دولي

نظرية "الردع" الإسرائيلية في خطر (تحليل)

Abdel Ra'ouf Daoud Abdel Ra'uof Arnaout  | 12.02.2018 - محدث : 13.02.2018
نظرية "الردع" الإسرائيلية في خطر (تحليل)

Quds

القدس/عبد الرؤوف أرناؤوط/الأناضول -

على نحو غير معتاد، وعلى مدى عدة ساعات، انشغل مكتب المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، مساء السبت، في توزيع صور فوتوغرافية وأشرطة فيديو، لحادثة إسقاط طائرة إيرانية بدون طيار، قال إنها اخترقت الأجواء الإسرائيلية في ساعة مبكرة من صباح السبت.

وعلى نحو فريد أيضا، تم نشر شريط الفيديو باللغات العبرية والإنجليزية والعربية، ويظهر إشارة الاستهداف، على الطائرة بدون طيار، قبل إطلاق النار عليها وتدميرها من قبل مروحية "أباتشي".

ولم يكتف الجيش الإسرائيلي بذلك، إذ تعمد ارسال صور فوتوغرافية، لوسائل الإعلام بما فيها وكالة الأناضول، لبقايا الطائرة بدون طيار، التي نفت إيران أي علاقة بها.

لكن كل ذلك، لم ينجح في صرف الأنظار والاهتمام-بما في ذلك داخل إسرائيل- عن حادثة إسقاط الطائرة الإسرائيلية المقاتلة (اف 16)، أميركية الصنع، التي سقطت بنيران سورية، دون أن ينشر الجيش الإسرائيلي أي صور عنها رغم سقوطها في أراض إسرائيلية.

وعلى ما يبدو، فإن إسرائيل تخشى من أن يؤثر هذا الحادث على "نظرية الردع"، التي تتبناها منذ تأسيسها، والقائمة على إقناع كافة دول المنطقة، بتفوقها الكبير، عسكريا عليهم، وإكسابها "هيبة"، تمنع أعداءها من مهاجمتها.

وبحسب مراقبين، فإن إسرائيل، تطلق على هذه النظرية "كيَّ الوعي"
، وتهدف إلى إثار الخوف في نفوس كل من يفكر في قتالها.

وتعتمد هذه النظرية على بناء قوة عسكرية تبقيها متفوقة على جميع دول المنطقة.

ومنذ عشرات السنوات، ساعدت الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوربية، إسرائيل في هذا الجانب، حيث دعمتها بأسلحة حديثة متطورة، وامتنعت عن تزويدها لدول أخرى في المنطقة، بما في ذلك حلفائها.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية أسقطت إسرائيل عدة طائرات بدون طيار، أُطلقت من لبنان ومن غزة، ولكن إسقاط طائرة مقاتلة إسرائيلية هو أمر نادر.

وتقول صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، إن هذه هي المرة الأولى منذ الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 1982 التي يتم فيها اسقاط طائرة مقاتلة إسرائيلية.

ولفتت إلى أن الطائرة التي تم إسقاطها في العام 1982 كانت من طراز "فانتوم" ما أدى إلى مقتل قائدها وأسر مساعده.

وقالت أحرونوت أمس الأحد:" وقع الحادث يوم السبت، 24 يوليو/ تموز 1982، بعد نحو شهر ونصف من أول وقف لإطلاق النار في حرب لبنان، في ذلك اليوم خرجت الطائرة لمهاجمة بطاريات صواريخ SA-8، التي كان السوريون قد أدخلوها إلى وادي البقاع في اليوم السابق".

وأضافت:" أقلعت طائرات الهجوم الأولى إلى لبنان ودمرت ثلاث بطاريات، وعندها طلب قائد الطائرة الحصول على تصريح استثنائي بالتوغل لمسافة بضعة كيلومترات في منطقة الدفاع الصاروخي، من أجل تحديد موقع بطاريات الصواريخ وتدميره، وفي مناورة معقدة، دخلت طائرة الفانتوم إلى منطقة الدفاع الصاروخي، وأصيبت خلال مغادرتها لها بصواريخ SA-6 السورية".

