خبراء: مقاومة الضفة حاضرة وتتوارثها الأجيال وإبادة غزة تحفزها (تقرير)
- رئيس "مركز القدس للدراسات" أحمد رفيق عوض: موجات من المد والجزر تهد الضفة لكن المقاومة مستمرة
Ramallah
رام الله/ قيس أبو سمرة/ الأناضول
- رئيس "مركز القدس للدراسات" أحمد رفيق عوض: موجات من المد والجزر تهد الضفة لكن المقاومة مستمرة- الخبير أحمد أبو الهيجا: جيل الشاب لا يمكن أن يقتنع بالتخلي عن "المقاومة" المسلحة بينما يشاهد القتل والتدمير
- مدير مركز يبوس للدارسات الاستراتيجية سليمان بشارات: امتداد الوجود "المقاوم" بالضفة سيبقى حاضرا ما بقي الاحتلال وممارسات المستوطنين
يقول خبراء فلسطينيون، إن الجيش الإسرائيلي ورغم تنفيذه عمليات عسكرية بين الحين والآخر في الضفة الغربية وتحديدا في شمالها غير قادر على التخلص من المقاومة الفلسطينية رغم إلحاقه ضررا كبيرا في بنيتها وحاضنتها الشعبية.
وأرجع الخبراء ذلك إلى أن "الحالة النضالية في الضفة الغربية ولاّدة وكل جيل يخلف بعده أجيال تسير على ذات الطريق ما دام الاحتلال باق".
ومنذ ما قبل "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية في الضفة الغربية وتحديدا في مخيمات جنين وطولكرم وطوباس ونابلس.
وعملية "طوفان الأقصى" نفذتها حركة "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى استهدفت خلالها قواعد عسكرية ومستوطنات بمحاذاة قطاع غزة ردا على "جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى"، بحسب الحركة.
وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، حرب إبادة جماعية على غزة خلفت نحو 146 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وبالتوازي مع الإبادة الجماعية في غزة وسع الجيش الإسرائيلي عملياته في الضفة، كما زاد المستوطنون اعتداءاتهم ما أسفر عن 772 قتيلا ونحو 6 آلاف و 300 جريح، و11 ألفا و600 حالة اعتقال، وفق معطيات رسمية فلسطينية.
وتواصل تل أبيب هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
** حالة متواصلة
وقال رئيس "مركز القدس للدراسات" أحمد رفيق عوض للأناضول، إن "حالة المقاومة في الضفة الغربية لم تتوقف منذ احتلالها عام 1967".
وأضاف: "موجات من المد والجزر تهد الضفة لكن المقاومة مستمرة، ولم تستطع كل القوانين الإسرائيلية والقمع والاقتحامات إنهاء هذه الحالة".
وأرجع عوض ذلك بالقول: "السبب هو أن الاحتلال موجود، وقد عايشه جيلان كل منهما قاوم ويقاوم ولكن الاحتلال يعتقد أن القوة تأتي بنتائج تطوع وتركع السكان، لذلك اتخذ كل أشكال القمع من إبعاد وقتل وهدم منازل وغيرها دون فائدة".
ويرى عوض إن إسرائيل ومنذ 7 أكتوبر 2023 "حاولت أن تستبق الأحداث والمقاومة وشنت عمليات عسكرية كبيرة شهد مخيمي طولكرم وجنين والفارعة شمال الضفة ولكنها لم تنجح".
وقال: "ضربت إسرائيل الحاضنة الشعبية ودمرت البنى التحتية للمخيمات وهدمت منازل فلسطينية وفرضت سياسة العقاب الجماعي ورغم ذلك المقاومة مستمرة والاحتلال فشل في تقويض العمل المقاوم وفشل في إخضاعها وكسرها".
ولفت الخبير الفلسطيني، إلى أن "ساحة الضفة الغربية وعلى المدى القريب ستبقى مشتعلة عبر مواجهات مسلحة وتنفيذ عمليات عسكرية واحتجاجات ومظاهرات وغيرها رفضا لسياسات الاحتلال والاستيطان التوسعي وحالة القتل والإبادة في قطاع غزة ولبنان".
** متجددة رغم الضرر
الخبير الفلسطيني أحمد أبو الهيجا قال للأناضول، إن "إسرائيل فشلت على مر عقود بكسر المقاومة الفلسطينية، غير أنها ألحقت بها ضررا كبيرا من خلال ملاحقة الخلايا العسكرية وقتل نشطائها واعتقال آخرين".
ويرى أن الجيل الشاب "لا يمكن أن يقتنع بالتخلي عن المقاومة المسلحة بينما يشاهد القتل والتدمير اليومي ومجازر ترتكب في كل ساعة".
وقال أبو الهيجا: "عبر التاريخ الحل العسكري والقتل لم يكن يوما يؤدي إلى حل فعلي، القتل قد يؤدي إلى هدوء مؤقت، لكن الأوضاع تنفجر من جديد لأن أسباب الصراع مازالت موجودة، وما جرى في السابق ولم يأتِ بنتائج لن يأتي اليوم بنتائج. هذه معادلة لم تفهمها إسرائيل".
