هجرة الأطباء والمهندسين التونسيين.. أسباب وحلول (تحليل)
ـ رئيس نقابة المهندسين التونسيين كمال سحنون: 6.5 آلاف مهندس هاجروا خلال 2022، ودول أوروبا خاصة فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا هي الوجهات المفضلة

Tunisia
تونس / عادل الثابتي / الأناضول
ـ رئيس نقابة المهندسين التونسيين كمال سحنون: 6.5 آلاف مهندس هاجروا خلال 2022، ودول أوروبا خاصة فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا هي الوجهات المفضلةـ رئيسة نقابة الأطباء التونسيين ريم غشان: منذ 2022 إلى اليوم غادر 3000 طبيب، و80 بالمئة من الأطباء في الخارج عبروا عن إرادتهم في العودة إذا تم الإصلاح
ـ رئيس المنظمة التونسية للأطباء الشبان وجيه ذُكَّار: الحل تحسين أجور الأطباء وظروف العمل وإقناعهم بالعودة وتجاوز شرط الانتماء لنقابة بلد واحد الذي تفرضه تونس
أعرب مسؤولون في نقابتي الطب والهندسة بتونس عن قلقهم من ارتفاع متزايد في عدد الكوادر التي تختار الهجرة إلى الخارج، مع تفاؤلهم بالتوصل إلى حل لهذه المعضلة التي تمثل خطرا على الخدمات بالقطاعين لتنمية البلاد.
وتعد الأجور الضعيفة أحد أبرز أسباب هجرة المهندسين والأطباء التونسيين، فيما تمثل أوروبا وخاصة فرنسا وألمانيا وبريطانيا والنمسا وإيطاليا والبرتغال، أهم الوجهات لهم.
** هجرة بالآلاف
كمال سحنون، رئيس عمادة المهندسين التونسيين (نقيب) قال للأناضول: "هناك هجرة كبيرة للمهندسين التونسيين وتضاعفت في السنوات الأخيرة ووصلت إلى عدد 6.5 آلاف مهندس هاجروا خلال عام 2022".
وأضاف: "أما أسباب الهجرة فهي أن الدول الضعيفة اقتصاديا مثل تونس، لا تلقى كفاءاتها العناية الضرورية ومواردها المالية ضعيفة، وتطور الحياة المهنية ضعيف، ولهذا يسافر المهندسون عند أول فرصة يحصلون عليها".
وأوضح أن "المهندس التونسي مطلوب في الخارج كثيرا، فتكوين المهندسين في تونس جيد ومعترف بها عالميا، فالمدارس العمومية للهندسة وجزء من الخاصة، لها اعتماد دولي، وهذا دليل أن التكوين التونسي جيد رغم النقائص".
المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية التابع لرئاسة الجمهورية، أكد في إحصائيات نشرها في يوليو/ تموز الماضي أن 39 ألفا من المهندسين غادروا البلاد بين 2015 و2020.
وأشار المعهد إلى أن 3 آلاف مهندس يغادرون البلاد سنويا، فيما بلغ عدد المهاجرين في 2022 نحو 6.5 آلاف مهندس.
** أوروبا أولا
وعن وجهاتهم المفضلة، قال سحنون إن المهندسين التونسيين يهاجرون إلى أوروبا بكافة دولها، فرنسا وألمانيا وبريطانيا والنمسا وإيطاليا، والبرتغال مؤخرا.
وزاد: "إضافة إلى أوروبا، يهاجر المهندسون التونسيون إلى دول الخليج وأمريكا الشمالية؛ كندا والولايات المتحدة".
وبين أن المهندسين يقصدون مؤخرا وجهة جديدة وهي دول إفريقيا، حيث تختلف فيها الاحتياجات من بلد إلى آخر، فهناك بلدان ترغب في الهندسة المدنية والكهربائية والميكانيكية، بينما تركز أخرى على التكنولوجيات الحديثة والإعلامية.
** حلول لمواجهة الهجرة
وقال سحنون: "رئاسة الجمهورية عن طريق المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية أصدرت دراسة في يوليو 2024 حول هجرة المهندسين تحث فيها الدولة على عدة إجراءات لمواجهة هجرة المهندسين".
وتتمثل تلك الإجراءات في "دعم المهندسين ماليا ومهنيا أولا. وتطوير تدريب المهندسين لتحسين الانتاجية ثانيا. وثالثا، تشمل الإجراءات تحسين مناخ الاستثمار ليتمكن المهندسون من إنشاء مؤسسات خاصة لخلق الثروة وتشغيل الناس".
وأكد سحنون أهمية أن تسعى تونس لتصدير المنتجات والخدمات "عوضا عن تصدير المهندسين".
** هجرة الأطباء
هجرة الأطباء ليست أقل نسق من هجرة المهندسين، حيث تقول ريم غشام، رئيسة عمادة الأطباء التونسيين (نقابة)، إن هناك دراسة بشأن هذا الموضوع أنجزها المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية في مارس/ آذار 2024.
وأظهرت الدراسة إمكانية عودة المهاجرين "إذا أصلحنا بعض المسائل في المنظومة" الداخلية في تونس.
وأضافت غشام للأناضول: "80 بالمئة من الأطباء التونسيين في الخارج عبروا عن إرادتهم في العودة، إذا تم الإصلاح. وبين 2017 و2021 هاجر نحو 3300 طبيب".