وأشارت إلى قائد الطيارة قتل، وأسر مساعده في دمشق لمدة عامين، وأعيد إلى إسرائيل في صفقة لتبادل الأسرى، شملت خمسة جنود ومدنيين أسرهم جنود سوريون، وخمس جثث جنود مقابل 291 جنديا سوريا أسروا في الحرب، و21 مدنيا كانوا معتقلين في إسرائيل و73 جثة من الجنود السوريين".

ويرى اللواء المتقاعد، واصف عريقات، المحلل الاستراتيجي والعسكري، إن ابراز إسرائيل اسقاط الطائرة بدون طيار، وتجاهل سقوط المقاتلة بنيران سورية له علاقة بنظرية "الردع" الإسرائيلية.

وقال اللواء عريقات في حديث لوكالة الأناضول:" إسرائيل تتفاخر دائما بما تسميه قوة الردع ودائما تتحدث عن التفوق النوعي لسلاح الجو الإسرائيلي وأن طائراتها تصل إلى أي مكان تريده دون عواقب، وبالتالي فإن من الواضح أنه عندما تكون إسرائيل ضعيفة ومهزومة فإن هذا يجعل تهديداتها فارغة المضمون".

وأضاف:" إسقاط طائرة مقاتلة من طراز (اف 16) يُفقد إسرائيل قوة الردع، وهذا من شأنه أن يؤثر على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، فإسرائيل تتوحد عندما تحقق إنجازات أما في حال بروز أي ضعف فإنه يسبب التفسخ الداخلي".

ورأى اللواء عريقات أن اسقاط طائرة مقاتلة من طراز (اف 16) هو حدث كبير سيما وأنه تم اسقاطها باستخدام صاروخ قديم نوعا ما.

وقال:" الطائرة التي تم اسقاطها هي طائرة (اف 16) مُعدلة ومواصفاتها عالية وتقنيتها عالية جدا، وبالتالي فإن إسقاطها باستخدام صاروخ متواضع من نوع (سام 5) او (س 200) وهو سوري قديم، فهذا يعني أن المعادلة قد اختلت ولا قدرة على اقناع الجبهة الداخلية في إسرائيل أن قوة الردع الإسرائيلية كما كانت عليه في السابق".

وأضاف اللواء عريقات:" بمعنى أن نقطة الخلل هي ليس في اسقاط الطائرة وإنما فيمن أسقط الطائرة؟ وكيف أُسقطت؟ وما حدث بعد سقوط الطائرة؟ حيث يتم الحديث عن غرفة عمليات لحلفاء سوريا".

ويقول الموقع الإلكتروني لسلاح الجو الإسرائيلي إن المقاتلات من طراز (اف 16)، أمريكية الصنع، دخلت المجال الجوي الإسرائيلي في العام 2004.

ويشير إلى أن المقاتلة تم تطويرها من قبل الصناعات الدفاعية الإسرائيلية وفقا لمواصفات الجيش الإسرائيلي وباتت تحمل لقب "سوفا".

ولفت إلى أن التحسينات شملت زيادة كمية الوقود الداخلي في الطائرة بنسبة 50% لإطالة أمد طيران الطائرة وقدرتها على البقاء في الجو.

وقال سلاح الجو الإسرائيلي إن التحسينات شملت أيضا إضافة "رادار قادر على رصد الأهداف الأرضية ليلا ونهارا في أي نوع من الطقس، حيث يعمل الرادار على تحسين أداء تتبع الهدف ويسمح بالاستهداف التلقائي بدلا من الاستخدام اليدوي ".

وأضاف إن التحسينات شملت كذلك "خوذة نظام يرتديها الطيارين وتعرض بيانات ارتفاع وسرعة الطائرة وتُمكّن إطلاق الأسلحة على هدف العدو باستخدام البصر فقط".

