تركيا, التقارير, السياحة في تركيا

قارامان التركية.. عبق التاريخ وسحر الطبيعة (تقرير)

- تقع قارامان في موقع استراتيجي بين منطقتي وسط الأناضول والبحر المتوسط، وتتميز بتاريخها الضارب في القدم، وجمالها الطبيعي

Ömer Mirza Şeker, Hişam Sabanlıoğlu  | 18.03.2025 - محدث : 18.03.2025
قارامان التركية..  عبق التاريخ وسحر الطبيعة (تقرير)

Karaman

قارامان/ عمر ميرزا شكر/ الأناضول

- تقع قارامان في موقع استراتيجي بين منطقتي وسط الأناضول والبحر المتوسط، وتتميز بتاريخها الضارب في القدم، وجمالها الطبيعي
-  مسجد "آق تكة"، الذي بُني خلال إقامة عائلة المتصوف  جلال الدين الرومي في قارامان، يستقطب الزوار بأجوائه الروحانية، وواجهته البيضاء، وتصميمه البسيط
- مخازن الحبوب في بلدة "طاش قلعة"، التي يعود استخدامها إلى قرون خلت، تجسد التراث الثقافي والتاريخي للمنطقة، وتشكل مركز جذب سياحي مميز
- قصر تارتان، الواقع في وسط مدينة قارامان، واحد من أبرز الأمثلة على العمارة المدنية العثمانية، ويعكس ثقافة القصور التقليدية في تلك الحقبة
- مركز غازي للثقافة والفنون في قارامان، المتحف الأول والوحيد الذي يوثق حياة الدراسة الابتدائية في تركيا

بتاريخها العريق الممتد لآلاف السنين ومناظرها الطبيعية الخلابة، تستقطب ولاية قارامان جنوبي تركيا الزوار على مدار العام، وتعد واحدة من أبرز الوجهات السياحية في البلاد.

وتقع قارامان في موقع استراتيجي بين منطقتي وسط الأناضول والبحر المتوسط، وتتميز بعمقها التاريخي، وجمالها الطبيعي، وتنوعها الثقافي، فضلًا عن مطبخها التقليدي الذي يستحق التجربة.

يعود تاريخ المنطقة إلى 7000 عام قبل الميلاد، مما يجعلها موطنًا للعديد من الحضارات التي ازدهرت على أرضها، بدءًا من الحثيين والفريجيين، مرورًا بالرومان والبيزنطيين، ووصولًا إلى السلاجقة والعثمانيين. كما تحظى بأهمية خاصة في التاريخ التركي، لكونها كانت عاصمة لإمارة أولاد قارامان التركمانية.

- "ألف كنيسة وكنيسة"... شاهدة على البدايات الأولى للمسيحية

وفي العصور الوسطى، كانت المنطقة تُعرف باسم ليكاؤنيا، وتحتوي على حوالي 50 كنيسة بيزنطية مدمرة تعود إلى العصر المسيحي المبكر.

وخلال العصر البيزنطي تحولت المنطقة، المسماة "ألف كنيسة وكنيسة" في يومنا، إلى مركز ديني مهم، وكانت محطة رئيسية للحجاج المسيحيين القادمين من أوروبا في طريقهم إلى القدس خلال أواخر العصور القديمة.

وتشير التقديرات إلى أن معظم هذه المباني تضررت بشدة جراء زلزال وقع بين عامي 1880 و1905، لكن ما تبقى منها لا يزال يحتفظ بقيمته التاريخية والثقافية، مما يجعلها مرشحة لتكون من بين أهم الوجهات السياحية في تركيا والعالم.

- مانازان.. كهوف تحكي أسرار الماضي

تُعد كهوف مانازان الواقعة في بلدة "طاش قلعة"، إحدى الوجهات التي تجمع بين التاريخ والطبيعة، حيث تتميز بتكويناتها الجيولوجية الفريدة التي تجذب الزوار.

