أنقرة/ ياسمين كاليونجو أوغلو/ الأناضول

أمضى يونس نادي أبالي أوغلو أحد مؤسسي وكالة الأناضول للأنباء 46 عاماً من عمره في الكتابة والنشر من أجل حرية بلاده. وشارك خلال سنوات الدراسة في تأسيس العديد من الصحف والمجلات.

شارك يونس نادي مع خالدة أديب أديوار في تأسيس وكالة الأناضول، بريادة مصطفى كمال أتاتورك الذي تعرف عليه في سالونيك عام 1910. كما ساهم في نشر مرحلة الكفاح الوطني في كل أرجاء البلاد.

ووفقا لمعلومات جمعها مراسل الأناضول، ولد يونس أبالي أوغلو نادي في 1 يوليو/ تموز عام 1879 في قضاء فتحية (جنوب غربي تركيا) وهو الابن الخامس لحاجي خليل أفندي وعائشة هانم.

كان شغوفاً بالقراءة منذ صغره وتلقى التعليم الديني ودرس القرآن والقراءات والتجويد على يد مدرس خصوصي.

تعلم يونس نادي القرآن والقراءات خلال فترة وجيزة. وبتوجيه من والده سافر في عمر الحادية عشرة إلى جزيرة رودوس للدراسة في مدرسة القضاة (المدرسة السليمانية).

كانت المدرسة تركز على تدريس العلوم الاجتماعية والثقافة العامة والتاريخ والأدب والتربية واللغات، خاصة العربية والفارسية والفرنسية.

وفي رودوس، تعرف يونس نادي لأول مرة على مفهومي الوطن والحرية، والتناقض بين الفكر الحديث والتقليدي.

تخرج يونس نادي في المدرسة السليمانية عام 1897 وكان ترتيبه الأول على المدرسة، ثم واصل دراسته في ثانوية غلاطه سراي ثم مدرسة الحقوق بإسطنبول.

- الصحافة أفضل ساحة للنقاش

بدأ يونس نادي حياته الصحفية بالكتابة في مجلة "معلومات" أثناء سنوات دراسته، وبدأ عمله في المجلة كمترجم لمدة 3 سنوات ونصف أمضى منهم أكثر من سنتين في الكتابة.

ألقي القبض عليه عام 1901 لأسباب سياسية وحُكم عليه بالسجن 3 سنوات بقلعة جزيرة ميديللي ثم نُقل بناء على طلبه ليقضي عقوبته في مدينة فتحية مسقط رأسه وبقي هناك حتى إعلان المشروطية (الملكية الدستورية).

انضم يونس نادي إلى جمعية الاتحاد والترقي عام 1908 ثم إلى إسطنبول بعد إعلان المشروطية وأكمل دراسته بمدرسة الحقوق. وخلال تلك الفترة عمل في صحيفتي "إقدام" و"تصوير أفكار".

- لقاؤه مع مصطفى كمال أتاتورك

سافر يونس نادي إلى سالونيك عام 1910، وبسبب علاقته بجمعية الاتحاد والترقي أصبح رئيس تحرير صحيفة "الروميللي"، التي تعد الذراع الإعلامي للجمعية في سالونيك.

وفي سالونيك التقى يونس نادي مع مصطفى كمال (أتاتورك) ونشأت بينهما صداقة. وفي السنوات اللاحقة لذلك عُين مصطفى كمال ملحقاً عسكرياً في صوفيا وواصلا إرسال الخطابات والرسائل لبعضهما البعض.

كان يوسف نادي ينشر أفكار مصطفى كمال في مقالات بعنوان "أفكار فولاذية بقلم فولاذي" في صحيفة "تصوير أفكار" التي كان يتولى رئاسة تحريرها.

- أول من نشر صور مصطفى كمال أتاتورك

عاد يونس نادي إلى إسطنبول مع اندلاع حرب البلقان. وأصبح نائبا عن ولاية آيدن في مجلس النواب في الفترة من أبريل/نيسان، إلى أغسطس/آب عام 1912. وواصل الكتابة في صحيفة "تصوير أفكار".

أثناء حرب "جناق قلعة"، بدأ اسم مصطفى كمال ينتشر بين الناس، إلا أنه لم يُنشر في الصحف أي شيء عن بطولاته ولم تنشر أي صور له. فكانت صحيفة "تصوير أفكار"، التي يديرها يونس نادي هي أول صحيفة تركية تنشر صورة لمصطفى كمال عندما نشرت صورة له التقطها عندما كان ملحقاً عسكرياً في صوفيا.

صحيفة "يني غون"

عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، ترك يونس نادي "تصوير أفكار"، ومنذ اللحظات الأولى لإعلان المشروطية، أصبح يونس نادي مقرباً أكثر من فكر العثمانية وعقب عودته من سالونيك أصبحت توجهاته الفكرية الرئيسية أقرب إلى الإسلامية والقومية التركية.