وأضاف: "اليوم تشن إسرائيل حربا متعددة الجبهات، والشباب المقاوم في الضفة يرى أن هناك قتال في غزة ولبنان وإسناد من بعض الأطراف العربية وعمليات من الداخل المحتل (إسرائيل) ومن الطبيعي أن يرى بأن دوره في الصراع يجب أن يكون حاضرا".
ولفت أبو الهيجا إلى أن "نمط تفكير الشباب بعد طوفان الأقصى ليس كما قبله، ويرى أن هناك إقبال كبير على المقاومة والعمل المسلح".
في المقابل يقول إن العمليات العسكرية الإسرائيلية "ألحقت ضررا كبيرا في المقاومة بالضفة الغربية ولكن الحالة ولاّدة وكل جيل يأتي بعده جيل آخر يحمل السلاح وبصورة سريعة ولافتة ترى أن هناك تعويضا في الجماعات المسلحة".
ويرى أبو الهيجا أيضا أن "فصائل المقاومة الفلسطينية لديها إصرار على أن تبقى الضفة مشاركة ومساندة لعزة وأن تبقى فيها ظاهرة متجددة وتتطور".
ولفت إلى أن "الحالة تبقى في مراوحة تصعد في حين وتهدأ في حين آخر، لكنها حالة استنزاف مستمرة، عمليات فردية وأخرى جماعات وكلها ترهق الاحتلال وتسبب له كابوسا".
ولا يرى أبو الهيجا أن الحالة "ستهدأ قريبا في الضفة وحتى لو انتهت الحرب على غزة".
**امتداد لحالة نضالية مستمرة
مدير مركز يبوس للدارسات الاستراتيجية سليمان بشارات قال للأناضول، إن "حالة المقاومة الفلسطينية بالضفة الغربية هي امتداد لحالة نضالية فلسطينية مستمرة ومتواصلة منذ الاحتلال الإسرائيلي في أعقاب نكسة عام 1967 (احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة)، وربما قبل ذلك".
وأضاف: "إذا ما ربطنا أيضا العمل النضالي بالضفة بالبعد الزماني المرتبط بتطورات الحرب على غزة في العامين اللذين سبقاها كان هناك حضورا للمقاومة بالضفة بأشكال مختلفة متعددة، ونفذ الاحتلال عمليات اغتيال متعددة لمقاومين بالضفة وبرزت ظاهرة المجموعات المسلحة التي أطلق عليها الكتائب أمثال كتيبة جنين وعرين الأسود في نابلس (شمال) وغيرهما".
وأردف بشارات "حتى وإن توقفت الحرب على غزة فامتداد الوجود المقاوم بالضفة سيبقى حاضرا ما بقي الاحتلال وممارسات المستوطنين، ربما تخفت حالة المقاومة بالضفة في مراحل وترتفع في مراحل مختلفة انطلاقا من الاحتياج وقياسا على مستوى الاعتداءات التي يقوم بها الاحتلال".
وتابع: "العمل المقاوم غير مرتبط برد فعل، أو سمات خاصة بقدر ما أنه يعبر عن هوية حالة نضالية فلسطينية مستمرة، وهذه واحدة من أكبر التحديات أمام الاحتلال الذي لا يستطيع بسببها القضاء على نهج المقاومة باعتباره جزء من الهوية الجمعية الفلسطينية".
وقال بشارات إن تلك الحالة "ليست مرتبطة بتنظيمات أو تيارات أو أحزاب أو أشخاص وإنما انعكاس لهوية أيدلوجية مرتبطة بوجود الاحتلال والسعي إلى التحرر منه".
وخلص بالقول "ربما تكون الحرب على غزة من منطلق النموذج الملهم، رافعة لتحريك العمل النضالي في الضفة، وربما حجم المجازر وعمليات الإبادة التي يقوم بها الاحتلال بغزة تشكل أيضا دافعا إضافية من باب المسؤولية الوطنية لمشاركة الهم الفلسطيني".
وأضاف بشارات: "في ظل ارتفاع مستوى الاعتداءات الإسرائيلية وحالة التضييق وغياب الأفق السياسي وتعزيز الانتهاكات بحق المسجد الأقصى يمكن أن تشكل كل هذه المعطيات دافعا لتصاعدية العمل المقاوم بالضفة في المرحلة المقبلة".
وتابع: "ربما يفتح المجال أمام اتساع الحالة النضالية العامة وانخراط فئات متعددة بالمقاومة خصوصا إذا ما أخذنا بالاعتبار أنه في الأعوام الماضية باتت هوية العمل المقاوم لا تقوم على الامتدادات الحزبية وإنما على الانخراط المباشر الذي يتخطى مفاهيم الانتماء الحزبي".