عبر إعادة إطلاق الاقتصاد السوري، وهذا المصدر الذي يجب أن يكون عليه التعويل".
ومشيرا إلى المساعدات المتوقعة من الاتحاد الأوروبي أو المنظمات الأممية والدولية، قال سعيفان إن "مجمل هذه المصادر يجب أن تتضافر كي تدار بكفاءة وفعالية، بطريقة تجعل الاقتصاد السوري قادرا على تمويل نفسه بنفسه وليس اعتمادا على مساعدات خارجية".
** الدعم الإقليمي
وردا على سؤال عن أدوار الإقليم الدافعة لاستقرار سوريا، قال سعيفان إن "الدول الداعمة هي قطر وتركيا والسعودية، سياسيا بالدرجة الرئيسية، الدعم المادي يمكن يأتي من قطر والسعودية بصورة أساسية".
وأضاف: "تركيا عموما يمكن أن تساهم بعملية البناء، ويمكن أن تدعم أيضا ماديا، لكن الدعم الكبير قد يأتي من تلك الدول".
وأوضح أن "تركيا مع الدول العربية وحتى البلدان الأوروبية يمكن أن تؤدي دورا كبيرا في الترويج بشكل أو بآخر لمسألة رفع العقوبات الاقتصادية والاعتراف بالسلطة الانتقالية الحالية".
ومع الدعم الإقليمي والدولي المرتقب، أشار سعيفان إلى أن "السلطة الحالية يجب أن تدرك متطلبات المجتمع الدولي، وأن تلاقي هذه المتطلبات في منتصف الطريق، وهذه إحدى القضايا المعقدة جدا".
وشرح ما ذهب إليه بالقول: "توجد توجهات متباينة داخل السلطة الحالية، بعضها متشدد ومنها مرن، وآخر يدرك متطلبات المجتمع الدولي والإقليمي، وبينها ما لا يدرك مخاطره"، دون مزيد تفصيل.
وختم سعيفان بالقول: "نأمل أن يكون في النهاية موقف يؤدي إلى انفراج، ما لم ترفع العقوبات سيكون وضعنا بسوريا صعبا".
وعلى خلفية انتهاكات نظام الأسد ومجازره في قمع الثورة بسوريا منذ عام 2011، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى بينها بريطانيا عقوبات على هذا البلد العربي، شملت تجميد أصول، ووقف التحويلات المالية، والحرمان من التكنولوجيا، وحظر التعامل مع نظامه.
ورغم تعليق بعضها وتخفيف أخرى بعد سقوط نظام الأسد، لا تزال العقوبات الغربية المفروضة على سوريا عائقا أمام النهوض بالبلاد.