السياسة, الدول العربية

أسباب سيادية وراء رفض تونس مقترح "الناتو" دعم "مشروط" للجيش

بعد رفض تونس مقترحا من حلف شمال الأطلسي "ناتو"، يتعلق بهبة مالية مشروطة لدعم استحداث مركز عمليات للجيوش الثلاثة في البلاد، علّق خبراء بالقول إن الخطوة التونسية طبيعية لأن مقترح الحلف يعتبر تدخلا بالسيادة الوطنية، وهو ما ترفضه البلاد

19.02.2018 - محدث : 19.02.2018
أسباب سيادية وراء رفض تونس مقترح "الناتو" دعم  "مشروط" للجيش

Tunisia
تونس/يامنة سالمي/الأناضول

رأى خبراء ومحللون سياسيون تونسيون، أن رفض بلادهم مقترح حلف شمال الأطلسي "ناتو" المتعلق بدعم استحداث مركز لتأمين الحدود ومكافحة الإرهاب الخاص بالجيش التونسي، يعود لأسباب تتعلق بالسيادة الوطنية.

الخبراء قالوا في أحاديث منفصلة للأناضول، إن رفض المقترح أمر طبيعي لأن المركز المنوي استحداثه يعود للجيش التونسي.

والاثنين، أعلنت وزارة الدفاع التونسية رفضها مقترحا لـ"ناتو" يتمثل في حصول تونس على هبة بـ3 ملايين يورو.

هذه الهبة سيدفعها الحلف مقابل موافقتها على الحصول على مساعدة خبراء دائمين، في مركز عمليات للجيوش التونسية الثلاثة تعتزم تونس استحداثه.

وتعمل وزارة الدفاع على إنجاز مركز مشترك بين جيوش البلاد الثلاثة للتخطيط وقيادة العمليات، ولتحليل المعلومات، وإعداد المخططات، وقيادة العمليات المشتركة بين جيوش البر والبحر والطيران، في مجال أمن الحدود وتأمين الشريط الساحلي ومحاربة الإرهاب.

**مسألة سيادية

ويرى الجنرال السابق في الجيش التونسي أحمد شوبير، أن "المؤسسة العسكرية في مسائل التعاون تحافظ دائما على سيادة البلاد، ولا تتنازل قيد أنملة على كل ما يمس بها".

وقال شوبير للأناضول، إن التعاون مع المؤسسة العسكرية يكون متوازنا دون تنازل في أي مجال من المجالات.

وأضاف: "(..) كل دولة تحترم نفسها وسيادتها وتعتز باستقلالها يجب أن تتخذ هذا الموقف (الرفض)".

ويضيف شوبير "نحن في المؤسسة العسكرية لا نقبل المساعدات أو الهبات بشروط مسبقة، هناك دائما تعاون يجب أن يكون صادقا ومتوازنا".

ويتابع الجنرال السابق في الجيش التونسي قائلا: "تعاوننا مع كل الدول في المجال العسكري كان دائما متكافئا".

** مساعدات مشروطة

من جانبه، قال العميد السابق في الجيش التونسي، مختار بن نصر، إن "حلف شمال الأطلسي عادة ما يقرن (يربط) المساعدات المالية أو الفنية أو العسكرية ببعض الشروط".

وأضاف للأناضول أن "الناتو يسعى لوضع خبراء عسكريين دائمين ضمن هذا المركز، مع العلم أنه خاص بالجيوش التونسية الثلاثة:.

واعتبر بن نصر ان هذه "مسألة سيادية تخص العمليات العسكرية، لأن كل من سيوجد بالمركز سيطلع على كل الأسرار والمعلومات والمخططات الحاضرة والمستقبلية".

وأشار إلى أن "تونس ترفض مثل هذه المقترحات من منطلق الحفاظ على سيادتها واستقلالية قرارها".

وأوضح أن بلاده "لم تقبل في السابق أي طلب يمس بالسيادة الوطنية".

ورأى أنه "في حال لم تتحصل تونس على الهبة المقترحة، يمكنها أن تعوّل على إمكانياتها الذاتية لإنجاز المركز، وترفض أن تكون فيه أطراف دولية، سواء وقتية أو دائمة".

وشدد بن نصر على أن "الموضوع حساس جدا وسيادي يهم جيشنا وأمنه وسلامة المعلومات".

واستبعد أن "يكون لهذا العرض (مقترح الناتو) علاقة بالتنسيق الدولي في الحرب على الإرهاب، لأن ذلك يتم ضمن استراتيجية دولية".

وقال أيضا: "إن تونس تتبادل المعلومات مع أحلاف معينة، وفق القانون، وفي إطار الشفافية واحترام السيادة الوطنية".

**محاولة ثانية

وتعليقا على رفض الدفاع التونسية المقترح، قال المحلل السياسي التونسي، عبدالله العبيدي، إن "تونس كانت دائما حريصة على سيادتها".

وعبّر في تصريح للأناضول، عن شكره موقف وزير الدفاع، قائلا: "هو موقف دولة وحكومة كاملة، ولا يمكن إلا أن أسجل باستحسان ورضا مثل هذه المواقف".

واستدرك: "لكن لا أعتقد أن تونس لها القدرة على رفض أي طلب للحلف، لأنها ليس لها من الموارد والثقل والحجم ما يسمح لها بالاستقلال برأيها".

وأوضح العبيدي: "في الآونة الأخيرة اختلطت الأوراق في المنطقة، وتونس ليس لها من الحجم ما يسمح لها بالدفاع على كيانها وترابها، أمام الهزات التي عرفتها مؤخرا".

واعتبر أن تونس "فقدت الكثير من أسباب المناعة والحصانة سواء الأمنية أو العسكرية"، بسبب هذه الهزات الممثلة بالأحداث التي أعقبت ثورة البلاد نهاية 2010.

وأشار العبيدي إلى أن "حلف شمال الأطلسي عندما يقترح فذلك يكون إملاء وليس اقتراحا، لأن هناك علاقات اقتصادية وتجارية مع الدول الممثلة داخل الحلف".

ومضى في ذات السياق قائلا "تونس تأخذ كل شيء من الناتو، لأنها لا تصنع الأسلحة".

وعن الأسباب التي دفعت الناتو لتقديم هذا المقترح، رأى العبيدي أنها "ربما تعود للرغبة في التوقي من شرور الهجرة غير المنظمة والإرهاب، وإلى بعض المسائل الاقتصادية".

ولم يستبعد العبيدي أن يعيد الناتو الكرّة بعرض المقترح من جديد، "ولن يكتفوا لأن لهم أوراقا سيساومون بها، للوصول للنتيجة التي يريدونها".

وما تزال تونس تواجه تهديدات إرهابية على مستوى الحدود الغربية مع الجزائر والشرقية مع ليبيا.

وتمكن الجيش التونسي في 2017، من تنفيذ نحو ألف عملية عسكرية بالمناطق المشبوهة بمختلف ولايات البلاد.

وأدت هذه العمليات للقضاء على 5 عناصر إرهابية، وكشف 28 مخبأ، وتحطيم وإبطال مفعول أكثر من 100 لغم، وحجز تجهيزات وأغراض مختلفة، حسب الدفاع التونسية.

وتشهد تونس، منذ مايو/ أيار 2011، أعمالا إرهابية تصاعدت منذ 2013 وراح ضحيتها عشرات الأمنيين والعسكريين والسياح الأجانب. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın