الدول العربية

من قلب الموصل.. "داعش" يلقي المرضى خارج المستشفيات

(إفادات للأناضول)

Arif Yusuf  | 03.11.2016 - محدث : 03.11.2016
من قلب الموصل.. "داعش" يلقي المرضى خارج المستشفيات

Ninawa

نينوى(العراق)/ عارف يوسف، أحمد قاسم/ الأناضول-

ما يؤلم سكان الموصل شمالي العراق الذين نجحت "الأناضول" في التواصل مع عدد منهم بصعوبة، أنهم باتوا يصنّفون كمواطنين "درجة ثانية" في مدينتهم بعد أن كانوا وضعوا كوقود في حرب "لاناقة لهم فيها ولا جمل".

يشير السكان إلى أن عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي الذي يسيطر على المدينة منذ صيف عام 2014 يتميزون عنهم بـ"درجات" وخاصة في المشافي التي طرد العديد من المرضى من على أسرتها لكي يحل محلهم جرحى التنظيم ومرضاه وبعضهم من "المهاجرين" أي العناصر الأجنبية.

يقول طبيب في المدينة فضّل تعريف نفسه بـ"سبهان الحداد" خوفا على حياته من بطش "داعش"، إن التنظيم يجبر الكوادر الصحية على تقديم الخدمات اللازمة لجرحاه الذين يسقطون في ميدان القتال مع احتدام المعارك، كما يجبر أغلب المرضى من سكان المدينة على مغادرة المستشفيات بحجج وذرائع مختلفة، لعل أبرزها أنها معرضة لقصف التحالف الدولي، وفق الحداد.

الطبيب ذاته بيّن أن 3 مرضى من كبار السن فارقوا الحياة مؤخراً بعد أن أخرجهم التنظيم من المشفى الجمهوري العام (حكومي)، ولم يتلقوا العناية الصحية اللازمة في منازلهم، مبدياً في الوقت ذاته مخاوفه من أن يتدهور الواقع الصحي في الموصل أكثر ويتسبب بكارثة قد لا يحمد عقباها.

وقال الحداد للأناضول في حديث عبر خدمة "سكايب"، إن "هناك نقصا حادا في محاليل غسل الكلى والأدوية المسعفة للحياة وأدوية الامراض المزمنة كالضغط والسكر".

ووفق الطبيب ذاته، فإن المراكز الصحية الأهلية تخلو من الأدوية وإن وجدت في البعض منها "فإنها تباع بأسعار خيالية قياسا بالإمكانيات المادية لأهالي الموصل الذين لا يمتلك أغلبهم المال اللازم لتأمين لقمة العيش اليومية".

قبل نحو عامين و4 أشهر، كان الموصليون يترقبون مصيرهم عقب اجتياح عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي لمدينتهم، والشهر الجاري، يترقب السكان أنفسهم ماذا سيكون مصيرهم وماذا سيفعل التنظيم بهم بعد أن تمكنت القوات العراقية من دخول المدينة.
ونجحت القوات العراقية الثلاثاء، في تحرير منطقة كوكجلي والتي تعد مفتاح مدينة الموصل من المحور الشرقي وتمكنت أيضا من تحرير منطقة الشلالات والوصول بسرعة كبيرة جدا إلى مبنى تلفزيون الموصل (حكومي - لا يعمل حاليا) وسط انهيار تام لمعنويات "داعش".

تصاعد وتيرة الأحداث الأمنية في الموصل ألقى بظلاله على الوضع الإنساني والصحي والمعيشي في المدينة على نحو واسع، وجعل السكان في حيرة من أمرهم بعد أن أصبحوا تحت مرمى النيران المتبادلة بين "داعش" والقوات المهاجمة.

"الأناضول" نجحت في إجراء اتصالات عبر خدمة "سكايب" والهاتف المحمول الذي يعمل بصعوبة في بعض الأحياء الشرقية القريبة من تغطية شبكات الإقليم الكردي بالعراق، والتحدث مع بعض المدنيين في الموصل من أجل الوقوف على حقيقة الأوضاع داخل المدينة.

"أبو أحمد" صاحب متجر، قال في حديث هاتفي، إن أسعار المواد الغذائية لاسيما تلك القابلة للتخزين قد ارتفعت إلى الضعف في اليوم الأول من دخول القوات إلى الحدود الإدارية للمدينة.

وفي حديثه للأناضول، أشار إلى أن الأهالي بدأوا بالإقبال الكثيف على الأسواق من أجل شراء ما يمكن تخزينه لفترة أطول، وهو ما تسبب بنفاد أغلب المواد الأساسية، والآن من الصعب استيرادها كون جميع الطرق قد أغلقت.

وأضاف أبو أحمد، أن "سكان الموصل يخشون من أن يستغرق حسم معركة التحرير وقتاً طويلاً الأمر الذي دفعهم إلى شراء المواد الغذائية وتخزينها، كذلك تخزين الماء الصالح للشرب".

