المرجع الشيعي فضل الله : المستقبل للمعتدلين وليس للمتطرفين
قال للأناضول غن علاج الأزمات التي تعيشها الأمة الإسلامية يكون باجتماع الدول الأساسية كالسعودية وتركيا وإيران ومصر

Beyrut
بيروت / حمزة تكين / الأناضول
دعا المرجع الشيعي اللبناني، علي فضل الله، المسلمين الى العمل من أجل تصحيح "الصورة المشوهة" عن الإسلام، الناتجة عن القتل والتدمير تحت عناوين إسلامية، مشددا أنه على المرجعيات الدينية الواعية تخاذ موقف من الظلم الواقع هنا أو هناك.
ورأى أن علاج الأزمات التي تعيشها الأمة الإسلامية يكون "بشكل أساسي" من خلال اجتماع الدول الأساسية كالسعودية وتركيا وإيران ومصر، مشيرا الى أن تقدير المصلحة من عدمها للتدخل الإيراني في المنطقة "يخضع لطبيعة المعطيات والظروف".
وقال فضل الله في مقابلة مع الأناضول أنه "لابد من أن يكون العلاج للمشكلات والأزمات التي تعيشها الأمة الإسلامية، من جانبين، الأول ديني حيث أنه على المرجعيات الدينية الأساسية الفاعلة التحرك وأخذ الدور الأساسي، كي لا تكون هناك مرجعيات من هنا أو هناك تساهم بإصدار فتاوى تثير الأجواء"، مضيفا أنه "على المرجعيات الدينية أن تكون إطفائية في هذه المرحلة".
وشدد أن "الجانب الثاني والأساسي، هو الجانب السياسي، حيث أنه من واجب الدول الأساسية، كالسعودية وتركيا وإيران ومصر، أن تتلاقى وتؤمّن نوعا من التوافق السياسي"، لافتا الى أن "مسؤولية هذه الدول هي أن تلتقي وتعمل على معالجة المشكلات التي تسبب الأزمات، سواء في سوريا أو البحرين أو العراق".
ودعا فضل الله الدول الإسلامية "الى معالجة مشكلاتها وتوتراتها الداخلية، وخاصة الغبن الذي يمكن أن يشعر به مذهب ما، أو دين ما، أو قومية ما..."، مشددا على أن "الحلول المبنية على العنف والضغط والقسوة، لا تعالج المشكلة، بل تأتي بنتائج عكسية".
وذكر حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال "ما وضع الرفق على شيء إلا زانه، وما رفع عن شيء إلا شانه"، داعيا الى العمل بالرفق في معالجة المشكلات والأزمات، وليس بالعنف، الذي أثبتت الأيام أنه لا يؤدي إلا الى عنف سواء في الحاضر أو المستقبل".
وشدد أن "المرحلة باتت تحتاج أكثر، على المستوى الإسلامي، الى عمل من أجل إعادة إنتاج صورة الإسلام التي تشوهت... فتحت عنوان الإسلام يُقتل الرجل والنساء والأطفال، وتُدمّر البلدان"، داعيا المسلمين الى "الإلتقاء من أجل معالجة وتصحيح هذه الصورة".
وتساءل "ماذا يبقى للسنة وماذا يبقى للشيعة إذا ذهبت وتشوهت صورة المنطلق الأساسي، الذي هو الإسلام ؟!"، معربا عن ثقته بأن "المستقبل سيكون للحوار والوسطيين والمعتدلين، وليس لأولئك الذين يثيرون أجواء العنف والتطرف".
ورأى فضل الله أن الصراع القائم في منطقة الشرق الأوسط "هو صراع سياسي وصراع نفوذ، ولكنه يأخذ أحيانا طابعا مذهبيا أو دينيا"، مشيرا الى أن إستخدام الأمور الدينية والمذهبية "تكون أكثر تأثيرا وفعالية، وغالبا ما يثور الناس للشأن الديني أكثر من أي شيء آخر".
وأضاف "لابد أن نضع الصراع الحاصل في الإطار السياسي، ولابد أن نسعى كي لا يُستثمر الجانب الديني أو المذهبي في الحسابات السياسية، كما هو حاصل بشكل كبير".
وحمّل فضل الله علماء الدين والمثقفين والواعين، مسؤولية "العمل على منع مثل هذا الاستثمار، وإبقاء الأمور في إطار الصراع السياسي والنفوذ والمصالح".
وأضاف أن "تحويل الأمر الى فتنة مذهبية أو طائفية، ستُبقي آثارا مذهبية قد تستمر لزمن طويل، حتى لو انتهى الصراع السياسي، ليتم استحضارها في كل مرحلة، كما نستحضر اليوم ما جرى في التاريخ".