تم نحت هذه الكهوف بالكامل يدويًا داخل كتلة صخرية ضخمة، ويُعتقد أنها شُيّدت قبل 1400 عام، حيث تبدو كأنها مبنى من خمسة طوابق محفور في الصخر.

يتكون الطابقان الأولان من مجموعة من الغرف الصغيرة التي تشبه الزنازين، بينما تحمل الطوابق الأخرى أسماء مختلفة مثل "قلعة الرمال"، و"ساحة الخيول"، و"ساحة الموتى".

يمكن الوصول إلى الطوابق العلوية عبر ممرات ضيقة وسراديب، حيث توجد صالات واسعة في كل مستوى تتصل بعدد كبير من الغرف الصغيرة. في الطابق الأخير، الذي يُعرف باسم "ساحة الموتى"، تم العثور على بقايا بشرية، بينها هيكل عظمي لامرأة تعود إلى العصر البيزنطي، والذي يُعرض حاليًا في متحف قارامان.

ويُعتقد أن كهوف مانازان كانت تستخدم خلال القرنين السادس والسابع الميلادي، لأسباب أمنية ودفاعية، خاصة وأنها محفورة في الحجر الجيري الطيني الذي يساعد على تنظيم الحرارة والرطوبة، مما يجعلها بيئة مناسبة للعيش لفترات طويلة.

- مسجد "آق تكّه" يعكس الهوية التاريخية والروحية لقرمان

يُعرف مسجد آق تكّه (التكية البيضاء) أيضًا باسم "مادری مولانا"، أي أم مولانا جلال الدين الرومي، وهو من أبرز المعالم التي تعكس الهوية التاريخية والروحية لمدينة قارامان.

يقع المسجد في وسط المدينة، ويضم في داخله ضريح مؤمنة خاتون، والدة المتصوف الإسلامي مولانا جلال الدين الرومي، بالإضافة إلى قبور العديد من أفراد عائلته.

بُني المسجد خلال الفترة التي أقامت فيها عائلة جلال الدين الرومي في قارامان، ويتميز بجاذبيته الروحانية، وواجهته البيضاء، وتصميمه البسيط، مما يجعله محط اهتمام الزوار المحليين والأجانب.

أما من الداخل، فتُبرز الزخارف الخشبية والنقوش الحجرية الفن المعماري لتلك الفترة، مما يجعل المسجد وجهة رئيسية في قطاع السياحة الدينية.

- مخازن الحبوب في طاش قلعة

وتعد مخازن الحبوب في طاش قلعة (قلعة الحجر)، بولاية قرمان، من المعالم التاريخية والثقافية البارزة التي تجسد التقاليد القديمة في تخزين الحبوب.

تم حفر أكثر من 350 مخزنًا داخل صخور من الحجر الجيري الطيني، حيث تعمل هذه الصخور على الحفاظ على درجات الحرارة والرطوبة ثابتة، مما يسمح بتخزين الحبوب لفترات طويلة دون أن تتعرض للتلف، ويجعلها بمثابة ثلاجات طبيعية.

يتم الوصول إلى هذه المخازن عن طريق التسلق باستخدام نتوءات صخرية صغيرة، ويتم رفع الحبوب إلى داخلها بواسطة نظام بكرات وسلاسل معدنية، ما يجعلها مثالية لحفظ المواد الغذائية، كما أنها تشكل موقعًا سياحيًا مميزًا بفضل بنيتها التاريخية الفريدة.

ويُعتقد أن هذه المخازن قد تم حفرها يدويًا على مر العصور، بدءًا من العهد البيزنطي وحتى عهد الجمهورية التركية، فيما تُشير بعض المصادر إلى أن المخازن القريبة من سطح الأرض كانت تُستخدم للسكن حتى وقت قريب.

- قصر تارتان يعود ليبهر الزوار من جديد

يُعد قصر تارتان، الواقع في وسط مدينة قارامان، واحدًا من أبرز الأمثلة على العمارة المدنية العثمانية، إذ يعكس ثقافة القصور التقليدية في تلك الحقبة.