استمرار انقطاع التيار الكهربائي عن أغلب أحياء الموصل وتذبذب خدمة المياه وعدم وصولها إلى المنازل بنحو منتظم، كانت أبرز شكاوى "أبو عمر" أحد سكان "حي الساعة"، وسط المدينة، بعد أن نجحت الأناضول في تأمين اتصال معه استمر عبر أحد شبكات الاتصال المحلية لثلاث دقائق وبضع ثواني فقط.

وتحدث "أبو عمر" عن صعوبة العيش في هذه الفترة بالذات داخل الموصل مع أزمات الكهرباء والماء والإنترنت والاتصالات، مع ترقب المصير المجهول، مشيرا إلى أن الجميع داخل المدينة من أقصى شمالها إلى جنوبها ومن شرقها لغربها يريد طي هذه الصفحة والبدء بأخرى جديدة عسى أن تكون أفضل.

ويلتزم معظم أهالي الموصل منازلهم، ولا يتجمعون في أي مكان خوفا من احتجازهم من قبل "داعش" وإجبارهم على المشاركة في المعارك ضد القوات العراقية، بحسب "أبوعمر".

وبعيدا عن الأزمات الحياتية، تحدث "أحمد أبو هاجر" للأناضول، عن الأوضاع الأمنية في المدينة قائلا إن "معنويات تنظيم داعش انهارت بشكل تام والقضاء عليه لم يعد سوى مسألة وقت".

و"أبو هاجر" هو أحد المنتسبين السابقين في شرطة نينوى المحلية ولا يزال داخل الموصل بعد أن أعلن ما وصفها بـ"التوبة الشكلية" للخلاص من عقوبة القتل التي كان التنظيم يفرضها على الرافضين لإعلان "التوبة" عن عملهم في القوات الأمنية.

ووفق "أبوهاجر"، فإن الملقب بـ"أبي جهاد الجزائري" والمدعو "حذيفة عذاري الأذربيجاني" يشرفان على ما يسمى بكتيبة "طارق بن زياد" التابعة للتنظيم وعدد أفرادها 60 قناصا يتمركزون في شقق سكنية في حيي "الكرامة" و"الخضراء" بالجانب الأيسر من الموصل ومهمتهم التصدي للقوات العسكرية العراقية.

وقال إن "هناك نفقا لتنظيم داعش قرب مقر الإذاعة والتلفزيون الحكومي (تلفزيون الموصل) يتواجد فيه عناصر انتحاريين من التنظيم ومعهم صواريخ"، بالإضافة إلى أنفاق أخرى مفخخة يخطط التنظيم لاستخدامها ضد القوات العراقية.

وعن الأوضاع الأمنية أيضا، قال المحلل السياسي والأكاديمي العراقي "مقداد الربيعي"، إن "داعش في الموصل يقاتل على الوقت (يراهن على عامل الوقت) وليس الأرض".

ورأى الربيعي في تصريح للأناضول، إن التنظيم اليوم ليس كما في يونيو/حزيران 2014(تاريخ سيطرته على المدينة)، وأن القوات المسلحة العراقية هي الأخرى ليست كما كانت سابقا، لافتا إلى أن "كل المعطيات على أرض الواقع تشير إلى أن تحرير الموصل قد لا يستغرق أياما طويلة".

ووفق الربيعي، "يعتمد سكان الموصل في مواردهم المالية على رواتب المتقاعدين فقط التي هي سارية المفعول حتى الآن بسبب صرفها عبر ماكينات الصرف الآلي، أما رواتب الموظفين فأوقفتها الحكومة العراقية منذ أكثر من عام ونصف العام، عن المناطق التي تخضع لسيطرة داعش، بينما يعيشون على المهن الحرة والبيع والشراء وبعض المبالغ التي يرسلها لهم أقاربهم من الخارج".

وانطلقت فجر يوم 17 أكتوبر/تشرين أول الماضي، معركة استعادة الموصل، بمشاركة 45 ألفاً من القوات التابعة لحكومة بغداد، سواء من الجيش، أو الشرطة، مدعومين بالحشد الشعبي (مليشيات شيعية موالية للحكومة)، وحرس نينوى (سني)، إلى جانب "البيشمركة "(قوات الإقليم الكردي).

وتحظى الحملة العسكرية بغطاء جوي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

وتسود المخاوف على مصير نحو 1.5 مليون شخص لا يزالون داخل مدينة الموصل، وسط توقعات من الأمم المتحدة بفرار ما يصل إلى مليون شخص، وكذلك استخدام تنظيم "داعش" للمدنيين كدروع بشرية.

وفي تصريحات للأناضول، قال وكيل وزارة الهجرة والمهجرين العراقية جاسم العطية، الأربعاء، إن مخيمات النازحين التي أنشئت قرب مدينة الموصل استقبلت منذ انطلاق العمليات العسكرية لتحرير المدينة في 17 من الشهر الماضي وحتى الأربعاء 16 ألف نازح بينهم نساء وأطفال.


الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.