وتابعت: "منذ 2022 إلى اليوم، غادر 3000 طبيب آخرين، وكل سنة يهاجر نحو ألف طبيب، منهم أطباء تخرجوا حديثا وأطباء متخرجون منذ سنوات ويعملون في القطاع العام والخاص".
وأوضحت أن أطباء تراوح أعمارهم بين 50 و60 سنة قرروا المغادرة إلى دول عربية بحثا عن أجور مجزية.
وقالت غشام: "هناك أشياء لا تقال هو أن المعاشات في تونس ليست هي نفسها في الخارج. والأطباء يفكرون في مستقبل أبنائهم ويريدون تدريس أبنائهم في الخارج في المراحل العليا".
وأضافت: "في المغرب تقلص عدد الأطباء المغادرين إلى الخارج لأنهم ضاعفوا المعاشات، وهناك أطباء تونسيون يذهبون الآن إلى المغرب".
** أجور ضعيفة
وجيه ذُكَّار، رئيس المنظمة التونسية للأطباء الشبان (مستقلة)، أكد أن "عددا كبيرا من الأطباء الشبان يغادرون قبل بداية الحياة المهنية في تونس، ورغم أنهم لم ينهوا آخر سنة في الاختصاص الطبي، يغادرون مباشرة إلى ألمانيا وفرنسا".
وأضاف للأناضول: "هذا نتيجة معادلة غير متكافئة في مستوى الحياة بين ما كان الأطباء ينتظرونه، وما يتحصلون عليه من أجور، فهم يعتبرون أنهم يستحقون أكثر من ذلك بعد الجهود الكبيرة التي بذلوها في التحصيل العلمي".
وتابع ذُكَّار: "الطبيب الداخلي يتلقى أجرا بـ1300 دينار (419.3 دولارا)، وبعد 5 سنوات اختصاص يتحصل على 1850 دينارا (596.7 دولارا) شهريا".
وأشار إلى أن "أجور الساعات الإضافية بين 1 و3 دنانير (0.32 و0.96 دولار)، وهناك 23 مستشفى من أصل 46 لا تدفع مقابلا ماليا للساعات الإضافية، وعندئذ نفهم سبب الهجرة الكثيفة للأطباء".
ووفق ذُكَّار: "يتسبب اختلال التوازن بين الجهد المبذول والأجر المقبوض وظروف العمل في المستشفيات وغياب الحماية الأمنية في رغبة كبيرة في هجرة الأطباء".
وزاد: "في فرنسا، تضاعف عدد الأطباء المهاجرين الذين تنتدبهم من عام 2019 إلى الآن، حيث تم استقطاب 80 طبيبا لقسم الطوارئ عام 2019، وفي 2023 تم استقطاب 160 طبيبا، وفي العام الجاري استقطبت فرنسا 250 طبيبا بنسبة 50 بالمئة من الأطباء الناجحين التونسيين".
** حلول مقترحة
وقال ذُكَّار: "الأطباء الشبان يقترحون حلولا للحد من هجرة الأطباء، تتمثل في محورين؛ الأول هو تحسين الأجور وظروف العمل".
أما المحور الثاني، وفق ذُكَّار، فهو "إقناع الأطباء في الخارج بالعودة إلى تونس، وتجاوز شرط الانتماء لنقابة بلد واحد الذي تفرضه تونس".
وأضاف: "نقترح الهجرة الدائرية، أي أن الطبيب يسجل في عمادة الأطباء في تونس ويمكن أن يمارس الطب في بلد آخر لوقت معين في العام".
وبحسب ذُكَّار: "75 بالمئة من الأطباء في الخارج عبروا عن رغبتهم في العودة بانتماء مشترك بين عمادتين في تونس وفي الخارج، ونقترح أن يعملوا في تونس مع الحفاظ على الحق في العمل في الخارج لمدة 3 أشهر، وهذا يكون محل تفاوض بين تونس ودول أخرى".
وأشار رئيس المنظمة إلى "إشكالية معادلة شهادات الاختصاص من الخارج وقبولها في تونس، حيث يوجد رؤساء أقسام طبية في الخارج، ولكن عند العودة بعد 20 سنة خبرة، يفرض عليهم قانون معادلة الشهادات لعام 2023 العودة للعمل كمتدربين لمدة سنتين يتحصلون خلالها على 1300 دينار، وهذا لا يمكن أن يقبله أحد".
وأوضح ذُكَّار أن هناك بوادر وصول إلى حل لهذه الإشكالية مع وزير الصحة الجديد مصطفى الفرجاني، دون الخوض في تفاصيل ذلك.
** تفاؤل بعودة المهاجرين
رئيسة عمادة الأطباء التونسيين قالت إنها "متفائلة بأن الأطباء الذين غادروا سيعودون ولن يمكثوا في الخارج دائما".
وأضافت: "فخر كبير لنا أن أطباءنا في كل بلدان العالم، فهم سفراء جيدون لتونس، ولن يبقوا هناك لو كانت لهم أجور جيدة ببلدهم".
وأكدت غشام أنه "ليس من السهل البقاء في دولة غريبة عنك، خاصة بعد الحرب في فلسطين، حيث يتعرض الأطباء لمضايقات نظرا لتصاعد العداء ضد العرب".
وقالت: "الأطباء التونسيون في الخارج ضد ما حصل في فلسطين (من إبادة)، ولكن لا يمكنهم التعبير عن ذلك في البلدان الأوربية".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.