أسس يونس نادي صحيفة "يني غون" في 2 سبتمبر/ أيلول 1918. وفي العام نفسه انتخب بـ"مجلس المبعوثان (البرلمان)" العثماني نائباً عن إزمير. وعبر في صحيفة "يني غون" عن دعمه لحركة الكفاح الوطني.

بعد يوم واحد من احتلال إسطنبول في 16 مارس/ أذار 1920، أغلق الإنجليز صحيفته واضطر للذهاب إلى الأناضول.

- فكرة تأسيس وكالة الأناضول

خلال فترة الكفاح الوطني ظهرت الحاجة إلى مؤسسة تتولى مهمة الترويج في أنقرة والتعريف بالقضية الوطنية في الداخل والخارج وتسرع من تدفق الأخبار والمعلومات.

وكانت وكالة الأناضول هي بالضبط المؤسسة التي ستوفر ذلك. ولدت فكرة تأسيس الوكالة وفكرة الاسم أثناء حوار دار بين يونس نادي وخالدة أديب أديوار في محطة القطار أثناء سفرهما من إسطنبول إلى أنقرة.

ويقول يونس نادي إن مصطفى كمال أتاتورك أعجب بفكرة تأسيس الوكالة وفكرة الاسم، وفي مساء 4 أبريل أمر بالبدء على الفور في أعمال تأسيس الوكالة.

ويضيف أن أتاتورك طلب الإطلاع على الأخبار والمقالات التي ستنشر خلال الأيام الأولى حتى لا تتعارض مع السياسة التي تنتهجها الدولة وقتها.

وطبقاً للقرار المتخذ تم الإعلان عن تأسيس الوكالة في كل أرجاء البلاد. وتقرر أن يقوم يونس نادي وخالدة أديب بتجميع الأخبار المحلية والأجنبية الرسمية وغير الرسمية وترسل بالتلغراف مرتين يومياً.

وبعد ذلك انضم على رضا أفندي النائب في المجلس عن ولاية إسطنبول إلى يونس نادي وخالدة أديب.

وكان أول مهمة للعاملين في الوكالة هي ترجمة المواد التي تهم تركيا بالصحف الأجنبية وفرز التلغرافات الخاصة بوكالة الاناضول وصحيفة "حاكميتي ملية" (سيادة الشعب) من بين التلغرافات التي كان يحضرها حياتي بك الكاتب الخاص بمصطفى كمال باشا، والمساعدة في الخطابات التي يكتبها مصطفى كمال باشا، وبحث إمكانية إحضار الصحف الأجنبية من إسطنبول إلى أنقرة.

أسست الوكالة رسميا في 6 أبريل/نيسان 1920. وحتى تاريخ 23 أبريل عندما اجتمع مجلس الامة التركي (البرلمان) كثفت الوكالة أعمالها وركزت على تحذير الرأي العام التركي من الأخبار الكاذبة والمضللة في الداخل والخارج، وإعلان القرارات المتخذة في سبيل الاستقلال.

كان يونس نادي من أحد مؤسسي وكالة الأناضول وصاحب الفكرة وتولى القيام بأولى أعمال الوكالة، ومن جهة أخرى أصدر جريدته "يني غون" اعتبارا من 10 أغسطس/ آب 1920 واستمر في دعم الكفاح الوطني في الأناضول.

شارك يونس نادي في الوفد الذي مثل الحكومة الوطنية في مؤتمر لندن الذي عقد بناء على دعوة من قوات الحلفاء عام 1921.

- أول ريبورتاج مع مصطفى كمال 

كان يونس نادي هو الشخص الذي قرأ بيان التعديل الدستوري الذي أعلن تأسيس الجمهورية في 29 أكتوبر/تشرين أول 1923، بصفته رئيس لجنة التعديلات الدستورية.

وعقب إعلان الجمهورية ذهب يونس نادي إلى إسطنبول وبدأ في إصدار صحيفة "جمهورية" كذراع إعلامي يدافع عن الجمهورية والثورة، وظهرت الجريدة بدمج صحيفتي "يني غون" و"حاكميتي مليت"، بناء على اقتراح من مصطفى كمال.

وفي العدد الأول من الجريدة الصادر في 7 مايو/ أيار 1924 أجرى يونس نادي حواراً صحفياً مع مصطفى كمال حول الكفاح الوطني وحرب الاستقلال.

وتوفي يونس نادي في 28 يونيو/ حزيران 1945، في جنيف، حيث كان يتلقى العلاج بسبب مرضه. ودفن بمقابر الشهداء في أدرنه قابي بإسطنبول.