الثقافة والفن

مفكر مغربي: ما يخيف الفكر التقليدي هو دراسة الدين بالمناهج والأدوات الحديثة

عبده الفيلالي الأنصاري يرى أن العقبة الكبرى الكأداء أمام المسلمين، هي إعادة إنتاج خطاب معين بشكل آلي ضد إرادة المجتمعات

Hasan Mekki  | 11.12.2016 - محدث : 11.12.2016
مفكر مغربي: ما يخيف الفكر التقليدي هو دراسة الدين بالمناهج والأدوات الحديثة

Istanbul

الرباط / أماني فرحات/ الأناضول

اعتبر المفكر المغربي عبده الفيلالي الأنصاري أن ما يخيف الفكر التقليدي هو دراسة الدين بالمناهج والأدوات الحديثة، والاحتراس من فكرة المعرفة في المجال الديني، مع العلم أن الخطاب العقلاني يدعم الخطاب الديني الساعي لتأسيس مجتمع حداثي.

جاء ذلك في محاضرة القاها الأنصاري مساء اليوم بصالون جدل الثقافي التابع لمؤسسة "مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث" بالعاصمة الرباط (مؤسسة بحثية عربية خاصة، مقرها الرئيسي بالمغرب)، تحت عنوان "كيف نفهم الإسلام اليوم؟".

وشدد على أن العالم يشهد اليوم مدا هائلا من الكتابات والدراسات حول الإسلام، التي تطرح تحديا كبيرا على العلوم الإنسانية والاجتماعية، ويفتح نقاشات ساخنة حول تراث المسلمين، وهويتهم، ووعيهم التاريخي.

وأشار إلى أنه لن يتناول موضوع الإسلام من جانب معياري، ولن يقدم نصائح أو توجيهات ووصفات لفهم الدين، لأنه ليس رجل دين ولا واعظ، ولكن بما أنه باحث ومطلع على أحدث ما نشر وينشر حول الإسلام، فإنه فضل تقديم قراءة في الأعمال العلمية الصادرة حديثا، والتي تتناول تاريخ المسلمين من زوايا جديدة.

وأول الكتب التي تناولها الأنصاري، واعتمد عليها في محاضرته بشكل كبير، هو كتاب "ما الإسلام؟" للعالم الباكستاني الراحل أحمد شهاب (1966-2015)، الصادر عن "جامعة برينستون"، والذي يتناول بالنقد كل الأعمال التي تناولت الإسلام في القرن العشرين، وهو كتاب صدر بعد وفاته (والذي شرعت مؤسسة مؤمنون بلا حدود في ترجمته إلى اللغة العربية)، وأثار الكثير من الجدل وردود الفعل، لأنه تناول الإسلام كظاهرة اجتماعية وصيرورة في التاريخ، وليس كتدين.

وفي هذا الكتاب، يعيد أحمد شهاب، كما يقول الأنصاري، تحقيب التاريخ الإسلامي، حيث يميز بين مرحلتين أساسيتين: مرحلة ما قبل القرن السادس عشر، والتي سادها نوع من العداوة والسجال وعدم الاهتمام بمعرفة الآخربين المسلمين والمسيحيين، ومرحلة ما بعد القرن السادس عشر، التي انطلقت فيها محاولات التعرف على الإسلام والمسلمين بطريقة علمية، وتجاوز الحروب والأزمات، وهي التي تشكل بداية ما يسمى بالاستشراق، والذي تمت مواجهته بأعمال نقدية من أوساط غير مسلمة، من مثل كتابات المفكر الراحل إدوارد سعيد.

وأوضح الأنصاري أن الكتابة عن الإسلام اليوم دخلت مرحلة أخرى تتجاوز مرحلة الاستشراق، يمكن نعتها بمرحلة ما بعد الاستشراق، صار البحث فيها ينصب على جوانب أخرى أنثروبولوجية وسوسيولوجية، تغني المجال البحثي في مسألة الإسلام.

وأكد الأنصاري على أهمية البحوث التي تتناول الإسلام اليوم، والتي أصبحت تركز على نقطتين أساسيتين: مناهج التاريخ وتصورات الذاكرة الجماعية، والعلاقة بين الإيمان الديني والتسلسل التاريخي، واعتبر أن المفكر الإسلامي علي عبد الرازق قد سبق الباحثين المعاصرين بشكل كبير، ووضع أصبعه على نقطة أساسية لدى المسلمين، وهي مسألة القطيعة في تاريخهم، لأنه سبق وأشار إلى أن انقطاع الوحي عن الرسول وموته كانا أهم تحول في الإسلام، وأن ما حدث فيما بعد، هو من اختيار الناس، ولا علاقة له بالدين الإسلامي.