وأوضح فضل الله أن "المشاعر الدينية التي تُثار تحفّز الكثير من الشباب على الانخراط في الصراعات أو الانخراط مع هذا الفريق أو ذاك"، داعيا الى "ضرورة العمل على حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، التي تسبب الأزمات وتجعل البعض ينخرط في الإرهاب".
وحول موقف المرجعيات الدينية من التنظيمات الإرهابية، التي ترفع شعارات الإسلام السنية أو الشيعية، شدد فضل الله على أن "من يمتلك القيم الدينية، لا يمكن أن يقبل بأي ظلم، سواء صدر من هذه الجهة أو تلك".
وأشار أن "على المرجعيات الدينية الواعية التي تنطلق من قيم الإسلام ـ الواحدة بين السنة والشيعة ـ دون المرجعيات الدينية التي تمثل جهات سياسية تابعة لها، إتخاذ موقف من الظلم".
وحول الدور الإيراني في المنطقة، لفت فضل الله الى أن طهران "تنفتح على الجميع، على الشيعة والسنة، وعلى المسيحيين، وتسعى لأن يكون لها موقع كأي دولة كبرى في المنطقة تسعى لأن يكون لها علاقات ونفوذ"، مضيفا أن "موضوع تقدير المصلحة من عدمها لهذا التدخل، يخضع لطبيعة المعطيات والظروف".
ورأى أن هذا السعي "أمر طبيعي في إطار العمل السياسي، قد تقوم به أي دولة أخرى".
وتطرق فضل الله، لقضية ولاية الفقيه، مشيرا الى أنها "قضية لا يتفق عليها الشيعة كمرجعيات دينية، وبالتالي لا يلتزم بها أغلب علماء الشيعة، وهذا موجود في العراق وحتى في إيران"، مضيفا أنها "قضية فقهية قد يأخذ بها البعض وقد لا يأخذ بها آخرون... وبالحسابات العددية، فإن الأكثرية (من الشيعة) لا يأخذون بها".
وأضاف "يبقى السؤال : هل ولاية الفقيه تسعى لأن تفرض قراراتها دون أن ترعى مصالح الشعوب التي تتوجه إليها ؟"، مشددا أنه على "الولي الفقيه أن يكون حكيما، وأن لا يسيء لمصالح الشعوب الأخرى أو يشكل مشكلة لها".
وحول الخلاف بين المملكة العربية السعودية وإيران، عبر فضل الله عن أمله أن "لا يستمر، لأنه تدمير لإيران والسعودية ولكل الواقع العربي والإسلامي"، معربا عن ثقته بأن "هذا الخلاف لن يستمر، فالكل بات يعي أن المرحلة تحتاج لتضميد الجراح".
وتابع "نحن نسمع من المسؤولين الإيرانيين أن أياديهم ممدودة (للسعودية)"، آملا أن "يتحول هذا الأمر الى مشروع عملي وتلاقي الأيدي".
وأضاف أن "الجميع بدأ يشعر بالأزمات المترتبة على ذلك (خلاف السعودية وإيران)، من الناحية الاقتصادية وغيرها، وليس فقط سياسيا ومذهبيا... فهناك تدمير يجب أن يتوقف سريعا رأفة بالمصالح، إذا لم نرد أن نفكر بالجانب الإسلامي، الذي من المفترض أن يكون هو الهاجس، كون الكل ينطلق من القاعدة الإسلامية التي تدعو للصلح، والصلح خير".
تجدر الإشارة، إلى أن العلاقات السعودية الإيرانية، تشهد حاليًا، توتراً وصل لدرجة قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما، على خلفية اعتداء إيرانيين، على الممثليات الدبلوماسية للرياض، في طهران ومدينة "مشهد" الإيرانية، احتجاجا، على إعدام السلطات السعودية، لرجل الدين "نمر باقر النمر" (شيعي سعودي)، ضمن 47 مدانا بـ"الإرهاب".
وفي الشأن اللبناني الداخلي، لفت فضل الله الى أن "الأمور تتجه نحو الاستقرار، بالرغم من أنه استقرار مبني على قواعد غير متينة"، مضيفا أن "التلاقي الذي يحصل، سواء على مستوى الحوار الوطني، أو الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، يساهم في تبريد الأجواء وتخفيف الاحتقان على الأقل بالشكل العام، بالرغم من أن الواقع يحتاج أكثر من ذلك".
وتابع أن الجو العام الموجود في لبنان "هو جو تهدئة، ولكن لا يمكننا أن نخفي أن النار موجودة تحت الرماد"، لافتا الى "وجود قرار إقليمي ودولي، الى جانب إرادة داخلية، بتبريد الساحة اللبنانية".
وأبدى فضل الله خشيته من "أي توتر نفسي أو أي تجييش داخلي، أو خارجي، حيث أن الأجواء الخارجية تسبب أيضا إحتقانا (في الساحة اللبنانية)"، داعيا الى "العمل من أجل تفادي انعكاس ما يجير في الخارج على الداخل اللبناني". الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.