وتابع سلاح الجو الإسرائيلي إن التحسينات في المقاتلة تجعلها أيضا على اتصال بالأقمار الصناعية الإسرائيلية.

واستنادا إلى صحيفة "يديعوت احرونوت"، فإن إسرائيل تملك 300 طائرة مقاتلة من هذا النوع.

ورأى اللواء عريقات أن اسقاط الطائرة المقاتلة الإسرائيلية لا يعني بالضرورة ردع إسرائيل عن الذهاب إلى حرب.

وقال:" سياسيا أنت تتحدث عن قيادة يمينية متطرفة بقيادة نتنياهو ووزير الدفاع افيغدور ليبرمان قامت بمغامرات في الماضي وقد تقوم بمغامرات إضافية".

وأضاف:" إسرائيل تقول الآن إنها لا تريد التصعيد وذلك لأنها ضعيفة، ولكن إذا ما شعرت بالقوة فإنها ستذهب إلى التصعيد".

ومؤخرا، بدأت إسرائيل باستلام العشرات من الطائرات المقاتلة من طراز (اف 35)، أمريكية الصنع، التي لا تمتلكها أي دولة في المنطقة.

وردا على سؤال إن كانت مقاتلات (اف 35) ستعوض الخلل في مقاتلات(اف 16) رد اللواء عريقات باستفسار:" وماذا إذا تم اسقاط هذه الطائرة أيضا؟ فلا تنسى أن منظومة الدفاع في سوريا ليست سورية فقط وانما هي منظومة دفاع سورية-روسي-ايرانية".

وأضاف اللواء عريقات:" المسألة ليست فقط امتلاك الوسيلة وإنما امتلاك القرار: إن قرار إسقاط طائرة مقاتلة هو قرار غير عادي فهو سياسي استراتيجي على أعلى مستوى".

وفي هذا الصدد، كتب المحلل العسكري اليكس فيشمان في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يقول:" إسقاط طائرة (اف 16)من قبل الصواريخ السورية المضادة للطائرات ذوبّ الإنجاز السياسي-الرادع الذي كان من المفترض أن تحققه إسرائيل أمام السوريين، وبشكل خاص أمام الإيرانيين".

وأضاف فيشمان:" بدلا من أن يُجبر مثل هذا الحدث ونطاقه، الإيرانيين على التفكير بمستقبلهم في المنطقة، فقد عزز شعورهم بأنه يمكنهم تجاهل التهديدات الإسرائيلية وإدخال إسرائيل في مأزق".

وبدوره، كتب الجنرال احتياط عاموس يدلين، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) في "يديعوت أحرونوت" إنه يجب "إجراء تحقيق حول سقوط طائرة.

وأضاف:" إن سقوط الطائرة المتقدمة لا يغير التوازن الاستراتيجي، وفي كل معركة هناك عدم يقين ومفاجآت وأخطاء لها ثمن، ومع ذلك، من الضروري أن نفهم كيف تم إسقاط طائرة مع قدرات متقدمة بواسطة صاروخ من طراز قديم جدا".

بدوره، قال موقع Aviation Analysis Wing الأمريكي المتخصص في تحليل القوة العسكرية للطيران الحربي، إن هذه الواقعة تشكل ضربةً قوية لسيادة إسرائيل الجوية في المنطقة.

وأضاف الموقع:" استهداف واحدة من أكثر الطائرات المقاتلة من الجيل الرابع تقدماً، يمكن أن يؤثر تأثيراً خطيراً في قدرات إسرائيل الجوية الهجومية في حالة الحرب مع إيران".

وتابع:" هذه المضادات الأرضية السورية رغم قدمها وتهالكها، فإنها تمكنت من إسقاط طائرة مقاتلة من هذا النوع، الذي يعد من أشهر أنواع الطائرات الحربية في العالم".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.