وكان القصر مملوكًا في الأصل لعائلة تارتان، التي كانت واحدة من العائلات البارزة في المنطقة، وقد جرى استخدام المبنى لأغراض متعددة على مر السنين، لكنه يُستخدم اليوم متحفًا وقصرًا مفتوحًا لاستقبال السياح المحليين والأجانب.

يتميز القصر بتصميمه الخارجي الذي يجمع بين الخشب المنحوت والحجر، بينما تضفي الأسقف العالية، والأبواب المزخرفة، والنقوش الخشبية المصنوعة يدويًا لمسات جمالية تعكس الذوق المعماري للعصر العثماني.

- مركز غازي للثقافة والفنون يعيد الزوار إلى سنوات الدراسة الابتدائية

يُعد مركز غازي للثقافة والفنون في قارامان، المتحف الأول والوحيد الذي يوثق حياة الدراسة الابتدائية في تركيا، إذ يعرض المتحف في صالاته مواد ومعروضات توثق رحلة تطور التعليم الابتدائي في البلاد عبر العصور.

المعرض، الذي تم إنشاؤه داخل مدرسة غازي الابتدائية، التي جرى تأسيسها قبل 96 عامًا، يأخذ الزوار في رحلة مفعمة بالحنين والشوق إلى أيام الدراسة الأولى، مقدّمًا تجربة تعليمية بصرية غنية.

ومنذ مطلع العام 1989، بدأ المواطن التركي علي ياغجي، العمل على إنشاء متحف خاص بالتعليم الابتدائي، بهدف دعم قطاع التعليم، من خلال جمع الأدوات التعليمية من المزادات والأسواق القديمة.

وتتألف معروضات المتحف من مجموعة مختارة من الأدوات التعليمية، ويتم عرضها ضمن خمس قاعات تحمل أسماء، "مدرسة الذكور"، و"المدرسة الابتدائية"، و"العهد الجمهوري"، و"المعارف"، و"هولندا".

وفي حديث للأناضول، أوضح مدير مركز غازي للثقافة والفنون، علي ياغجي، أن افتتاح المتحف تم عام 2018 واحتوى على مجموعات توثق مسيرة الحياة التعليمية الابتدائية في تركيا.

وأضاف ياغجي: "لدينا ما معدله 700 زائر يوميًا. من خلال المعروضات الموجودة في المتحف، نوفر للزوار معلومات مهمة حول تاريخ التعليم الابتدائي بشكل تسلسلي زمني".

وأشار ياغجي إلى أن القراءة والكتابة من أهم شعائر الإسلام، موضحًا مدى الاحترام الكبير الذي أبداه الأجداد تجاه أدوات الكتابة ومجال التعليم بشكل عام.

وقال: "كان أجدادنا يُظهرون احترامًا كبيرًا لأدوات القراءة والكتابة. في الماضي، كانت الأقلام تُصنع من القصب، وكان الخطاطون يعتبرون القلم أداة مقدسة. حتى عند شحذ القلم، كانوا يحتفظون ببقايا النحت بدلًا من التخلص منها، احترامًا له".

وتابع: "في قرمان، التي شهدت إعلان الأمير محمد بك قارامان أوغلو عام 1277 اعتماد اللغة التركية كلغة رسمية للدولة، لا زالت هنالك العديد من المعالم التاريخية القائمة حتى يومنا هذا، والتي تؤكّد الأهمية التي استحوذ عليها قطاع التعليم في تاريخ المدينة، بما في ذلك قلعة قارامان التي تم ترميمها خلال العهدين السلجوقي والعثماني، ومدرسة الخاتونية المزخرفة بنقوش حجرية دقيقة والتي تعود إلى العهد السلجوقي".

وختم قائلا: "كما تحتضن المدينة سد أرمنك الذي يُعد رابع أكبر سد في تركيا، بمياهه التركوازية المحاطة بالطبيعة الخلابة، إضافةً إلى نهر كوكصو الذي ينبع من جبال طوروس ويتدفق نحو البحر المتوسط، وشلال ييركوبري الذي يشتهر بمياهه البلورية الصافية".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın