طائر الفلامنجو النادر مهدد في أهوار العراق
هناك من يصطادونه لبيعه لمن يقتنونه كزينة في منازلهم أو يذبحونه لتناول لحمه وهو ما يخالف التزامات العراق الدولية
Iraq
بغداد/ مؤيد الطرفي/ الأناضول
تتصاعد التحذيرات في العراق من اتساع ظاهرة الصيد الجائر لطيور نادرة، ولا سيما طائر الفلامنجو، في المسطحات المائية المعروفة باسم الأهوار، والمنتشرة على مساحات شاسعة في ثلاث محافظات جنوبي البلد.
فعلى نطاق واسع، وخلال الأسبيع القليلة الماضية، تداول نشطاء صورا على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر صيادين وهم يعرضون طيور فلامنجو للبيع في سوق شعبي جنوب العراق، لكن أكثر ما أثار الصدمة هي صور لباعة يعرضون لحم الطائر للبيع بعد ذبحه.
والفلامنجو، أو "النحام"، هو طائر كبير الحجم، يمتلك رقبة طويلة، وساقين طويلتين، ويتميز باللون الوردي المائل للحمرة، ما يجعله من أجمل الطيور في العالم.
صيد جائر
محسن الناصري، وهو من سكان الأهوار، قال إن "ظاهرة الصيد الجائر اتسعت خلال فصل الشتاء؛ نظرا لأنه موسم استقرار العديد من أنواع الطيور النادرة في أهوار العراق خلال موسم الهجرة".
الناصري تابع، في حديث للأناضول، أن "الصيادين يصطادون الطيور بمختلف أنواعها، ومنها النادرة، مثل طائر الفلامنجو، بغرض التجارة، لكن البعض الآخر يصطادها لمجرد التسلية فقط".
وعن سعر بيع طائر الفلامنجو، أوضح المواطن العراقي أن "الصيادين يبيعون الطائر بثمن يتراوح بين 15 و25 دولارا.. البعض يقتنيه كزينة في المنازل، وآخرون، وهم القلة، يأكلون لحم الفلامنجو".
بحثا عن الدفء
والأهوار عبارة عن مسطحات مائية تغطي الأراضي المنخفضة في جنوبي السهل الرسوبي العراقي، وهي أكبر نظام بيئي من نوعه في الشرق الأوسط وغربي آسيا.
هذا المستنقع المائي الشاسع تبلغ مساحته قرابة 16 ألف كيلومتر مربع، وهو ممتد بين ثلاث محافظات جنوبية، هي: ميسان، ذي قار، والبصرة.
وبحثا عن الدفء خلال الشتاء، تلجأ إلى الأهوار الكثير من الطيور المهاجرة، وبينها أنوار نادرة ومهددة بالانقراض، مثل الفلامنجو، الذي يأتي مهاجرا في أسراب صغيرة من مناطق عديدة من العالم، حيث يضع بيضه ويفرخ في الأهوار.
ورغم أن القانون العراقي يحظر الصيد الجائر، ويفرض عقوبات على المخالفين، إلا أن الصيادين يجاهرون بنشر صورهم وهم يحملون صيدهم من الفلامنجو.
السجن 3 سنوات
مدير دائرة البيئة (حكومية) في محافظة ذي قار، محسن عزيز، قال إن "عقوبة الصيد الجائر هي السجن لمدة ثلاث سنوات، لكن لا بد من تشديد الرقابة في الأهوار لوضع حد للصيد الجائر".
عزيز، وفي تصريح للأناضول، أضاف أن "دائرة بيئة ذي قار تتابع كل حالات الصيد الجائر في أهوار المحافظة، بالتنسيق مع قيادة الشرطة، خاصة بعد ورود معلومات عن اصطياد طيور نادرة.. بعض ضعاف النفوس اصطادوا طيورا نادرة في الأهوار، لكننا لم نرصد مثل هذه الحالات في ذي قار".
على قائمة التراث
والأهوار واحدة من أكبر وأهم المناطق الرطبة في العالم، ويمتد جذورها إلى حضارة السومريين قبل خمسة آلاف عام قبل الميلاد، ويعتقد البعض أنها الموقع الذي يطلق عليه في العهد القديم اسم "جنات عدن".
هذه المنطقة، بحسب دراسات وبحوث تاريخية وأثرية، هي المكان الذي ظهرت فيه ملامح حضارة السومريين، وهو ما توضحه آثار ونقوش سومرية مكتشفة في الأهوار.
وعامة، يمتهن سكان الأهوار صيد الأسماك، وتربية الجاموس، وهي ملتقى للطيور المهاجرة من أنحاء العالم.
لكن الأهوار، ووفق منتقدين، فقدت الكثير من ملامحها، عندما عمد نظام الرئيس الراحل، صدام حسين، في ثمانينيات القرن الماضي إلى تجفيفها خلال مساعيه لقمع التمرد الشيعي في جنوبي العراق.
كما تواجه الحياة الطبيعية في الأهوار خطر الجفاف؛ بسبب انخفاض منسوب المياه في الأنهار، التي تشكل المصدر الرئيسي للمياه في المنطقة.
وفي يوليو/ تموز الماضي، أدرجت لجنة التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) الأهوار ضمن لائحة التراث العالمي، قائلة إنها منطقة "فريدة من نوعها، باعتبارها واحدة من أكبر المسطحات المائية الداخلية في العالم في بيئة جافة وشديدة الحرارة".
وعلى الأهوار يعول العراق آمالا في جذب سياح إلى البلد، الذي نادرا، ولأسباب أمنية، ما يكون وجهة سياحية رغم ثروته الآثرية والطبيعية.
الفلامنجو في البرلمان
لكن غياب الرقابة الحكومية على الأهوار، بحسب تحذيرات مختصين، يهدد بفقدان المنطقة المزيد من ملامحها الطبيعية المميزة.
ووفق عضو لجنة الزراعة والمياه والأهوار في مجلس النواب (البرلمان) العراقي، علي الصافي، فإن "اللجنة ستناقش موضوع صيد الطيور في الأهوار فور انتهاء عطلة البرلمان الأسبوع المقبل".
الصافي مضى قائلا، في تصريح للأناضول: "سمعنا عن الصيد الجائر في أهوار العراق واصطياد بعض الطيور النادرة، مثل الفلامنجو؛ ولذا ستعقد اللجنة اجتماعا لها بعد عطلة مجلس النواب لبحث الأمر".
النائب العراقي تابع أن "اللجنة ستصدر توصية الى الجهات التنفيذية بتشديد العقوبات على من يصطادون هذه الطيور، مع تشديد الرقابة الأمنية على الأهوار الجنوبية".
ويوم الأربعاء الماضي، شارك العشرات من العراقيين في وقفة أمام مبنى الحكومة المحلية لمحافظة ميسان، احتجاجا على الصيد الجائر لطيور الفلامنجو التي تتوافد على العراق أسرابا في الشتاء، داعين السلطات إلى وضع حد لهذه الظائرة.
وكانت وزارة الموارد المائية العراقية، أعلنت يوم 26 يناير/ كانون ثان الماضي، أن صيد طيور الفلامنجو المهاجرة مخالف لالتزامات العراق الدولية، ودعت السلطات المحلية في البصرة وذي قار وميسان إلى تحمل مسؤولية الحفاظ على التنوع البيئي، عبر استنكار هذه الممارسة، واتخاذ الإجراءات الهادفة إلى وقفها، إضافة إلى المشاركة في حملة توعية.