وعن كيفية فهمه هو للإسلام، قال الأنصاري في تصريح للأناضول "إننا نعيش في مناخ من الفوضى المفاهيمية، ولهذا يجب الاحتراس من استعمال الكثير من المفردات، وعلى رأسها مفردة الإسلام التي استغرق العديد من الباحثين في تحديد معانيها، ومن بينهم الباحث التونسي عبد المجيد الشرفي".

وأضاف الأنصاري "للأسف لم نستفد من الفيلسوف الإسلامي ابن رشد، الذي أعطانا درسا كبيرا في هذه الأمور، حينما كان ينتقد علم الكلام، لأنه كان يرى أن ادعاء المعرفة في الإلهيات ونشرها في الجمهور يخلق البلبلة".

وخلص الأنصاري إلى أن العقبة الكبرى الكأداء أمام المسلمين، هي إعادة إنتاج خطاب معين بشكل آلي ضد إرادة المجتمعات.

ويعد عبده الفيلالي الأنصاري، أحد أكبر المفكرين الإنسانيين المتخصصين في العلاقات بين الإسلام والديمقراطية، وأحد المفكرين المتنقلين بين حقول بحث مختلفة كالفلسفة وعلم الاجتماع والتاريخ والدين والحقوق.

وهو مفكر وأكاديمي مغربي، ولد في مكناس- المغرب سنة 1946، تولى عدة مناصب إدارية وثقافية عليا، عمل كأستاذ جامعي في جامعة محمد الخامس بالرباط، ثم مديراً لمؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية بالدار البيضاء، ومديراً لمعهد الدراسات حول حضارات المسلمين بجامعة "آغا خان" في لندن، ومديرا للمجلة المغاربية للكتاب ( Prologues).

له إصدارات مهمة منها: "إصلاح الإسلام"، و"هل الإسلام معادٍ للعلمانية؟"، و"حرصا على الإيضاح .. بخصوص المجتمعات الإسلامية المعاصرة"، كما قام منذ سنوات بترجمة كتاب علي عبد الرازق الشهير "الإسلام وأصول الحكم" إلى اللغة الفرنسية (باريس، 1994).

والراحل أحمد شهاب، كان أستاذا الدراسات الإسلامية ومشــاركا في جـامعـات عـدة، ولد في سنغافورة في 11 كانون الأول (ديسمبر) 1966 لأبوين باكستانيين مهاجرين. نشأ وترعرع في ماليزيا، ولكن أبويه فضّلا أن يدرس في مدرسة داخلية بريطانية، فسافر إلى بريطانيا حيث حصّل تعليمه المدرسي. وحين عاد إلى ماليزيا، حصل على شهادة في القانون من الجامعة الإسلامية العالمية. أتقن الأوردو، والألمانية والفرنسية إلى جانب الإنجليزية، ودرس اللغة العربية ليعمق دراسته للإسلام، فسافر إلى القاهرة، حيث التحق بالجامعة الأميركية، ليحصل على شهادة الماجستير في الدراسات العربية عام 1991. استكمل دراسته العليا في جامعة برينستون، حيث حصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية عام 1999. وبعد الدكتوراه، تقلّد شهاب مناصب تدريسية رفيعة.

بدأ مساره أستاذاً مساعداً للدراسات الإسلامية في الجامعة الأمريكية في القاهرة (1998-2000) ثمّ زميلاً باحثاً في هارفارد (2000-2003)، ثمّ محاضراً زائراً في برينستون (2004-2005) ، وأستاذاً مشاركاً في هارفارد (2005-2015)، وحاضر كذلك زائراً في وطنه الأم، باكستان، في الجامعة الإسلامية العالمية (2007-2008). خلال هذه الرحلة العلمية الرفيعة، حصل أحمد شهاب على العديد من الأوسمة، والزمالات، والجوائز، بالإضافة إلى عدد من الأوراق البحثية المهمة المنشورة في المجلات العلمية المحكمة، كان عمل شهاب الوحيد والأساسي والألمعي هو كتابه "ما الإسلام؟"، والذي لم يقدّر لشهاب أن يراه وقت ظهوره للنور، حيث ظهر بعد ثلاثة أشهر من وفاته.


الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın